السبت 17 تشرين الأول 2020
توازياً مع استمرار المعارك بين أرمينيا وأذربيجان، بعد فشل الهدنة في وضع حدٍّ للاقتتال الدائر حول إقليم ناغورنو قره باغ الانفصالي، تبدو تركيا ميّالة إلى التصعيد ضدّ روسيا. وإن كانت الأخيرة لا تزال، منذ انطلاق جولة الاقتتال هذه، تحافظ على مسافة أمان مِن طرفَي الأزمة، فهيَ دشّنت، يوم أمس، مناورات عسكرية في بحر قزوين شمال باكو، تصرّ على أنها ليست موجّهة ضدّ أيّ طرفمنذ انطلاق جولة الاقتتال الأخيرة بين أرمينيا وأذربيجان في السابع والعشرين من الشهر الماضي، سعّرت أنقرة، باصطفافها إلى جانب باكو، الحرب الدائرة بين الجارتَين للسيطرة على إقليم ناغورنو قره باغ، في ظلّ مواقف دولية جديدة بدأت تتكشّف، وتشير إلى تصعيد تركي – روسي متضادّ، لاقته الولايات المتحدة على الطرف الآخر، حين انتقدت دور حليفتها الأطلسية في هذا الصراع، آملةً أن تتمكّن أرمينيا من «الدفاع عن نفسها» في وجه جارتها الأذربيجانية.
ومع استمرار المعارك بين القوات الأرمينية والأذربيجانية، بعد أسبوع مِن توقيع وزيرَي خارجية البلدين اتفاق هدنة برعايةٍ روسية، عَدّته الأخيرة مقدّمة لإطلاق محادثات «سلام» ترغب تركيا في أن تمثِّل «حلّاً نهائياً» لهذا الملفّ المتفجّر. غير أن المصالح المتضاربة حالت دون تطبيق بند وقف إطلاق النار، ما دفع روسيا إلى بدء تدريبات عسكرية في بحر قزوين، تصرّ على أنها ليست موجّهة ضدّ أيٍّ من دول الجوار. وتَجري المناورات العسكرية شمال شبه جزيرة أبشرون الأذربيجانية حيث تقع باكو، وتشمل إطلاق صواريخ ونيران مدفعية، ومشاركة ستّ سفن وسبع طائرات وأكثر من 400 جندي، بحسب بيان لوزارة الدفاع الروسية، أكد أن «الأنشطة… لا تشكل أيّ تهديد ولا تفرض قيوداً على الأنشطة الاقتصادية للدول المطلّة على قزوين».
إعلانٌ ما لبث أن ردّ عليه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إذ سعى إلى شرح موقفه «المبدئي» من الصراع حول قره باغ، بالقول إن بلاده لم ولن تعترف بضمّ روسيا غير المشروع لشبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها، مؤكداً في مؤتمر صحافي مشترك عقده، أمس، مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إسطنبول، أن بلاده تعتبر أوكرانيا دولة محوريّة لضمان الاستقرار والأمن والسلام والازدهار في المنطقة. كذلك، أكد إردوغان أن أنقرة ستواصل دعم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، بما فيها القرم.
يبدو أن واشنطن بدأت تصطفّ بوضوح إلى جانب يريفان
في هذا الوقت، يبدو أن واشنطن التي شدّدت، منذ انطلاق المعارك، على ضرورة إيجاد «حلّ دبلوماسي» يجنّب أرمينيا وأذربيجان حرباً طاحنة، بدأت تصطفّ إلى جانب يريفان. ذلك ما بيّنته تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي أعرب عن أمله في أن تتمكّن أرمينيا من «الدفاع عن نفسها» في وجه أذربيجان، في ما بدا أنه مساندة لأحد قطبَي النزاع الدائر في منطقة ناغورنو قره باغ. وقال بومبيو في حديث إلى إذاعة محلية في ولاية جورجيا الأميركية: «نأمل أن يتمكّن الأرمينيّون من أن يدافعوا عن أنفسهم في وجه ما يقوم به الأذربيجانيون»، مجدّداً الدعوة إلى احترام وقف إطلاق النار و«المباحثات السلمية» لوضع حدّ للصراع. تصريحاتٌ جاءت بعدما أعرب الدبلوماسي الأميركي عن أسفه إزاء شروع تركيا في «دعم أذربيجان»، ودعا الأفرقاء الدوليين إلى عدم التدخل في المنطقة وتجنّب «تأجيج الاضطرابات» في «برميل بارود». وهو ما تساوق أيضاً مع إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة عبّرت لمستويات رفيعة في الحكومة التركية عن عدم قبولها حيازة أنقرة أنظمة أسلحة روسية مثل «إس-400»، وحذّرت من «عواقب وخيمة محتملة» لعلاقتها الأمنية مع تركيا في حال إقدامها على تفعيل النظام المذكور. وقالت الناطقة باسم الوزارة، مورغان أورتاغوس، في بيان: «إذا تأكَّد ذلك… سندين بأشدّ العبارات اختبار إطلاق صاروخ من منظومة إس-400 باعتباره لا يتّسق مع مسؤوليات تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي وكشريك استراتيجي للولايات المتحدة».
No comments:
Post a Comment