ان كان هناك من وصف دقيق لخطاب الأسد فانه خطاب اعلان شروط الاستسلام على من يريد رفع الراية البيضاء في الحرب على سورية .. والأفق يمتلئ بالرايات البيضاء .. كما نرى جميعا .. لندخل في الشرق قريبا زمن الرئيس بشار الاسد .. أقوى الأزمنة التي سيعرفها هذا الشرق .. ويعلن نهاية عصر الذئاب والذباب والحثالات ..
لايؤذي الحضارة الا اذا تولاها من لم تسقه الحضارة من فمها .. ولايؤذي البطولة الا من يتنطح لها بعضلات مفتولة وقلبه قلب ذبابة وضميره ضمير دب ..
ولكن من كان أستاذا في الحضارة أو ابنا لها رضع من ثدييها فانه يستطيع أن يقود شعبا من الجهلاء ليبني به عصرا من الحضارات .. ومن كان له قلب اسد فانه يأبى الا أن يصارع الأسود .. وهو مايجب أن تتعلمه الفئات المراهقة في السياسة التي تطرأ على العمل السياسي ويطرأ عليها .. فكلاهما – المراهق والسياسة – يلتقي بالآخر صدفة من غير ميعاد ولاتخطيط .. فكثير من الثورجيين كانوا عابري سبيل والتقطتهم أجهزة المخابرات الغربية بشكل عشوائي فصعدوا الى الباصات التي نقلتهم الى قاعات مؤتمرات دون أن يعرفوا ألفباء السياسة .. وكانت النتيجة عملية تخبط مخجلة وقبيحة .. وتدن في الأخلاق وانحطاط في المعارف الديبلوماسية .. وانهيار مفهوم المعارضة واتساخ فكرة (الثورة) لتحل عليها لعنة الوطن ..
فأكثر ماكان يلفت نظري في الحرب على سورية هو ذلك الجيش الكبير من المراهقين السياسيين الذي طفوا على السطح فجأة على غير توقع وكان واضحا أنهم لم يكونوا قادرين على التعامل بأصابعهم الغليظة مع تقنيات السياسة الرفيعة ولا صناعة السياسة ولا على انتاجها ولا انتاج نظريات في السياسة .. وكانوا مجرد آلات عرض لنظريات الآخرين الفوضوية والهمجية .. واليوم نجد أن من المناسب عرض درس في فن التعامل مع السياسة قدمته الديبلوماسية السورية كنموذج على البراعة في العمل السياسي وفن مواجهة الأزمات وبناء نظريات في السياسة ستنتنسخها مدارس كثيرة في العالم ..
اليوم وصلت عبر خطاب الأسد الى الديبلوماسيين السوريين الى بعض تلك اللحظات التي كنت انتظرها وأتوقعها منذ نيسان عام 2011 عندما كتبت أول مقالة لي بعنوان (الرقص مع الذئاب في سورية) .. وكنت يومها أحس أنني مشحون بالتحدي وأنني أفيض غضبا من دعوات مشبوهة لاعلان ثورة لامبرر لها كانت بالنسبة لي منذ اللحظة الأولى ثورة اسرائيلية نفطية .. وأحسست يومها أنني قررت قبول التحدي مثل ملايين السوريين الوطنيين والخروج للحرب ضد هؤلاء المجانين الذين رفضوا كل اقتراحاتنا بتهدئة الناس والتفاوض مع الدولة للحصول على كل شيء منها وتعهدت لبعضهم أنني سأنزل الى الشارع مع الناس اذا تلكأت الدولة في الاستجابة لما يطرحه بعض الناس .. ولكن كان المزاج ساخنا جدا واتهمني المعارضون الذين تحدثت اليهم أنني أريد اجهاض النزق الثوري وتمييعه .. فكان ذلك مستفزا لي وعرفت اننا مقبلون على عملية كبرى وعلى مواجهة العصر مع مشروع نتنياهو الكبير في تنظيف نطاق اسرائيل من كل الدول القوية والمتماسكة .. وقلت يومها في مقالي الأول بتاريخ 25 نيسان 2011 الذي كان مثل بيان رقم 1 من مواطن سوري رافض للثورة:
“الذئاب التي أطلقت في درعا وغيرها للتخريب بدأ الأسد الآن يراقصها رقصة الموت .. والأيام القليلة القادمة ستظهر أن اللعب مع الأسود خطر وكذلك الرقص مع الأسود …لسبب بسيط أن أهل الشام ودمشق تحديدا لايغلبون ..هل تفهمون ياجماعة؟؟ الرقص مع أهل الشام هو الرقص مع الأسود “..
خطاب الأسد بالأمس مع الديبلوماسيين السوريين كان يعلن فيه أن الرقصة مع الذئاب التي استمرت سبع سنوات تقترب من النهاية .. فهاهي تلك الذئاب تتبعثرفي البراري والمنافي والصحارى والفيافي .. بلا اسنان وبلا مخالب .. وكل ماحملته الثورة من حمولة ثورية من المنشقين والمتمردين والمعارضين الطارئين والفاسدين تتم عملية التخلص منها وانزال هذه الحمولة والقائها في البحر .. وكان الأسد يتواضع كثيرا في التريث في الحديث عن النصر لأن الزعماء الكبار لايبيعون انتصاراتهم بالقطعة والشبر بل وفق قاعدة (اما كل النصر أو لا نصر) .. فلو بقيت قرية واحدة في سورية ليست حرة سيؤجل الأسد اعلان النصر .. وان كانت بين كلماته ترن أجراس النصر ..
تابعت مثلكم حديث الأسد وكنت أحس ان كل من استمع الى الأسد بالأمس سواء كان المستمع غبيا أم ذكيا .. عدوا أم صديقا .. محبا أو ناقما .. فانه سيدرك من كمّ الثقة العالية أن الأسد تتجمع لديه معلومات يقينية عن مسار الأحداث في الايام والأسابيع القادمة وأنه ينتظر أخبارا سارّة لايستطيع البوح بها الآن .. لأن حديثه بلا شك حديث من وصلت اليه سرا رايات بيضاء من أعداء كبار عبر رسائل حملت اليه فأسمعهم شروط الاستسلام علنا في كلمة الأمس .. وبعضنا يعلم أن أحدهم ألقى سيفه تماما ولايريد من الدنيا سوى أن يخرج بسلام من هذه المعركة كذئب ابن ذئبة مهزوم لايلوي على شيء .. وأننا دخلنا مرحلة عدّ السيوف التي سترمى قريبا وجمعها عن الأرض بدل زمن الأيام المعدودات .. لأن الشعب والجيش السوري والقيادة السورية تمكنوا من أن يدفعوا بالحرب الى مرحلة جديدة مختلفة تماما ..
ان كان هناك من وصف دقيق لخطاب الأسد فانه خطاب اعلان شروط الاستسلام على من يريد رفع الراية البيضاء في الحرب على سورية .. والأفق يمتلئ بالرايات البيضاء .. كما نرى جميعا .. لندخل في الشرق قريبا زمن الرئيس بشار الاسد .. أقوى الأزمنة التي سيعرفها هذا الشرق .. ويعلن نهاية عصر الذئاب والذباب والحثالات ..
عاصفة الحرب تهبط هبوطا اضطراريا وتتكسر أجنحتها وتنزف .. وتغرق في البحر .. وتنهشها أسماك القرش التي لم تتذوق لحم العواصف قبل اليوم ولم تعرف مذاق دم الأعاصير .. فالربان العظيم لاينقذ السفينة فقط من الغرق .. بل يغرق العاصفة نفسها في البحر .. ويطعم أسماك القرش من أعاصير قلبها .. ويبحر الى هدفه الذي لايتغير .. ونحن البحارة الذين معه على السفينة سنبحر الى نفس الهدف .. هدفنا الذي لايتغير .. ونقسم أن نصل ..
( الاثنين 2017/08/21 SyriaNow)
الرقص مع الذئاب في سورية
الرقص مع الذئاب عنوان لفيلم أمريكي شهير، لكن العنوان يثير الرغبة في استخدامه لمقاربة الوضع السوري…فالذئاب التي رعاها المحافظون الجدد منذ سقوط العراق للفتك بالمنطقة قد أطلقت لتقتك بالسوريين بعد أن فتكت بالليبيين، لكن الفارق أن الذئاب الآن لاتراقص العقيد ملك الملوك بل تراقص الأسد نفسه الذي راقصته الذئاب مرتين مرة على الحدود العراقية ومرة على الحدود اللبنانية .. وانتهت الرقصتان بدخول هذه الذئاب ذليلة الى عرينه تضع أذيالها بين ساقيها بدءا من السيد سعد الحريري الى الملك السعودي الى فريق 14 آذار وخلفاء شيراك في الاليزيه…وخلفاء جورج بوش في البيت الأبيض..
الأسد يراقص الآن الذئاب في عرينه الدمشقي وقد علا عواؤها لكن بعض الذئاب الراقصة سقطت مثل الجزيرة وعزمي بشارة والامارة الاسلامية في درعا..التجربة علمتنا أن ننتظر قليلا لأن اللعب مع السوريين ومع الأسد مكلف جدا فالدماشقة أهل مكر ودهاء وهم أهل سياسة وأهل تجارة ويعرفون من أين تؤكل الكتف والتاريخ يريد أن يقول ان معاوية بن أبي سفيان كان موفقا في اختيار أهل الشام لنصرته وقراره هذا فطنة مابعدها فطنة ولذلك فقد كسب الجولة على خصمه علي الذي لم يكن موفقا باختيار أهل العراق لنصرته.. وكان لأهل دمشق والشام الفضل في ترجيح كفة معاوية ..
وفي نزاع مرير آخر اختار صلاح الدين أن يحارب الصليبيين من دمشق لا من القاهرة لاعتبارات جغرافية ولكن تمركز القيادة في دمشق أعطاها زخما وقوة وأحيط الناصر صلاح الدين بأهل النصيحة من الدماشقة وأهل الشام ولذلك تمكن من أن ينال نصرا لم يكن ليتحقق لو لم يقم هذا القائد بين الدماشقة
وفي عهد حافظ الأسد حاول الكثيرون زعزعة الحكم في دمشق لكن الأسد كان ثعلب الشرق الأوسط الذي أحاط نفسه بالدماشقة الناصحين والذين بادلوه المودة والاخلاص فأعطاهم وأعطوه حتى كان الشخص الوحيد في التاريخ الذي تفوق على معاوية في حكم الشام ..فمعاوية حكم الشام لعشرين عاما.. ووحده حافظ الأسد حكمها 30 عاما بمباركة الدماشقة الذين ما نصروا قائدا الا وانتصر..
وفي العهد القريب اعتقد البعض أن ابنه الشاب صيد سهل وأنه الآن ساقط لامحالة لكن هذا الشاب الذكي الهادئ الذي اعتقدنا أنه سيسقط حتما عندما سقط العراق أثبت أنه أدهى من معاوية فاذا بهذا الداهية يراقص الذئاب الأمريكيين في العراق عبر تسليحه للتمرد السني حتى أنهكها وأدماها ..فلم ترقص ذئاب بوش في دمشق بل عادت الى قواعدها تعد بالانسحاب الى امريكا..
واعتقدنا أن الأسد واقع لامحالة عندما قتل الحريري في لبنان وانقلبت الطاولة على الأسد الذي كانت ذئاب الحريري الابن تراقصه على الفضائيات وفي لجان التحقيق والمحاكم الدولية والثعالب الحمراء لكن ذلك الداهية لعب أوراقه التي نصحه بها الناصحون من أهل الشام الأذكياء فاذا بالذئاب التي أرادت مراقصة الأسد تتحول الى جراء وثعالب تتمنى منه ألا يضربها بمخالبه اذا غضب…
واليوم تدخل الذئاب عرين الأسد لتراقصه رقصة أخرى … ويعتقد الذؤيب القطري الصغير أنه سيأتي للعالم بالأسد وقد امتطى ظهره كما كان الزير يركب ظهور الأسود في حكايات الحكواتيين وهذه عقدة نقص فالذؤيب القطري يريد المجد من على ظهر الأسد المهزوم ..لكن هذا الذؤيب كان مثل الكركدن …ضخم جدا بعينين صغيرتين وذكاء محدود فكان أن كانت أول رقصة مع الأسد تكلفه “جزيرته العزيزة” التي جندلت له خصوما وأذلت له ملوكا …نعم لقد سقطت الجزيرة بسرعة غريبة عندما احترقت مصداقيتها التي بنتها بالملايين وبدم الشهداء العرب على مدى 15 عاما .. وغرقت هذه الجزيرة في البحر عندما أسقط الأسد ذئبا آخر اسمه “المفكر العربي عزمي بشارة” الذي صار اسمه عظمي بصّارة (لأن دوره كان كالبصارة التي ترمي لها عظمة “دولارية” مكافأة لها)..الغبي صاحب الجزيرة لم يدرك أن الجزيرة اخترقتها المخابرات السورية منذ زمن وأن الشريط المسرب عن عظمي بصارة لايمكن أن يكون بسبب خطأ فني وعفوي بل هو رسمة مخابرات …الأكثر من ذلك بعض شهود العيان الذين جندتهم الجزيرة يعمل بعضهم لحساب المخابرات السورية ولذلك كان من السهل الاطلاع على دقائق التحريف لتشرحه بعد خمس دقائق محطة الدنيا…
الذئاب التي أطلقت في درعا وغيرها للتخريب بدأ الأسد الآن يراقصها رقصة الموت .. والأيام القليلة القادمة ستظهر أن اللعب مع الأسود خطر وكذلك الرقص مع الأسود …لسبب بسيط أن أهل الشام ودمشق تحديدا لايغلبون ..هل تفهمون ياجماعة الرقص مع أهل الشام هو الرقص مع الأسود…
بالمناسبة وعلى طريقة الأخ علي سلمان أريد أن أذيل هذه المقالة ببعض التوقعات:
ستجن الكثير من الذئاب من هذه المقالة وستصاب بالهستيريا وستقرؤون أيها الأعزاء عواءها وستلمحون لعابها يسيل على التعليقات على هذا المقال لكن سلفا نحن نعرف أن كثيرا من التعليقات تكتبه مكاتب رسمية وبعضها يكتبه مجانين وبعضها واهمون…لكن رقصنا مع الذئاب سيستمر حتى نعيدها للحظائر …ونخن لانهتم ان قلتم أننا عملاء للنظام …ولانهتم الا بشيء واحد هو أن نرقص معكم فالرقص مع الذئاب ممتع من أجل الوطن ..من أجل أجمل “سوريا ياحبيبتي”
No comments:
Post a Comment