2019
د. عصام نعمان
لم تنتهِ بعد جولة الأيام الثمانية الضاحية أفيفيم بين «إسرائيل» وحزب الله. ما صدر عن بنيامين نتنياهو والسيد حسن نصرالله يؤكد أنّ صولات وجولات ستعقب الصراع المتوقّد بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من جهة وحزب الله وسائر أطراف محور المقاومة من جهة أخرى.
نتنياهو أعلن في أول جلسة لحكومته بعد الجولة الأخيرة تحديد ثلاثة أهداف للجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية: «وقف المشروع النووي الإيراني، منع إيران من تزويد أعدائنا بسلاح دقيق يشكّل خطراً علينا، ومنع تموضع إيران وأذرعها عند حدودنا».
مصدر أمني رفيع أكدت مصادر إعلامية إسرائيلية مطلعة أنه نتنياهو نفسه بصفته وزيراً للدفاع فسّر الترتيب الآنف الذكر بأنّ رئيس الحكومة «أمر بتغيير سلم الأولويات التي تتعلق بمواجهة إيران، ذلك انّ البرنامج النووي الإيراني يبقى على رأس سلّم الأولويات، لكن بعده في المرتبة الثانية يأتي هدف وقف مشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، وبعد ذلك فقط يأتي منع إيران من التموضع العسكري في سورية ولبنان والعراق واليمن وغيرها».
مصدر أمني «إسرائيلي» آخر رفيع المستوى قال لصحيفة «يسرائيل هَيوم» 2019/9/3 المقرّبة من نتنياهو «إنّ إسرائيل باتت تعتبر مشروع الصواريخ الدقيقة لمنظمة حزب الله أكبر تهديد لها، يليه المشروع النووي الإيراني، ثمّ منع التموضع العسكري الإيراني في كلٍّ من سورية ولبنان والعراق واليمن».
لماذا رفّعت «إسرائيل» حزب الله الى مرتبة تهديد أعلى من إيران او يليها في الخطورة على الأقلّ؟
المصدر الأمني الإسرائيلي المُشار إليه هو نفسه مَن أجاب عن هذا التساؤل بقوله: «إنّ «إسرائيل» لا يمكنها ان تسلّم بوضع تكون فيه محاطة بآلاف الصواريخ الدقيقة، وهو ما يجعل أيّ منطقة في البلد في مرمى هذه الصواريخ».
هذا التفسير يبدو منطقياً كون لبنان، حيث صواريخ حزب الله الدقيقة، قريب جداً من «إسرائيل» في شمال فلسطين المحتلة، وفي قطاع غزة جنوبيّها، حيث من المتوقع ان تتزوّد فصائل المقاومة بصواريخ دقيقة أيضاً على مقربة من قلب «إسرائيل» في الوسط، فيما إيران تبعد عن الكيان الصهيوني مئات الآف الكيلومترات.
إلى ذلك، اتهمت «إسرائيل» حزب الله، بعد الجولة الأخيرة، بإنشاء مصنع للصواريخ الدقيقة قرب قرية النبي شيت في سهل البقاع شرقيّ لبنان ما يرقى الى محاولة ردّ على السيد نصرالله الذي كان أكدّ ان الحزب لا يملك البتة معامل لتصنيع الصواريخ الدقيقة، ولو كان يملك مثلها لكان أعلن ذلك بإعتزاز وفخر.
إلامَ تشير كلّ هذه الإتهامات؟ الى غاية واحدة هي انّ حكومة نتنياهو العدوانية لن تتوقف عن مواجهة المقاومة اللبنانية براً وبحراً وجواً، وانّ الجولة الأخيرة بين الطرفين ستعقبها جولات أخرى.
حزب الله سيردّ قطعاً على الاعتداءات الإسرائيلية المقبلة. أمينه العام، قائد المقاومة، أعلن في آخر خطاب له:
«إذا اعتديتم، فإنّ جنودكم ومستعمراتكم في عمق العمق ستكون ضمن أهداف ردّنا، وليس هناك خطوط حمر في الدفاع عن لبنان».
إذ يبدو لبنان والمنطقة مقبلين على جولة صراع ساخنة، تحرّكت واشنطن لاحتواء الأزمة بإيفاد السفير ديفيد شنكر بوصفه الوسيط الأميركي الجديد في ملف ترسيم الحدود بين لبنان و»إسرائيل» بعد تسلّمه الملف من سلفه السفير ديفيد ساترفيلد. شنكر سيسعى الى إيجاد تسوية لهذا الملف بعدما أصرّ لبنان على ربط الحدود البرية والبحرية في المحادثات وذلك خلافاً لموقف «إسرائيل» الداعي الى حصر البحث بالحدود البرّية فقط.
من الواضح انّ ما تسعى إليه واشنطن هو محاولة إيجاد تسوية لمشكلة ترسيم الحدود بغية تنفيس الاحتقان بين الطرفين في هذه الآونة العصيبة التي في سياقها جرت الجولة الأخيرة من الصدام المسلح. غير انّ ما يجعل مهمة شنكر بالغة الصعوبة انّ رؤساء الجمهورية ومجلس النواب وغالبية الكتل البرلمانية ناهيك عن معظم الهيئات الشعبية والقوى الوطنية والديمقراطية تقف موقفاً موحداً عنوانه الأبرز حق لبنان في الدفاع عن نفسه في وجه الإعتداءات «الإسرائيلية».
وعليه، من المشكوك فيه انّ لدى واشنطن مخرجاً نوعياً لإبعاد المنطقة عن سطح الصفيح الساخن الذي تقف عليه هذه الأيام…
وزير سابق
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment