بعد 8 أشهر صارت مليار دولار، يعني تقلصت الى الثلث..
بعد أشهر... يمكن ان تصير 300 مليون دولار أو أقل أو أكثر قليلاً.. من يعلم ؟
عندما بشرَنا الرئيس (السابق) ميشال سليمان في كانون الاول/ ديسمبر 2013، وهو في غاية الابتهاج، أن السعودية "تكرمت" بمبلغ 3 مليارات دولار لدعم الجيش اللبناني، دهش الكثيرون لسخاء "المكرمة الملكية"، وظن آخرون ان في الأمر لغزاً، على الأقل لماذا لم يعلن القصر الملكي السعودي عن المساعدة وهي بهذه الضخامة؟ علماً ان الملك يحرص شخصياً على الإعلان عن المبالغ الممنوحة لجهات خارجية اذا كانت بحجم 500 مليون دولار مثلاً، فكيف بـ 3 مليارات.
مضت أيام ثم بدأ الكلام عن مفاوضات تجري في باريس بين مسؤولين لبنانيين وسعوديين وفرنسيين، باعتبار فرنسا الجهة الحصرية المحدَّدة لإمداد الجيش بالسلاح المموَّل سعودياً، ثم غابت أخبار المفاوضات..
بعد اندلاع معركة عرسال، طالب قائد الجيش بمساعدة لوجستية خارجية للجيش من أجل مواجهة الإرهاب، دون أن يذكر السعودية بالاسم، فاتصل الملك السعودي بالرئيس (السابق) سليمان (لماذا الرئيس السابق وليس رئيس الوزراء وهو أعلى مسؤول في السلطة التنفيذية حاليا؟) ليبلغه بدعم الجيش، كما أعطي الدور للرئيس سعد الحريري للإعلان عن دعم سعودي بقيمة مليار دولار للجيش. هل المليار جزء من الثلاثة مليارات الموعودة، أم ان المليار، ولا شيء غيرها، ستُصرف للجيش؟ الأمر غير واضح.
حتى الآن الدعم ما زال دعم نوايا، يعني عبر الإعلام، ولا يصير شيئاً حقيقياً الا اذا كان مرئياً وملموساً. لكن لماذا كل هذا التأخير؟ ولماذا الانتظار لكي تحدث معركة في عرسال او غيرها؟ ولماذا يقول الرئيس سعد الحريري "استلمنا هذا الدعم"، ولا تعلن ذلك الحكومة ُالمخولة الاستلام والصرف؟ الأحجية لم تنتهي مع هكذا نوع من المكرمات.
اذا تجاوزنا كثرة الطباخين واحتمالات السمسرة في هكذا نوع من الصفقات، فإننا لا نفهم أيضاً لماذا يعلن عن صرف جزء من المبلغ لمصلحة قوى الأمن الداخلي التي قدمت في الفترة الماضية أداء غير مُقْنِع، وفي عرسال كان مخيباً للآمال ان عناصر قوى الأمن لم يطلقوا رصاصة واحدة على المسلحين الذين هاجموا الفصيلة، واستسلموا ببساطة وظهروا في الصور التي وزعها المسلحون يضحكون كأنهم في ضيافة "أبي المكارم". أم اننا نعود الى صيغة 6 و6 مكرر (المحاصصة السياسية والطائفية)؟ الآن هي حرب، وتتطلب تجهيزاً للقوات المقاتلة في وجه الجماعات التي تريد تمزيق لبنان، والجيش هو من يتولى في الأساس هذه المهمة، وبقية القوات المسلحة تتولى دوراً ثانوياً مسانداً، هذا هو الواقع.
حسناً فعل الملك السعودي بإعلان تقديم المساندة للجيش اللبناني، الدعم المعنوي مهم ومن شأنه ان يسهم في عزل المجموعات المتطرفة التي تنشد محاربة الجيش اللبناني، لكن ما هي الخطة السعودية ازاء لبنان، ولماذا لا تترجم الرياض مواقفها بصورة عملية بعيداً عن المجاملات والتردد، أم ان الوقت لم يحن بعد، بانتظار وصول رجالها الى الحكم؟
السؤال يصبح أكثر إلحاحاً مع عودة الرئيس سعد الحريري من جدة، في خطوة تشي باحتمال حصول تطورات في غير ملف سياسي، ومنها انتخابات رئاسة الجمهورية، لكنها تعكس ايضا القلق من التطورات في لبنان، سواء على صعيد تنامي التطرف وكذلك التنافر داخل تيار المستقبل، وأيضاً انفتاح النائب جنبلاط على العماد ميشال عون.
No comments:
Post a Comment