سبتمبر 12, 2019
ناصر قنديل
– خلال نصف قرن على الأقل، منذ بدء ولاية الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1969 يعبر منصب مستشار الأمن القومي أكثر من سواه عن وجهة السياسات الخارجية، التي تصنعها على الغالب القدرة الأميركية على خوض الحروب، فيما تتولى وزارة الخارجية حصاد النتائج وإعادة توظيفها. وهكذا يظهر فإن أسماء لامعة تبوأت هذا المنصب تركت بصمات بارزة على السياسات الأميركية والعالمية، كما سيظهر أن استقرار هذا المنصب يعبر أكثر من سواه على استقرار القوة الأميركية، وقدرتها على صناعة السياسة.
– مع نيكسون كان هنري كيسنجر هو المستشار، وبقي طيلة الفترة الرئاسية التي لم يُكملها نيكسون وأكملها جيرالد فورد، الذي استبقاه مستشاراً خلال ولايته الأولى ليستبدله باسم لامع آخر هو برنت سكوكروفت، بعد أن أسند لكيسنجر وزارة الخارجية ليقوم بحصاد زرعه بنفسه، فأقام كيسنجر في المنصبين ثماني سنوات كاملة فتح خلالها أبواب الصين وأنهى حرب فيتنام. وفي عهد جيمي كارت اسم لامع آخر هو زبيغنيو بريجنسكي رافقه طيلة سنواته الأربع في البيت الأبيض. أما في عهد رونالد ريغان فستة مستشارون لولايتين يكفي عددهم والنظر في أسمائهم للقول إن عهد ريغان بولايتيه كان عهد الاضطراب السياسي والأمني في السياسة الخارجية، ليعود الاستقرار وتعود الأسماء اللامعة مع جورج بوش الأب، ومستشاره العائد إلى المنصب برنت سكوكرفت، ليرافقه في ولايته حتى نهايتها، التي توّجت بانهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، لتتصدر كوندليسا رايس عهد جورج بوش الإبن ويليها ستيفن هادلي، ويبقى عهد بيل كلينتون قبله بولايتيه فارغاً من أسماء لامعة، لكن الجامع المشترك بين عهدي كلينتون وبوش الإبن هو الاستقرار، بمستشارين لكل منهما لولايتيه، وبينما أتم باراك أوباما ولايتيه بثلاثة مستشارين عاديين للأمن القومي، وحده دونالد ترامب من الرؤساء الأميركيين استهلك أربعة مستشارين ويهم بتعيين الخامس ولم ينهِ ولايته الرئاسية الأولى بعد.
– خلال الشهر الأول من ولايته الأولى استهلك دونالد ترامب أول مستشارين مايكل فلين وكيث كيلوغ، في محاولة التعرّف على كيفية التوفيق بين خطابه الانتخابي القائم على أميركا أولاً و أميركا العظيمة لا أميركا العظمى و لسنا شرطي العالم ، من جهة، وبين متطلبات التفاهم والتعاون مع صناع السياسية الحقيقيين في الدولة العميقة، دولة المخابرات والبنتاغون وكواليس الدبلوماسية وصناعات السلاح وشركات النفط. وكان هربرت ماكماستر مستشار ترامب للمرحلة الأولى التي انتهت بإعلان الرغبة بالانسحاب من سورية، ليشكل مجيء جون بولتون تعبيراً عن محاولة لملاقاة تيار الدعوة للتصعيد والتلويح بالحرب، وخلال أقل من سنة ونصف هوى بولتون صريعاً، بضربة أفيفيم وليس بالخلاف حول أفغانستان. فمعادلة بولتون كانت التهويل يكون أميركياً والحرب إسرائيلية . وهو المولع بكيان الاحتلال، والمتحمس لاسترداد قدرة الردع، ليسقطا معاً في أفيفيم، التي كان يفترض أن تتحول إلى نصف حرب تفتح أبواب التفاوض حول كل ملفات المنطقة، فخذلت إسرائيل عشيقها واختبأت من حرب كان يأمل بأن تفتح أبواباً لتعديل الخرائط.
بعد اليوم سيكون صعباً أن يتحدث قادة الاحتلال عن أن عملية أفيفيم انتهت بلا سقوط ضحايا. فقد كان جون بولتون أهم ضحاياها… والآتي أعظم.
- إسرائيل تنعى «صديقها»: ضربة كبرى لجهود مواجهة إيران
- إقالة بولتون: حزب الحرب بلا زعيم
- «حزب الحرب» يفقد أبرز أركانه
- «الصقر» الذي لم يُخضِع ترامب
- إقالة بولتون إقرار بتفتُّت العصر الأميركي!
- شينكر يبحث عن صواريخ المقاومة ويهوّل بالحرب
- الثوابت الوطنية القاطعة في إطلالة سماحة السيد
- المقاومة تتحدّى العدو: غزة ليست ورقة انتخابية
- عندما اهتزّت صورة نتنياهو بصاروخ!
- الساحة تخلو لـ«الأكثر دناءة»
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment