يوليو 23, 2018
محمد صادق الحسيني
هلسنكي ليست لندن أو باريس بعد الحرب العالمية الأولى،كما أنها ليست يالطا بعد الحرب العالمية الثانية…!
وبوتين وترامب ليسا سايكس وبيكو بعد الحرب الأولى، ولا ستالين وروزفلت بعد الثانية حتى يتقاسما فيها الغنائم.
فما حصل هناك هو تقاسم المنتصرين الغنائم وقطاف النصر في ما بينهم، في حين أنّ ما حصل في هلسنكي هو اجتماع المنتصرين بالوكالة مع المهزوم بالأصالة…
انتبهوا جيداً يا مَن تذهبون بعيداً ضحية تشويش الإعلام الصهيوني العالمي. فالحرب الكونية على سورية تقارب من نهاياتها بربح أكيد لمحورنا الحرب استراتيجياً وحليفنا الروسي تباعاً، وخسارة عدوّنا الإسرائيلي الحرب استراتيجياً وسيده الأميركي تباعاً…!
فهل من المعقول أن يقاسم المنتصر أرباحه مع المهزوم او يقدّم جوائز ترضية له!؟
قطعاً لا…
جلّ ما حصل قبل هلسنكي وأثناءها وبعدها هو سكوت القيصر الروسي على بعض مزاعم ترامب وربيبته «إسرائيل» على ما يزعمونه من تفاهمات عامة روسية غربية بينها إسرائيلية بغرض تنفيس احتقاناتهم بانتظار استكمال محور المقاومة حزمة الانتصارات المتبقية…!
تابعوا تصريحات سفراء القيصر في كلّ من دمشق وطهران وبغداد عقب تصريح سفيره في تل أبيب، حيث نسفوا كلّ ما قاله الأخير عن مثل هذه التفاهمات…!
ومع ذلك… ولأنّ الزعيم فلاديمير بوتين وهو رئيس الـ «كي جي بي» السوفياتي في ألمانيا الشرقية سابقاً، أيّ المسؤول الأول عن جبهة الحرب المتقدّمة لحلف وارسو بوجه حلف الاطلنطي، يعرف تماماً كيف يروّض الفيل الأميركي الطموح والجامح من أجل إعادة بعض الدور وبعض ماء الوجه لأميركا المكسورة والمهشّمة الصورة على صخور الجبال السورية…!
فكان أن اقترح على ترامب رشوة تسعفه في التغلب على خصومه الداخليين من بقايا الدولة العميقة عندما اقترح عليه تقاسم سوق النفط والغاز الأوروبي بأموال خليجية سعودية بالأساس لتمويل 11 مصنع تسييل الغاز الأميركي ليتمكن من بيع ذهبه الأسود والأزرق في السوق الأوروبية، إضافة إلى السكوت على صفقة القرن بانتظار قيام محور المقاومة بزعزعتها ميدانياً .
ومن لديه شكّ في ذلك، فليستمع الى الرئيس محمود عباس ويسأله عما دار بينه وبين بوتين، وما أسرّ اليه في خلوتهما في رحلته الأخيرة لموسكو؟
في هذه الأثناء قدّم القيصر الرشوة كذلك للفرنسيين من خلال التوسط لهم لدى دمشق بأن يقدّم الروسي نفسه جسراً جوياً لمساعدتهم الإنسانية، ومعهم أوروبا، في مقدمة للعودة التدريجية الى سورية. وبالتتابع إغراء الأردن والسعودية وملحقاتها بخطة تسهيل عودة اللاجئين السوريين، فيما ترك الباب مفتوحاً لمن يريد الالتحاق بالفريق المنتصر او ركوب زورق الغالبين…!
إنّ فلاديمير بوتين لا يستطيع حتى لو أراد أن يتقاسم النصر مع ترامب أن يفعل ذلك، لأنه لا يزال في حالة حرب معه في إدلب، إذ لا يزال نحو 25 ألف إرهابي من جمهوريات بلاده ينشطون هناك تحت إشراف ثعلب الناتو أردوغان. وما أدراك ما أردوغان؟
هذا غير حاجته الملحّة والماسّة لحليفه الإيراني ومعه لكلّ أعضاء جبهة المقاومة التي لم تنته بعد من تحقيق كافة أهدافها الاستراتيجية والتي من أهمّها إخراج أميركا من غرب آسيا والبحر المتوسط بشكل أخصّ…!
الحرب العالمية الثالثة لم تصل الى نهاياتها بعدُ إذن، ويوم تصل الى نهاياتها، فإنّ الصفقة عندها فقط ستعقد فعلاً، ولكن بين أعضاء حلف المنتصرين، ونحن في محور المقاومة سنكون على رأس القائمة، ويومها فقط نعقد صفقة مع موسكو نعيد فيها كتابة التاريخ ونغيّر أقدار الجغرافيا السياسية والطبيعية.
أما اجتماعات مَن يمثلنا في النصر مع رمز المهزومين العالمي، فسيكون هذه المرة لإبلاغه بشروط الإذعان بالهزيمة ويومها كما في هلسنكي لن يكون للمهزوم سوى خيار قبول شروط المنتصرين…
ومع ذلك… ولأنّ فلاديمير بوتين يعرف تماماً نوع الوجع الذي يلمّ بالرئيس ترامب، وأنه يريد العودة من ساحة الهزيمة إلى الداخل الأميركي منتصراً على رأسمالية المضاربات المالية بالنفط والسلاح، وهذا يتطلّب منح ترامب فرصة جمع المزيد من المال من حلفائه وأذنابه الذين حمتهم أميركا لعقود، ليضخه الى أسواق الداخل الأميركي لتنشيط المصانع وما يسمّونه بالرأسمالية المنتجة، وهو ما لخصه ترامب بشعاره الانتخابي الشهير أميركا أولاً…!
هنا يدخل القيصر على خط الصراع الداخلي الأميركي كما دخل مبكراً على بورصة الانتخابات الأميركية، بقوة فيقدّم لترامب حبل النجاة والهروب بجلده من سورية وحتى العراق، بل وكلّ منطقة آسيا الغربية، وصولاً حتى إلى الشرق الأدنى كوريا ، وذلك تحت شعار:
إذا أردت تحقيق حلمك، أميركا أولاً، فعليك يا سيد ترامب أن تفعل بخطة سورية أولاً، أيّ غادر سورية بأسرع ما يمكن، لأنه سبيل خلاصك وتحرّرك من المستنقع الذي تركته لك الدولة العميقة أو ورثته منها، والذي من دون مغادرته لن تستطيع الانتصار عليهم في الداخل، بل إنك ستغرق في طوفان الخارج الذي يدبّره لك من باتوا ينتظرونك على خوضه على أحرّ من الجمر…!
أما التابع «الإسرائيلي» وصاحب شركة الأسطول الأميركي على اليابسة الفلسطينية، فلن يجني من الرشوة الروسية لترامب إلا بعض عظامها. وهي سكوت الروسي المؤقت على صفقة القرن، في الوقت الذي خذله في أهمّ مطالبه الملحة ألا وهي إخراج إيران وحزب الله من سورية، أو من الجنوب السوري كحدّ أدنى، الأمر الذي ليس فقط لم يحصل، بل إنّ المستشار الإيراني والآخر من حزب الله صارا «ينوظران» عليه من على بعد أمتار من الجولان المحتلّ وصار الجنوب جنوبين…!
وفي هذا السياق علمت مصادرنا بأنّ أحد جنرالات الأركان «الإسرائيليين» قام بإطلاع نظير أوروبي له على جوهر ما دار في المكالمات الهاتفية بين بوتين ونتن ياهو، وكذلك بين ليبرمان وشويغو يوم 20/7/2018 والتي تناولت الوضع في سورية.
حيث أكد الإسرائيلي للأوروبي على ما يلي:
ـ فشل المحادثات الهاتفية في التوصل إلى أيّ نتيجة بخصوص الوجود الإيراني وحزب الله في سورية.
ـ أصبحت العلاقه «الإسرائيلية» الروسية تنحصر في نقطتين فقط. وهما: آلية التنسيق العسكري بين الجيشين بخصوص سورية.
عدم تدخل الروس في ايّ عمليات يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضدّ أهداف إيرانية في سورية حسب قول الجنرال الإسرائيلي طبعاً .
وتابع قائلاً لنظيره الأوروبي: خيبة أملنا كبيرة جداً من روسيا، حيث لم يلتزموا بوعودهم لنا بأن لا يسمحوا لإيران وحزب الله بالوصول الى حدود الجولان!
في طهران العام 1943 اجتمع كلٌّ من ستالين وروزفلت وتشرشل في إطار ما عُرف في ما بعد بقمة النصر، ايّ انتصار الحلفاء على دول المحور النازي الفاشي . وهو ما تأكد في ما بعد بنهاية النازية والفاشية واستسلامهما للحلفاء متبلوراً في قمة يالطا الشهيرة…!
بانتظار أن تمرّ قمة طهران الثلاثية المرتقبة بخير والتي يفترض أن تضع رقبة العثماني الجديد على مقصلة التفاهم الإيراني الروسي، تذهب العيون شاخصة الى قمة يحدّدها الميدان السوري بعد تحرير كامل الرقة وإدلب حتى تنضج قمة المنتصرين في دمشق، والتي يفترض أن تجمع بين القيصر والإمام أو مَنْ يمثله والرئيس العربي الوحيد المتبقي من أيام زمن الكبار العرب، عندها فقط يمكن الحديث عن صفقة او تفاهم للمنتصرين حول نوع الجغرافيا السياسية التي تنتظر العالم برسم الخط العربي الإسلامي.
الى حين ذلك الزمن اليقين تبقى اليد على الزناد والعيون الى القدس مشدودة.
بعدنا طيبين قولوا الله…
Related VideosRelated Articles
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment