Wednesday, 31 August 2016

الرصاص يركع للرصاص .. داريا القاطرة والناتو يركب الباصات



لم يعد هناك مكان يتسع للكلام عن أهمية تحرير هذه البلدة من الناحية العسكرية والاستراتيجية فقد صارت داريا مالئة الدنيا وشاغلة الناس
.. ولكن كل هذا الكلام الذي نقوله اليوم لايساوي كثيرا أمام الكلام الذي ستحمله لنا الأيام والذي ستجره قاطرة داريا .. ولذلك أنصحكم بانتظار الكلام الأهم الذي لم يقل بعد لأن نصر داريا ليس فيما حدث من تحرير بل فيما سيحدث غدا .. بعد انهيار داريا بشكل دراماتيكي .. فليس من هزم في داريا المجموعات المسلحة الارهابية بل جيوش الدول التي كانت تقف وراءهم .. وتعدهم بالنجدة ولكنها لم تجرؤ على المغامرة ..
هناك أشياء بسيطة تفوق في رمزيتها كل رمز .. فمنظر الجيوش المستسلمة أكثر ايلاما من منظر الجيوش التي تموت وتنتشر جثث رجالها في المعركة .. لأن الموت هو منطق الحرب الذي يتفهمه المتحاربون ويقبلون به كهدف بين متحاربين .. والمحارب يخرج للحرب وأول مايفكر به هو احتمال الموت ولذلك فانه يقبل به ويعتبر أنه صار على قيد الموت لا الحياة الى أن تنتهي الحرب .. أما مشهد الجيش الذي يرحل ويحمل راياته البيضاء فهو أكثر ترويعا من الموت لأن من يحارب يحارب من أجل الا يرفع راية بيضاء وكي يبقى على قيد “الموت أو النصر” ..
ان استعراض الجيش الالماني المنتصر وهو يمر تحت قوس النصر في باريس هو الذي علق بذاكرة الفرنسيين ولم يعلق في الذاكرة مشهد الجنود الفرنسيين الذين تحطموا وانتشرت جثثهم في الطريق الى باريس .. كما أن طريق الموت في الكويت الذي انتشرت على طرفيه قوافل الجيش العراقي المنسحب وقد أبيدت بعد خديعة ومكر الامريكيين الذين قصفوا الجنود العراقيين المنسحبين – بعد اتفاق الانسحاب دون غطاء جوي – ليست مريعة وصادمة بقدر ماهو حجم الصدمة والروع .
وليست صبرا وشاتيلا هي أقسى مشهد في السيرة الفلسطينية
بل منظر ركوب السفن ورحيل المقاتلين الفلسطينيين عن بيروت التي لم يعودوا اليها كأنما تقول الحرب ان من بقي على قيد الحياة هم أضعف خلق الله .. ويستحقون الشفقة وأن يحملوا في السفن كما تحمل البضائع المعدة للتصدير ..
ان المقاتل الذي يقرر الاستسلام ويركع رصاصه أمام رصاص عدوه .. انما يركع معه الزمن الذي سار معه .. أما من يموت في الحرب فان الحرب تركع له ولشجاعته ..
اليوم لاتوجد هناك جيوش تستسلم في مدن سورية بل مجموعات ارهابية وجيش من الحمقى المغفلين الذين خدعتهم الشعارات البراقة والوعود التي كانت تطعم المقاتلين الهواء والخواء والذين لن أحتفي اليوم بخروجهم ولن أحزن لأنني أعتبرهم ضحايا الوهم والخديعة .. وأنا شخصيا لاأحس أن من خرج من داريا هو مسلحوها لأن خلف هذه المجموعات المسلحة التي تستسلم كانت خلفها جيوش دول هي التي تستسلم اليوم .. جيش تركيا الذي كان يريد اقتحام دمشق .. وجيش السعودية .. وجيش “بيت العنكبوت” .. وجيش الناتو .. كل هذه الجيوش هي التي ركبت الباصات في داريا ورفعت الراية البيضاء .. ورحلت مهزومة ..
تتوالى مشاهد الرحيل وحزم الحقائب الارهابية .. ويضع كل مسلح الزمن الذي سار معه في صرة وحقيبة وباص .. وعندما يرحل الزمن لايعود .. وقبول الجيش باستسلام خصمه يعني أنه لم يعد يرى في خصمه مايستدعي قتله والاجهاز عليه لأنه لم يعد مخيفا له .. وخصمه لايريد شيئا بعد اليوم سوى البقاء على قيد الحياة .. فيما الحرب هي أن تبقى على قيد الموت أو النصر ..
منظر رحيل من يسمون بالثوار والمسلحين الذي يتكرر منذ افراغ حمص هو من أقسى المناظر التي عاشتها العيون التي رعت المؤامرة الاخوانية والعالمية على سورية .. ومن أقسى ماتتابعه اعين رجال المخابرات في محور العدوان الكوني على سورية لأن من كان يريد ان يضع النظام والدولة في باصات ويرحلهما الى محكمة لاهاي كما وعدنا الثورجيون تحولوا الى بضاعة زائدة تحملها الباصات وترميها بعيدا مع الجيوش الخفية للدول التي كانت تدعمها بكل طاقتها ..
Image result for ‫كاريكاتير الحرب العالمية على سوريا‬‎
الرصاص في داريا استسلم للرصاص .. والراحلون رحلوا الى غير رجعة .. ورجالنا أثبتوا أنهم يحاربون وهم يعرفون أنهم على قيد النصر .. وقاطرة داريا انطلقت .. وهي تجر خلفها عربات بلا نهاية وفي كل عربة جيش من جيوش الناتو المنسحبة والمختبئ تحت ثياب المسلحين وبين المدنيين خوفا من الفضيحة ..
Related
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: