أيلول 3 2021
ناصر قنديل
–
يجزم الخبراء الأميركيون على تنوع خلفياتهم، بأنّ سببين من ثلاثة أسباب لبقاء القوات الأميركية في سورية والعراق قد سقطا مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وهما أولاً، البقاء لضمان وزن وحضور لفريق حليف، فالقوات الأميركية تشكل المصدر الرئيسي للحفاظ على قوة وحضور الجماعات الكردية المنضوية تحت عنوان قسد، كما كانت بالنسبة لحكومة أشرف غني، وثانياً، الحفاظ على توازن جيوسياسي في منطقة التواجد، فالقوات الأميركية تحقق نوعاً من التوازن بين حضور اللاعبين الإقليميين الكبار، خصوصاً تركيا وإيران، كما كانت في أفغانستان تفرض توازناً على حدود الصين وروسيا وإيران، وبالمقارنة بين الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان والعراق وسورية، تسقط كلياً عوامل البقاء انطلاقاً من هذين السببين طالما أن النموذج الأصلي قد سقط في أفغانستان، وأن ما هو قائم في العراق وسورية نسخة ضعيفة وهشة بالمقارنة مع النموذج الأصلي.
–
السبب الثالث الباقي للحفاظ على القوات الأميركية في سورية والعراق بخلاف أفغانستان، هو الدور الذي تؤديه في توفير ضمانات لأمن كيان الاحتلال، الذي يحتل أولوية في مفهوم الأمن الاستراتيجي الأميركي في آسيا وأفريقيا، وفي هذا المجال نصف الاعتبار قد سقط أيضاً، وبقي نصف آخر، النصف الذي سقط هو الرهان التفاوضي على مقايضة الانسحاب الأميركي بانسحاب قوى المقاومة وإيران من سورية، وقد حاول الأميركيون خلال سنوات تقديم عروض مختلفة على هذا الصعيد وصولاً لربط الاستعداد لرفع عقوبات قانون قيصر عن سورية، مقابل ما وصفوه بالعودة إلى ما قبل 2011، أي خروج اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين وفدوا إلى سورية بعد 2011، بمن فيهم الأميركيون والإيرانيون والأتراك، والتوافق على بقاء الروس وحدهم، وفشلت العروض بالوصول إلى نتيجة، أما النصف الذي بقي يبرّر البقاء في سورية والعراق، فهو الإمساك بالحدود السورية- العراقية من الجانبين السوري والعراقي، عبر مثلث قواعد التنف وعين الأسد والقامشلي، وذلك لقطع طريق التواصل بين إيران وسورية، باعتبار هذا التواصل أحد أبرز مصادر الدعم للمقاومة، خصوصاً في لبنان وفلسطين.
–
تدخل المفاجأة الاستراتيجية التي يمثلها خط السفن الإيرانية إلى المتوسط، والتي بدأ التمهيد لها بإرسال سفن دعم لسورية في مجال المحروقات، وحاول الأميركيون اعتراضها بالحؤول دون عبورها قناة السويس والبحر الأحمر، فاستدارت عبر البحار ودخلت من مضيق جبل طارق حيث تعرّضت للاحتجاز على أيدي البريطانيين، ما تسبّب بردّ إيراني كاد أن يتحوّل إلى حرب سفن مع احتجاز سفن بريطانية تجارية، حتى انتهى الأمر بالإفراج المتبادل ومواصلة السفينة الإيرانية طريقها نحو سورية، وتأتي السفن التي أعلن عنها حزب الله لتقول علناً إنّ مسار هذه السفن في جزء منه سيعود للمقاومة، سواء عبر الموانئ اللبنانية أو السورية، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنّ هذا المسار استهلك سنوات من التحضير والمواجهات، وعبر العديد من المحطات، حتى صار عبور سفن يستحضرها حزب الله من إيران قادرة على عبور الطريق البحري من إيران إلى المتوسط في مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، ويلجأ الأميركي و»الإسرائيلي» إلى مناورة تذكيرية بالوجود بين مواعيد مرور السفن الإيرانية، والاختباء في خليج العقبة لتفادي التصادم مع هذه السفن.
–
السؤال الذي لم يقدّم الخبراء بعد أجوبة وافية عليه، لكنه موضوع على الطاولة، هو مبرّر الاحتفاظ الأميركي بقواعد عسكرية ستكون عرضة للاستهداف، بعد سقوط مبرر الرهان على قطع شرايين التواصل بين إيران سورية وقوى المقاومة.
فيديوات متعلقة
مقالات متعلقة
No comments:
Post a Comment