حراك إلكتروني سريع، جابه الأفكار المسمومة التي يصدّرها المسلسل، ودعا إلى مقاطعته، بما أنه يستخدم اللغة الدرامية، ويتكئ على المغالطات التاريخية، لإثارة التعاطف مع اليهود الذي يعودون إلى «أرضهم» (أي فلسطين) وفق سياق المسلسل! على رأس هذه الحملات «اتحرك» التي دعت إلى مقاطعة المسلسل، واعتباره مروّجاً «لإزالة الحاجز النفسي والعدائي» لدى العرب تجاه «إسرائيل»، من خلال الدعوة إلى التعايش معها. مع بدء حلقات المسلسل، ظهّرت أكثر فأكثر الرسائل التطبيعية والخادعة، خاصة في إخفاء أي ذكر لفلسطين، مقابل الاعتماد على الرواية الصهيونية في عودة الصهاينة إلى «إسرائيل». الجدل المثار حول المسلسل الخليجي، لم يقف عند حدود أخذ ورد عربي، بل دخل الإسرائيليون مباشرةً على الخطّ، والتقطوا الضجّة المثارة حوله، وراحوا يشيدون في إعلامهم بالعمل. وكذلك فعل المتحدّث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي.
«سعوديون ضد التطبيع» تصدّت للمسلسلين وعرّت مضامينهما
على مقلب مشابه، يسير بالتوازي مع «أم هارون» مسلسل آخر يندرج ضمن إطار الكوميديا: «مخرج 7» (تأليف خلف الحربي ــــ إخراج أوس الشرقي)، يتصدّر بطولته الممثل السعودي ناصر القصبي، ويقحم في حبكته، القضية الفلسطينية أيضاً. وفي بعض حواراته الذي انتشر أخيراً على السوشال ميديا، يجاهر المسلسل باعتبار أنّ «إسرائيل» ليست عدواً، متبنّياً للمرة الأولى خطاباً تطبيعياً واضحاً ومباشراً. في الحلقة الشهيرة للمسلسل، الذي يمثّل فيها القصبي دور الأب القلق على صداقة ابنه الصغير مع صبي إسرائيلي يتشارك معه الألعاب الإلكترونية، يدور حوار بين القصبي وبين الممثل راشد الشمراني. يشنّ الأخير هجوماً على الفلسطينيين، واصفاً إياهم بالأعداء، لأنهم «يهاجمون السعودية»، ومدّعياً أن المملكة «شنت حروباً» كرمى لفلسطين. لكن بحسب الشمراني، هؤلاء لم «يقدّروا» تضحيات السعودية، واعتبرهم «أسوأ من الإسرائيلي»! ويتابع الشمراني كلامه، جازماً: «إسرائيل موجودة عاجبكم أو مش عاجبكم»، ساخراً من الحديث عن نهاية «إسرائيل»، ومستخدماً خطاباً انبطاحياً استسلامياً يعتبر أننا لم نحقق شيئاً إلى يومنا هذا بخصوص القضية الفلسطينية، سوى «الكلام والجعجعة». المقطع تُرجم إلى العبرية، وعُرض على منصات الإعلام الإسرائيلي، وحظي بإشادة منه، بما فيها قناة 12 الصهيونية. إذ نقلت صفحة «سعوديون ضد التطبيع» قبل أيام هذه الإشادة واعتبار القناة الصهيونية في تقرير لها بأنّ المسلسل «ينقل رسائل إيجابية تجاه إسرائيل»، ويدعو إلى التعامل التجاري معها، ويصنف إسرائيل بأنها «ليست عدواً». وخلص تقرير القناة إلى توصيف ما حدث بأنه «تغيير جذري يتجاوز عتبة التطبيع». هكذا، بدا مسار واحد ومباشر يجمع الشبكة السعودية والإعلام الإسرائيلي، في ردّ مباشر والتقاط للغضبة العربية جراّء المضامين التي تخرج علناً للمرة الأولى درامياً. أمر حاولت التخفيف منه أو الاستخفاف به وسائل إعلامية سعودية، كصحيفة «الشرق الأوسط»، التي سمّت ما حدث بـ«فوبيا التطبيع» في محاولة لتسطيح ما يُعرض على الشبكة السعودية.
No comments:
Post a Comment