Wednesday 19 February 2020

القوميّون العرب يواجهون الإرهاب!









في ظلّ حالة من الإحباط واليأس مما يحدث داخل وطننا العربي منذ مطلع العام 2011 حيث هبّت رياح الربيع العربي المزعوم وبدلاً من أن تكون نسائم ربيعية لطيفة منعشة، وجدناها رياحاً خريفية محمّلة بالأتربة التي تزكم الأنوف، وشتاء قارص البرودة محمّلاً بالأمطار الثلجية والصواعق الرعدية المرعبة، وصيفاً شديد الحرارة تحرق نيرانه كلّ من يتعرّض لها، وخلال أيام قليلة من الأحداث كنا قد تكشفنا حقيقة المؤامرة التي تتعرّض لها أمتنا العربية، ونبّهنا وبحّ صوتنا بأنّ ما يحدث هو مؤامرة كبرى على أوطاننا بهدف تقسيمها وتفتيتها من جديد – بعد التقسيم والتفتيت الأول في مطلع القرن العشرين – ضمن مرحلة جديدة من مراحل المشروع الاستعماري الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية واصطلح على تسمية هذه المرحلة بـ «الشرق الأوسط الجديد».
وفي إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد قامت القوى الاستعمارية باستخدام آليات جديدة تماماً في العمل على تقسيم وتفتيت أوطاننا ومن بين هذه الآليات تطوير آلية العنف والتطرف والإرهاب التي هي بالأساس صناعة استعمارية غربية نشأت مع الاستعمار القديم في مطلع القرن العشرين حيث احتضنت بريطانيا القوى الاستعمارية الكبرى في ذلك الوقت التنظيمات الإرهابية الوليدة داخل مجتمعاتنا المحتلة ومنها جماعة الإخوان المسلمين، حيث قامت أجهزة الاستخبارات البريطانية بدعم حسن البنا وتنظيمه الذي خرجت من تحت عباءته كلّ التنظيمات الإرهابية الحديثة في ما بعد، وخلال العقود الأخيرة ومع تبلور مشروع الشرق الأوسط الجديد وجدت القوى الاستعمارية الجديدة متمثلة في الولايات المتحدة الأميركية الوريث الشرعي للاستعمار الغربي في ما بعد الحرب العالمية الثانية أنه يمكنها استثمار هذه التنظيمات الإرهابية لتقسيم وتفتيت مجتمعاتنا العربية من الداخل دون الحاجة للتدخل العسكري المباشر كما كان في الماضي خاصة بعد خسائرها الباهظة في أفغانستان والعراق حين قرّرت السير وفق المنهج القديم.
ومع مطلع العام 2011 كانت قد أعدّت العدّة وتمّ الاتفاق والتنسيق بين القوى الاستعمارية الغربية والتنظيمات الإرهابية لتعمل بالوكالة في تنفيذ أجندة المشروع التقسيمي والتفتيتي لمنطقتنا العربية باستخدام ورقة الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية، حيث أشعلت هذه التنظيمات الإرهابية النيران بالداخل ودارت الآلة الإعلامية الغربية الجهنمية الجبارة لتغسل أدمغة الرأي العام العالمي وإيهامه بأنّ هناك ثورات شعبيّة داخل هذه المجتمعات العربيّة ولا بدّ من دعم هؤلاء الثوار من أجل إسقاط الأنظمة الدكتاتوريّة وتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لشعوب هذه الأوطان، وتمكّنت الآلة الإعلاميّة الغربية ومعها الآلة الإعلامية العربية العميلة من خداع الرأي العام داخل مجتمعاتنا والأمر نفسه تمّ في الوقت الذي كانت القوى الاستعمارية الغربية تدعم وتجيش وتسلح الجماعات الإرهابية للاستيلاء على الحكم لتقوم بعد ذلك بعملية التقسيم والتفتيت التي تستهدفها في الأصل.
ورغم النجاح النسبيّ لمشروع الشرق الأوسط الجديد في مرحلته الأولى في مطلع العام 2011 حيث تمكن من إشعال النيران بالداخل العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية إلا أنّ هذا النجاح لم يتمكّن من الاستمرار طويلاً حيث تمكّن الجيش المصريّ من إحباط وإفشال المخطط عبر مواجهة شرسة مع الوكيل الإرهابي مما أجبر الأصيل الاستعماري الأميركي على التراجع مؤقتاً عن مشروعه في مصر، وفي الوقت ذاته كانت المواجهة الشرسة والمعركة الكبرى والحرب الكونية بين الجيش العربي السوري والوكيل الإرهابي على كامل الجغرافيا العربية السورية حيث نجح في إحباط وإفشال المخطط عبر معارك لا زالت مستمرة حتى اللحظة الراهنة في إدلب. واستطاعت سورية أن تقلب موازين القوى الدولية عبر تحالفها مع روسيا التي عادت من جديد كقوة عظمى بعد غياب عقدين كاملين عن الساحة الدولية كانت الولايات المتحدة الأميركية خلالها هي القطب الأوحد في العالم. ووقفت روسيا ولا زالت مع سورية في حربها ضدّ الإرهاب المدعوم أميركياً، لدرجة جعلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصرّح بأنه لن يترك معركة الإرهاب في سورية حتى لو وصلت الحرب إلى شوارع موسكو، وفي الوقت نفسه يصرّح وزير خارجيته سيرغي لافروف هذا الأسبوع أنّ القضاء على الإرهاب في إدلب آخر معاقل الوكيل الإرهابي على الأرض العربية السورية أمر حتمي، وهو ما سيجبر الأميركي عن التراجع مؤقتاً عن مشروعه في سورية.
وفي ظلّ محاولات جيوشنا الوطنية التصدّي للوكيل الإرهابي كان موقف النخب العربية مخزياً فهناك من قام بالانخراط في دعم الوكيل الإرهابي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبذلك أصبح في خندق الأصيل الاستعماري الذي يسعى لتقسيم وتفتيت مجتمعاتنا، وهناك من فضّل الانسحاب من المعركة ولزم الصمت سواء بوعي أو دون وعي وهو ما يصبّ في النهاية في صالح مشروع الوكيل والأصيل، وهناك من قرّر خوض المعركة إلى جانب وطنه وجيشه، وعلى الرغم من قلتهم إلا أنهم صمدوا صموداً أسطورياً، وفي ظلّ هذه الأجواء الكئيبة والمحبطة على مستوى النخب العربية يأتي من بعيد بصيص من الأمل عبر ضوء خافت في ظلام دامس، مجموعة من الشباب القومي العربي في المهجر يتحرّكون ويجوبون العالم شرقاً وغرباً في محاولة لتأسيس هيئة شعبية عالمية لمناهضة العنف والتطرف والإرهاب، لتكون صوتاً مدوياً مدافعاً عن أوطاننا داخل أروقة المنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية، ليقولوا للعالم أجمع أننا من وقف وتصدّى للإرهاب، ونحن مَن تآمر الغرب الاستعماري على أوطاننا عبر الوكيل الإرهابي لتستمرّ عمليات سرقة ونهب ثروات شعوبنا المغيبة عمداً مع سبق الإصرار والترصد، فلهم كلّ التقدير والاحترام. اللهم بلغت اللهم فاشهد.

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: