Tuesday, 25 July 2017

الأقصى .. المسجد اليتيم .. والخطوط الحمر الثرثارة



ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏5‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يبتسمون‏، و‏‏‏‏أشخاص يقفون‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏‏

 بقلم نارام سرجون

الى جانب الحرية والديمقراطية اللتين صرت أحتقرهما سأضيف مصطلح (الخط الأحمر) الى قائمة الكلمات التي فقدت سمعتها وتحولت الى كلمات مشحونة بالطاقة السلبية وتفوح منها رائحة الشيطان ..

 انني كما تعرفون لاأتردد في المجاهرة باحتقاري لكلمتي “الحرية والديمقراطية” لكثرة ما لاكتهما أسنان جورج بوش وتوني بلير ولكثرة ما تنقلتا بين شفتي كوندوليزا رايس السوداوين وضاجعتا لسان ديك تشيني وجون بولتون وكولن بأول حتى صرت أحس بلعاب كل هؤلاء يرطب جلد هاتين الكلميتن كلما مرّتا على لساني فأحس برغبة في التقيؤ ..

ان الحرية والديمقراطية كأجمل عبارتين تحولتا برأيي الى أسوأ كلمتين لأنهما تورطتا بدماء ملايين العرب والمسلمين وحملتا وزر كل جرائم الغرب منذ أن وصفت اسرائيل بأنها واحة الديمقراطية في الشرق وأن العرب حاربوها لأنها أول ديمقراطية وصلت اليهم .. ولأن يدي الحرية والديمقراطية منذ عهد بوش ملطختان بدم مليوني عراقي .. وخلف كل يتيم وأرملة وثكلى تقف هاتان الكلمتان كملائكة العذاب .. ولم تعد هناك قوة في الأرض تعيد لي علاقتي بالحرية والديمقراطية .. فما بيننا انكسر الى الأبد .. وصرنا أعداء الى يوم الدين .. وخاصة منذ أن زنا بهما الثورجيون الإسلاميون في الربيع العربي ونادوا يشعارات الحرية التي جعلت مذاق الحرية بمذاق الزنا في الضمير .. ولن أبالي باحتجاج واعتذار كل منظري الحرية والديمقراطية وعشاقهما وكل من يعزف الأناشيد لهما وينظم القصائد الحمراء لهما ..

ولكن قائمة الكلمات التي أحتقرها كبرت وتكاثرت في السنوات الأخيرة وضمت اليها “الاستبداد” و”الرأي الآخر” و”اللاجئين” و”الخلافة” و “دولة الشريعة” و “العرب” و “النفط” و“حماس” و“المثقفين العرب” وكل الكلمات التي تبين أنها محشوة بالتبن والسم .. الا أن القائمة استضافت اليوم عبارة جديدة لم أتوقع ان تبلغ بسرعة هذه المكانة من الاحتقار الشديد والازدراء في نفسي .. بل انها استقرت على رأس قائمة الكلمات المزني بها والتي تطل عليك مثل اطلالة مومس ترقص .. ولكن ثوبها الأحمر يضفي عليها نكهة تهريج كوميدية تدغدغني وتضحكني الى حد محرج يكاد يحبس أنفاسي خلف كل ضحكة فلا أقدر حتى على الشهيق .. هذه العبارة هي عبارة (الأقصى خط أحمر) ..

لاتضحكوا لأن العبارة حلت محل (قضية فلسطين المركزية) في أفواه الخطباء والسياسيين وصارت موضة التضليل الجديدة .. وما جعل العبارة من أحقر العبارات وأسوأها سمعة في نظري هو أنها صدرت عن أحقر شخصيات العرب والمسلمين .. فقد أصدرت الجامعة العربية ورئيسها (خطها الأحمر) لإسرائيل لأنها تجاوزت الخط الأحمر في الأقصى .. ورسمت الجامعة العربية الخط الأحمر ثم ألقته أمام نتنياهو كي يرتعد جسده ويرتجف ويتعرق ويشحب لونه وهويرى احمرار لغة الجامعة العربية واحمرار خطوطها .. وكان ملك الأردن سباقا الى القاء الخطوط الحمر في الأقصى ..

كما أن سانشو الفلسطيني وصبي أردوغان وخادم القرضاوي المخلص (إسماعيل هنية) قد ألقى خطبة عصماء في غزة وذكّر نتنياهو بأن (الأقصى خط أحمر) !!..

ولاأعرف من اين يأتي هنية وغيره بخطوطهم الحمر .. من تركيا الإسلامية الاردوغانية المشغولة بخطوط حمر الأكراد وادلب وقتلة نور الدين زنكي الذين ذبحوا اللاجئين الفلسطينيين في حلب ؟؟.. أم من السعودية المشغولة في رسم الخطوط الحمر لفقراء اليمن ؟؟.. أم من قطر أم من الامارات؟؟ أم من الكويت ؟؟ وكلها دول محتلة .. أم من الأردن الذي يحكمه ملك أمه يهودية؟؟ .. أم من ليبيا الممزقة التي صارت مثل قوم عاد وثمود اثر تحريرها على يد الإسلاميين .. أم من منظمة العالم الإسلامي أم من اتحاد علماء المسلمين؟؟

إسماعيل هنية: المسجد الأقصى خط أحمر

هل سيأتي هنية وغيره بالخطوط الحمر من جبهة النصرة أم من أحرار الشام أو فيلق الرحمن أم جيش الإسلام الذي يقصف دمشق والذي حظي بمباركة حماس باستشهاد زهران علوش الذي انتقم لإسرائيل من دمشق واذاقها ماذاقت سديروت وعسقلان من قذائف حماس التي وصلتها من دمشق عبر أنفاق سيناء التي حفرتها آلات حفر حزب الله العملاقة المستوردة من ايران ..

ولاأستبعد أننسمع هذه العبارة اليوم من اقذر الأشخاص .. في فتاواهم في الحرم المكي وربما يظهر أنور عشقي ويذكرنا بأت الأقصى خط أحمر (للشيعة) وليس لليهود .. ولاشك اننا سنسمعها من سكارى بول البعير الذي سيصبح أيضا بلون أحمر لأن موضة الكلام هذه الأيام هي اللون الأحمر والغضب الساطع الآتي .. الذي لم يسطع حتى اليوم منذ ستين سنة ..

أنا على يقين أن نتنياهو يفضل جدا اللون الأحمر في الخطوط العربية والإسلامية وهو بلاشك يراه أجمل الألوان لأنه لم يفعل شيئا في حياته من اذلال للعرب ولفلسطين الا بعد أن رفعت في وجهه الخطوط الحمر العربية والإسلامية .. وصار الإسرائيليون مثل كلاب بافللوف يسيل لعابهم بمجرد أن يرفع العرب عبارة (الخطوط الحمراء) ..
وحتى هذه اللحظة لم يرسم اردوغان خطوطا حمرا لنتنياهو بل ذهب الى الخليج ليؤسم خطوطا حمراء في قطر لأن مايقدر على قوله لفلسطين وللأقصى محدود جدا ومثير للحرج الشديد لتفاهته ولن يرفع يده بعلامة رابعة التي تحدى بها المصريين ولن يتجرأ على الالتفات نحو الأقصى .. وعرفنا ذلك منذ أن قتل له الإسرائيليون في مسرحية سفينة مرمرة عددا من مواطنيه وصبغوا بحر عزة بدم الأتراك الحمراء ورسموا بها خطا أحمر له ولم يفعل شيئا بل عاد الى نتنياهو صاغرا وقبل يديه ورجليه ليسمح للسفير التركي بالعودة الى تل أبيب .. ودخل السفير التركي سفارته ي تل أبيب واختفى لايلوي على شيء ..

على العرب والمسلمين أن يستحوا من بيانات الخطوط الحمر التي يتسلى بها نتنياهو بل ويفضلها أمام مواطنيه كي يظهر أمامهم بطلا فهو محاصر بالخطوط الحمر وهو يدري أنها أوهى من خيط العنكبوت .. فليس فقط حسن نصرالله كشف للاسرائيليين أنهم يسكنون في بيت العنكبوت وأنهم واهنون وواهمون .. بل ان نتنياهو اليوم يظهر لجمهوره أنه محاط بخطوط العنكبوت الحمراء التي يلقيها العرب .. فللعرب عناكبهم وبيوت شعرهم الحمراء التي هي أوهى من بيت العنكبوت ..

الجامعة العربية وإسماعيل هنية وكل من يستعد لالقاء خطبة “الخطوط الحمراء” عليهم أن يتذكروا أن من يلقي الخطوط الحمراء يجب أن يكون لديه أخلاق ومواقف بطولية ومبادئ ..

فكيف تستوي مبادئ الخطوط الحمر وحماس مشردة بين القصور وبين القصور .. وقد خذلت نفسها ورحلت الى تركيا وقطر ونافقت السعودية وسكتت عن حرائم السعودية في اليمن .. وكيف تتشدق الجامعة العربية بالخطوط الحمر وهي التي لم تترك أمام إسرائيل خطا دفاعيا واحدا يردع إسرائيل بعد أن قدمت الغطاء لتدمير العراق وتدمير ليبيا وتدمير سورية وهو مشغولة بتدمير ايران وحزب الله ..

أنا أعلم ان نتنياهو يضحك في سره وهو يعلم ان تلك الرسائل المشفرة من العرب عن الخطوط الحمر تعني له إشارة التأييد والمبايعة .. كما حدث عندما كان الملك فيصل يجاهر بعدائه لإسرائيل ولكنه كان يحارب عبد الناصر عدو إسرائيل .. وهو الذي حرض اميريكا على مصر رغم أنه في العلن قال مالم يقله مالك في الخمر لتحرير فلسطين .. ونتنياهو لن ينسى أن الملك عبد الله الأول ملك الأردن بشر الفلسطينيين بالنصر في خطبه ولكنه كان قد باع فلسطين بخمسة عشر ألف جنيه ذهبي في عقد بيع شهير لافراغ فلسطين من العرب عندما خدع السكان وطلب منهم مغادرة قراهم ليسمحوا لجيشه بالقتال دون ايذائهم فدخل الإسرائيليون قرى فلسطين وهي فارغة أحيانا ..

ونتنياهو لم ينس خطابات الملك حسين قال للفلسطينيين قاتلوا بأسنانكم لتحافظوا على الضفة والاقصى والقدس في حرب 67 ولكنه كان قد سحب الجيش والسلاح من كل الضفة .. والذي كان يصر على تهديد إسرائيل بالثأر من هزيمة 67 ولكنه طار الى اسرائيل لتحذير غولدامائير من هجوم يبيته السوريون والمصريون في حرب 73 .. واليوم يرث ابنه ذات الوظيفة ويرفع عبارة (الأقصى خط أحمر) .. وهي رسالة مشفرة للاسرائيليين وعبارة طمأنينة وقعت بردا وسلاما على قلوبهم لأنهم يعرفون ان القادة العرب الموثوقين لايلقون عبارات التهديد جزافا بل هي اشارى خدعة وخيلة لإسرائيل ..

كل من هدد اسرائيل بالخطوط الحمر لايملك أي خط أحمر ولا حتى خيط عنكبوت .. لأن الخطوط الحمر تأتي من المواقف الثابتة .. وليس من التذبذب السياسي .. فلايستطيع من فقد استقلاله السياسي والعسكري أن يهدد بالخطوط الحمر .. ولايستطيع من رفع شعار (غزة بانتظار الأبطال .. اردوغان وحمد ومرسي) ان يرسم خطوطا حمرا ..

ولاتستطيع جامعة عربية دمرت خطوط دفاعها أن تثرثر ببيانات الدفاع عن الأقصى .. الخطوط الحمر لاتأتي الا من السياسة المدججة بالأخلاق وبالسياسة التي لاتشترى بالدولار ولاتتلون ولاتطعن ولاتتبع مزاج الأمير والأميرة .. لأن من باع وطنه يوما بالدولار سيسكت اليوم بحفنة من الدولارات .. ويترك الأقصى ..

نتنياهو لايخشى أيا من هؤلاء .. ولايستمع الى تلك الخطب الجوفاء .. بل هو يخشى الخطوط الحمراء التي لاتتكلم والتي لاتثرثر بها أفواه الثرثارين .. تلك الخطوط الحمراء التي حاول أن يكسرها في الشمال بكل الوسائل القذرة وبالاستعانة بأولئك الذين يشنون حملة الخطوط الحمراء عليه اليوم ..

انه لايخشى الا الجيش السوري وجيش حزب الله .. والجيش الإيراني .. ومئات آلاف الشبان والشابات الفلسطينيات الأحرار الذين لاينتظرون الغضب الساطع القادم من بلاد الفتاوى التكفيرية وبلاد بول البعير وآبار النفط الأسود .. بل لديهم في قلوبهم غضب ساطع .. هؤلاء هم من يحملون الخطوط الحمراء لرايات إسرائيل الزرقاء .. وهؤلاء هم من بقي للأقصى الذي صار في زمن الإسلاميين (المسجد اليتيم) .. وصدقوني لن يخذلوه ..


   ( الاثنين 2017/07/24 SyriaNow)
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: