Saturday, 2 September 2017

لم يكن «ينقص» «إسرائيل» سوى ما كشفه نصرالله.

 


روزانا رمّال


سبتمبر 1, 2017

و كأن «إسرائيل» التي تعيش اليوم معضلة إيجاد طريق أمثل للخروج من الازمة السورية بأقل تنازلات حدودية أمنية، والتي تعيش مشكلة التأقلم مع الوضع الجديد الذي يفترض أنه تم دفن مشروع التقسيم في سورية وانتشار التطرف لا تنقصها إلا إشارات جديدة من حزب الله تدلّ على المزيد من الارتياح والقدرة على السيطرة على هذه المتغيرات كلها والتعايش معها، لا بل والتعاطي بسلاسة تصل لحد أن يسافر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إلى خارج الأراضي اللبنانية «بطريقة ما» من دون قدرة «إسرائيلية» على افتراضها، ويصل الى الارض السورية، بل ويزور الرئيس السوري بشار الأسد ويعقد معه سلسلة اتفاقات وتفاهمات تتعلّق بوضع المنطقة سياسياً وعسكرياً، والطلب منه مساعدة مباشرة بملف العسكريين اللبنانيين.

لم يكن ينقص «إسرائيل» التي عملت على فك الارتباط بين دول المحور الواحد عبر ضرب الحدود ونشر الإرهاب فيها والجهد من أجل التخلص من النظام السوري وجيشه، إلا أن تعرف بنهاية المطاف أن اللقاءات لا تقتصر على مسؤولين سوريين وروس وإيرانيين وصينيين، بل تعدتها لتصل الى لقاءات مباشرة بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس الأسد.

ستأخذ الجهات المعنية في «إسرائيل» الخبر لتكشف ما وراءه. وإذا كان نصرالله قد كشف عن زيارة اولى للرئيس الأسد فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها زيارة واحدة ووحيدة، لا بل إن حديث نصرالله عنها جاء بمعرض شرحه للداخل اللبناني عن أسباب التعاون السوري في ملف العسكريين ومحطات المفاوضات التي عايشها حزب الله، وبالتالي فإن الحدث فرض عليه هذا الإعلان، وإلا فإن «إسرائيل» لما كانت لتعرف هذا من الأساس.

فك الارتباط اذاً، بين حزب الله والقيادة السورية قطع أوصال القيادات فشل، بالنسبة لـ«إسرائيل» التي اكتشفت ان الاجتماعات كانت كل هذه الفترة تجري على مستويات عالية جداً ورفيعة، وإذا كان السيد نصرالله يزور سورية التي تعيش هذه المخاطر كلها، فما الذي يمنعه أن يزور إيران وبطرق غير معروفة أيضاً، وبالتالي فإن ما كان يتباهى به «الإسرائيليون» وقد صار مهزلة عشية محاسبة أولمرت من قبل بعض الصحافة أنه كان الإنجاز الوحيد من تموز «سجن نصرالله في مركزه» صار خيالاً وبات حتى هذا الإنجاز الركيك ليس سوى وهم.

نصرالله الذي تحدّث عن هذا أمام الناس كلهم تحدّث أيضاً أنه كان ينوي الخروج إليهم في مناسبة ما خرج ليتحدّث من أجله وهو «التحرير الثاني» الذي أقام حزب الله لأجله حفلاً ضخماً في مدينة بعلبك ضمّ مختلف الحلفاء وقوى سياسية أتت من المناطق كافة لتشارك البقاعيين إنجازهم. وبالتالي فإن استعداده للخروج أيضاً هو معطى آخر يوضع بيد المسؤولين «الإسرائيليين» الذين يرون أن تحركات نصرالله باتت محصورة بالسرية وأنه غير مستعد للخروج بين الجموع، خصوصاً بوجود التطرّف والتكفير، وإذ بنصرالله يؤكد رغبته بالخروج. وهي رغبة ستكون موجودة دائماً وأنه لولا نصائح من حوله تتعلّق أصلا بالفشل «الإسرائيلي» وردود فعل غاضبة من النتيجة التي وصل إليها مشروعها التكفيري في سورية ولبنان، لكان قد أطلّ شخصياً بين جموع بعلبك المحتشدة.

بمحصلة المشهد، رفع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عند «الإسرائيليين» منسوب القلق الأمني والاستخباري بسبب حرية الحركة التي لا يزال يتمتع بها المحور بقادته القادرين كلهم في أية لحظة لعقد الاجتماعات والتنسيقات على مستوى استراتيجي كبير من دون أي ثغرات تُذكر. وهو ما يشكل بحد ذاته مقتلاً في الأهداف «الإسرائيلية» الأميركية التي اجتهدت على مدى أكثر من سبع سنوات لتشتيت المحور بعناصره كلها جيشاً وشعوباً وقيادات.

الفشل «الإسرائيلي» الذي تحدّث عنه نصرالله في خطابه جاء في أكثر من محطة منه، حذر فيه من مغبة أن تقدم المجموعات المسلحة على افتعال أي حدث أمني غير محمود العواقب، بالإضافة الى وضع خروجه الى الناس ضمن هذا الإطار وهو بحد ذاته قراءة واضحة للعقل «الإسرائيلي» وطريقة سلوكه في مثل هذه الظروف. كل هذا ستقرأه مراكز البحوث «الإسرائيلية» في رسم مواقفها المستقبلية. وحدث كلقاء الرئيس السوري بشار الأسد وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليس عادي الوقع «إسرائيلياً» ولا أميركياً، حيث تتشارك واشنطن الأهداف نفسها في التعاطي مع الازمة السورية و«الإسرائيليين».

الأهم، أن نصرالله اختار توقيتاً للإعلان عن هذا. وحده يدرك السبب الكامن وراءه، لكن الواضح منه هو أنه أراد لـ«الإسرائيليين» تحريك تأكيد ما كان قد أكده بخصوص حزب الله الذي خضع لمسار تفكيكي في العقل «الإسرائيلي» اضطر على أساسه نصرالله اكثر من مرة للإشارة الى عافية حزب الله، قائلاً إن الحزب هو في أفضل أحواله عديداً وعتاداً. وهو ما يعني استعداده للقتال على أكثر من جبهة «إسرائيلية».

لم يكن ينقص «إسرائيل» سوى اعتراف نصرالله بزياراته سورية وإلى ما هو أبعد من سورية، كما توحي الإشارات.

Related Videos
Related Articles
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: