Saturday 19 May 2018

عقوبات على نصرالله: رسالة أولية قبل تشكيل الحكومة


مايو 18, 2018

روزانا رمّال

تدرّجت العقوبات المالية الأميركية والغربية على حزب الله تباعاً في الأشهر والسنوات الماضية حتى وصلت الى رأس الهرم اليوم بعدما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدد من القادة البارزين في الحزب. بينهم نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ورئيس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد، ورئيس الهيئة الشرعية محمد يزبك ومعاون نصرالله للشؤون السياسية حسين الخليل..

يتعاطى حزب الله غالباً مع العقوبات التي تطال عناصر منه بخفة كاملة على اعتبار أن أحداً منهم لا يتخطى الاعتبارات التي تمنع الحزب من القيام بأي عملية مصرفية طبيعية في بنوك غربية وعربية تابعة بخيارها السياسي للمنطق والتوجّه الأميركي السياسي والاقتصادي في المنطقة. وبالتالي فإن وقف التعامل مع أشخاص ومؤسسات تابعة لحزب الله مرتبط بالتعامل بكل ما لديه علاقة بالجمهورية الاسلامية الايرانية. وهو معروف سلفاً من قبل محور لا يتخطّى الممنوع، لذلك قام منذ سنوات بإنشاء بنوك مصرفية تابعة للدول التي تجمعها المشكلة نفسها وبنوكاً أيرانية موجودة في لبنان سهلت العمل بعض الشيء مع جزء من هذا الواقع. أما الأهم فإن حزب الله لا يتأثر غالباً بهذه القرارات بل يتأثر بما له علاقة ببيئته الشعبية، أي أن الضائقة المالية والاقتصادية التي تنشأ في هذه البيئة بسبب العقوبات تؤثر عليه وعلى سلوكه السياسي الذي قد يضطره في بعض الوقت على التخفيف من الهجوم في بعض الخطابات على دول خليجية محدّدة تحديداً السعودية أو البحرين لعدم التضييق على الشيعة في البلدين بعد أن تمّ طرد الكثير من العائلات، لكن بدون أن يعني ذلك ان الحزب التزم بهذا بل أداره بشكل تكتيكي بحت. وما لبث ان عاود استهدافه للمملكة العربية السعودية خصوصاً في سلوكها السياسي والعسكري في اليمن ومؤخراً في مسألة الموافقة على نقل السفارة الأميركية إلى القدس ضمناً، لأن هذا لم يكن ليتمّ بدون تشجيع سعودي برأي حزب الله، خصوصاً أن الخطاب الديني على ما كشفه أمين عام الحزب في خطابه الأخير صار يعتمد على فكرة أحقية تاريخية لليهود في القدس.

بالعودة للعقوبات فجديدها عقوبات خليجية أميركية هذه المرة أما الأهم فهو تسمية نصرالله شخصياً ضمن هذه المجموعة. وفي ذلك رسائل هامة باختيار التوقيت الذي أتى بعد الانتخابات النيابية وتحقيق الحزب نتيجة مهمة أكدت أن أياً من البيئة المحيطة فيه أو التي تحتضنه كبيئة ناخبة وليس فقط مؤيّدة لم تتأثر بأي من مشاركاته الخارجية بحروب أبعد من الحدود اللبنانية ولم تتأثر أيضاً بما حققته هذه المشاركات من نتائج كلفته تقديم أرواح وجرحى كثر ضمن عقيدة القتال ضد الارهاب وبالمنطق او السلوك نفسه الذي تخصص فيه بمواجهة «اسرائيل» التي وجدها خصماً حاضراً في الميادين كلها.

هذه العقوبات تقول التالي للأفرقاء اللبنانيين الذين توجهت إليهم بشكل خاص.

اولاً: مخاطبة الأميركيين لخصوم حزب الله أي حلفائها الخارجيين من الانتخابات بمخاوف السيطرة التي يمكن أن تطغى على الموقف الاستراتيجي لملفات وطنية في مجلس النواب بتغير الأكثرية، مفادها عدم الخوف من نتائج الانتخابات وأن الدعم لا يزال موجوداً وأن الساحة لن تكون خالية لحزب الله أو فارغة من الأفكار ووسائل المواجهة أي أنه ليس عليهم الاستسلام للحزب.

ثانياً: هذه العقوبات تخفّف من وهج انتصار حزب الله بالساحة اللبنانية بعد الانتصار الانتخابي، فتزيح النظر عن هالته وتأخذ العيون نحو تذكير الحزب أن سيطرته على مفاصل البلاد اقتصادياً أو سياسياً ليست خياراً جيداً إنما هي خيار يعني العزل عن المجتمع العربي والدولي. وبالتالي فلا مناص من التحالفات والمشاركة مع حلفاء السياسة الأميركية في الحكومة والخضوع الى ما تمليه بعض الشروط لتسيير أعمال الدولة وإعطاء الأولوية لصورة حكومة منفتحة على كل الدول والإبقاء على شبكة المصالح السابقة والحفاظ عليها.

ثالثاً: العقوبات تؤثر مباشرة على تشكيل الحكومة التي يفترض أن يتم قريباً. فالمطلوب في أي تشكيلة مقبلة أن ترفع مصلحة الدول العربية، خصوصاً الخليجية التي انضمّت الى قائمة العقوبات بشبه إجماع إلى أعلى المستويات كما رفع أولوية المصلحية السياسية لهذه الدول وأخذها بعين الاعتبار، وإلا فعزل لبنان اقتصادياً عن محيطه العربي بعد أن اكدت نتائج الانتخابات قدرة حزب الله على تشكيل أكثرية وزارية حليفة مؤيدة لسياسته الخارجية.

رابعاً: تسويق تشكيل حكومة وفاقية جامعة بعيداً عن الاستفزاز. وهذا للإشارة لم يكن ليتمّ لو كان حلفاء الولايات المتحدة من الأحزاب اللبنانية هم مَن سيطروا على أكثرية المجلس بل كانت خطة السبهان المتمثلة بحكومة خالية من حزب الله هي المطلب المنشود، لكن وبما أن الدفة مالت لحزب الله وحلفائه فصار التوجه الى امتصاص الجولة مرتبطاً بحكومة وفاقية جامعة بما يشبه العودة لشكل الحكومة السابقة التي تحوّلت تصريف اعمال، وارتضت بها المملكة بعد فك أسر الحريري كأخف الشرور.

خامساً: بلا شك يبقى لرمزية استهداف نصرالله شخصياً مالياً وترتيبه على لوائح الارهاب حساباً اساسياً في العمل الأميركي الذي يستهدف دائماً النيل من صورته «الحكيمة» المتفق عليها في الشارع اللبناني.

سادساً: الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه واشنطن رسالة مباشرة لطهران بالتضييق عليها وعلى حلفائها، منهم حزب الله.

Related Videos
Related Articles


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: