غسطس 1, 2018
روزانا رمّال
كلّ شيءٍ عاد إلى المربع الأول بالنسبة للإسرائيليين الذين بات عليهم النظر إلى سورية وما يُحيطها من متغيّرات بعين أخرى. فهل تكون خطيئة «إسرائيل» الثانية بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000 على ما اعتبر جزء كبير من الإسرائيليين محمّلاً ايهود باراك حينذاك كوزير للدفاع مسؤولية تبعات تعاظم نفوذ حزب الله بعد التحرير؟
الخبر يكمن في إعلان الإعلام الحربي المركزي أي إعلام «حزب الله» العسكري أن « الجيش السوري أمّن كامل الحدود مع الجولان السوري انطلاقاً من الحدود اللبنانية قرب منطقة شبعا وصولاً الى قرية معرية الواقعة في زاوية الحدود مع الجولان والحدود الأردنية».. هذا الكلام الدقيق واضح بالنسبة للجهة الإسرائيلية التي كانت تبذل ما بوسعها لإبعاد هذه العودة وهذا المصير الذي لم يعُد يشبه ما قبل عام 2011 كما تروّج.
يقول مصدر عربي رفيع لـ «البناء» إن بنيامين نتنياهو طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارته بالاستحصال على ضمانة من الرئيس السوري بشار الأسد للعودة الى خط الحدود المعمول بها سابقاً والعودة معها الى الأسس نفسها التي حكمت الجبهة لسنوات كانت فيها هادئة وناجحة، إذا صح التعبير، إلا ان الرئيس الاسد لم يعطِ أي جواب بهذا الإطار حتى الساعة، ولا يوجد أي مؤشر يفيد بأن سورية تعتبر أن ما قبل 2011 مثل ما بعدها وأن الوضع في 2018 ممكن أن يعود الى اتفاقيات العقود الماضية التي كانت تحمل ظروفاً وأسساً مغايرة لظروف اليوم وكل شيء في سورية بالنسبة لـ»إسرائيل» بات معقداً فبين هدفها إبعاد الجيش السوري كأولوية صار الهدف إبعاد إيران ومن ثمة حزب الله. ومن بعدها الموافقة على وساطة روسية مع كل العلم أن روسيا لن تخدم الموقف الإسرائيلي دولياً بمثل ما يخدمه الأميركيون مهما كانت الوساطة الروسية حاضرة ومحافظة على المصالح الإسرائيلية. وكل هذا يعني خسائر إسرائيلية حدودية بالجملة.
تمركز حزب الله على الحدود السورية مع الأراضي المحتلة وأي شيء لا يمكنه ضمان عودته، خصوصاً اذا كان الصراع يتعلّق بتحرير أراضٍ عربية او إنشاء سلسلة متصلة من نقاط الارتكاز الحدودي لمحاصرة الجنود الإسرائيليين بالمعنى النفسي والوجودي. أحد نواب «حزب الله» نواف الموسوي صرح منذ أسبوع بحديث تلفزيوني أنه إذا قررت «إسرائيل» القضاء على ترسانة حزب الله، فإن هذا لا يؤثر على الحزب بتاتاً لأن له ترسانة في «مكان آخر» هذا المكان الآخر بالنسبة لأي متابع أو مراقب هو سورية.
قبل عام 2011 كانت الخطة الإسرائيلية القضاء على العلاقة الممتازة بين سورية وحزب الله عبر التخلص من النظام السوري وأخذ سورية نحو نظام جديد يلبّي تطلعّ «إسرائيل» التقسيمي للمنطقة. وبوجود الأسد كل هذا غير وارد نظراً لمفهومه بإدارة السلطة والبلاد ونظرته لـ»إسرائيل». أما اليوم فصار الحديث عن الخطيئة الثانية وهي دعم «الثوار» في سورية والسعي لقلب النظام أشد خطورة تُضاف الى إخفاقات «إسرائيل» الكبرى.
هذه الخطيئة تتمثل بفرض سوري رسمي لوجود حلفاء دمشق على الأرض السورية، كلما شعرت بأن هناك حاجة لذلك. والخطورة الثانية هي قناعة الرئيس السوري بنجاح تجربة المقاومة في سورية التي أسهمت بتعاون قدّمه خبراء حزب الله كأوائل المقاتلين في حروب «عصابات» للجيش السوري الذي أضاف اليوم إلى كتائبه نوعاً جديداً من العناصر المدرّبة غير الموجودة في الجيوش الكلاسيكية، أما ثالثاً فاتساع دائرة انتشار حزب الله والأمر لم يعد محصوراً بالحدود مع الجولان بعد أن قاتل في أقاصي الشمال والشرق السوري على مشارف الحدود التركية وصار لزاماً على التنسيق والتعاون بعد تحرير كامل الارض السورية من التطرف الاستمرار حتى إعادة رسم شكل العلاقة من جديد. فهل هو محور متصل مشترك المصير؟ هل هي مهمة وتنتهي لحزب الله في سورية؟ كل هذه الأسئلة غير واضحة الإجابات بالنسبة لـ»إسرائيل».
نتنياهو الذي يصفه كتاب «إسرائيل» بـ «كبير الحظ» والمعروف أنه لا يتورّط كغيره من المسؤولين الإسرائيليين جزافاً بحروب خوفاً على تراجع شعبيته وخسارته في الانتخابات، ارتكب بتأييده غزو سورية الخطيئة الثانية الكبرى التي وسّعت المخاطر على أمن الكيان الإسرائيلي وجعلته محاصراً من الجنوب اللبناني حتى الجنوب السوري وصار تطويق «إسرائيل» بالنسبة لحزب الله من أثبت الأمور وأعمقها. أما المشكلة الرئيسية فهي عدم تجاوب الرئيس السوري حتى الساعة بتقديم ضمانات حول تمركز القوات الأجنبية غير الجيش السوري على الحدود والقلق الإسرائيلي لا يزال مستمراً مع استنفار كبير يحول دون الدخول بالمفاوضات الجدّية الكبرى طالما أن أمن الحدود الإسرائيلية غير محصّن وطالما ان المستقبل يحمل المجهول.
المشكلة أن روسيا بدورها غير مقتنعة بسيرورة إخراج إيران من الحدود المقصودة. وسفيرها في فلسطين المحتلة أناتولي فيكتوروف يصرّح للقناة الإسرائيلية بكل صراحة أن «طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المتكرّر بضرورة إخراج القوات الإيرانية وحلفائها من سورية هو مطلب غير واقعي وأن الإيرانيين يقومون بدور مهم جداً جداً في إطار جهودنا المشتركة للقضاء على الإرهابيين في سورية. لذلك فإننا نعتبر في المرحلة الحالية أن الطلب الإسرائيلي بطرد القوات الأجنبية من سورية أمر غير واقعي»، مشيراً الى أن «الوجود الإيراني في سورية مشروع تماماً طبقاً لمبادئ الأمم المتحدة »… ورداً على سؤال حول إمكانية أن تقوم موسكو بطرد الإيرانيين من سورية، لفت إلى أنه «كلا. لا يمكننا أن نجبرهم على ذلك».
إنها خطيئة «إسرائيل» الثانية.. خطيئة العصر!
Related videos
Related Articles
- عملاء تل أبيب مهددون: قانون «آل كابوني» يحكم عشرات اللبنانيين في إسرائيل
- SYRIAN TROOPS UNCOVER ISRAELI-MADE UAVS IN AREA CAPTURED FROM ISIS IN WESTERN DARAA (PHOTOS)
- Syrian Army seizes Israeli-made weapons in former ISIS stronghold (photos)
- Syrian captures more than 200 terrorists alive in largest ISIS mass surrender (video)
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment