المنطقة والعالم بانتظار الاستحقاق الرئاسي الأميركي الكبير والذي تبنى على اساسه اجندات مركزية للتعامل بين دول المنطقة انطلاقاً من أولوية تقدير العلاقة مع «إسرائيل». ومع ان العلاقة بين واشنطن وتل ابيب لا تقع ضمن دائرة تأثير هوية او انتماء الرئيس «جمهوري» كان ام «ديمقراطي» عليها، الا ان تجربة العشر سنوات الاخيرة تؤكد العكس تحديداً اثناء تولي الرئيس باراك اوباما الحكم وهي مرحلة فيها الكثير بين سطورها من تفاصيل تحاكي الفشل الذريع في التقاط «كيمياء» للعلاقة بين المسؤولين الإسرائيليين وتحديداً رئيس الوزراء بن يمين نتنياهو والرئيس الديمقراطي «اوباما» الذي كان من أشد المتحمّسين للعلاقة مع إيران وتعبيد الطريق عبر الاتفاق النووي في فيينا عام 2015 وكان أقل الرؤساء حماساً لتقديم الطروحات الإسرائيلية كأولوية حسب مسؤولين إسرائيليين والسبب عدم التوافق الشخصي مع نتنياهو، الا ان الرد الديمقراطي على هذا الكلام كان أخذ الأمن الإسرائيلي بعين الاعتبار من منظار آخر يعتبر فيه الانكفاء عن الحروب والنزعة نحو التسويات اضمن لكل الأطراف في الشرق الاوسط.
هذا الوضع رفضته «إسرائيل» بالكامل ومع قدوم دونالد ترامب توج الرئيس الأكثر «خدمة» لـ»إسرائيل». فما قام به لم يكن متوقعاً لجهة نقض سياسات خلفه اوباما بالكامل بين «نسف الاتفاق النووي مع إيران» وطرح «صفقة القرن» كأجندة بعيدة المدى موضوعة ضمن مساعي التنفيذ عبر مستشاره جاريد كوشنر، وهي بمثابة تعهد للإسرائيليين للسنوات المقبلة يضاف الى التجرؤ على التصعيد العسكري بالمنطقة في غير مرة عبر ضرب مواقع في سورية واستهداف قادة عراقيين وإيرانيين في العراق وتسجيله اقوى الاهداف في مرمى الامن الإيراني باستهداف قائد فيلق القدس اسطورة قادة المنطقة بالنسبة لإيران وحلفائها الجنرال قاسم سليماني، إضافة الى اقصى العقوبات المالية على حزب الله.
كل ما انتهجه ترامب يثير اهتمام المسؤولين الإسرائيليين وتحديداً نتنياهو الذي يرغب وبشدة باستكمال ما بدأه حيال الملف الإسرائيلي – الفلسطيني وتحديداً ضم المزيد من الأراضي وصولاً حتى فرض صفقة القرن واقعاً.
وبعيداً هنا عن إمكانية نجاح المشروع من عدمه الا ان المساحة الأساسية لأمن «إسرائيل» عند ترامب تفوّقت على رؤساء كثر أملاً بالحصول على دعم بالانتخابات الرئاسية الأميركية عبر دعمه من خلال الضغط على اللوبي الإسرائيلي «الناخب الوازن» في الولايات المتحدة حيث تندرج ضمن نفوذه مؤسسات تسيطر على صناعة الرأي العام الأميركي والتأثير عليه منها مراكز دراسات امنية واستراتيجية.
يطرح الرئيس الأميركي «المأزوم» اليوم دونالد ترامب رغبته بتأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر لان الظروف الصحية لا تسمح بإجرائها سوى عبر الانترنت او التصويت الالكتروني. وهذا ما يجعل القلق ينتابه لأسباب كثيرة ودقيقة أبرزها:
اولاً: ان الحرب السيبرانية التي تأخذ مداها بين واشنطن وطهران والتي يبقى جزء منها قيد الكتمان بالأعم الاغلب من الحوادث التي ذكرت في وسائل الإعلام تبقى من دون تفاصيل. وهي التطور الكبير الذي ظهر على المشهد او على تغير شكل الحرب الدائرة بين الطرفين. وبالتالي فان امكانية اختراق الإيرانيين للشبكة الأميركية المعنية بالانتخابات ليس مستبعداً بل سيكون الأكثر طرحاً وقوة خصوصاً أن إيران لم تقفل ملف الرد على اغتيال الجنرال قاسم سليماني والمرشد الأعلى السيد على خامنئي لا يزال يكرر هذا في كل مناسبة. وبالتالي فان اي تلاعب بالنتائج او تخريبها وارد جداً.
ثانياً: واجه ترامب بداية فوزه بالانتخابات بالولاية الاولى اتهامات كادت تسحب منه الرئاسة على خلفية بروز تقارير تؤكد تدخل روسيا بالانتخابات الأميركية للمرة الاولى ودعم ترامب عبر لقاءات جرت مع أحد الدبلوماسيين الروس. وهو الأمر الذي وضع ترامب في موقف محرج ادى الى اتخاذه قرارات تصعيدية منذ بداية ولايته لاستعادة الثقة به. وهو الامر الذي يخشى حدوثه مرة جديدة عبر خرق روسي ايضاً او ربما صيني بعد الاتهامات الكبرى المتبادلة جراء جائحة كورونا والعمل على نسف شبكات الامان الاجتماعي للدول الكبرى.
ثالثاً: إن إمكانية التدخل والتزوير والضغط على الناخب كبيرة، خصوصاً من جهة الديمقراطيين فهذه العملية لا تكون شفافة من دون ان تتم بمراكز خاصة وراء عازل يحفظ للناخب حرية خياراته اضافة الى امكانية التزوير في الولايات الديمقراطية والتأثير بأشكاله كافة على عملية التصويت.
قد تبدو هواجس ترامب حجة للتمديد. هكذا يقرأها الديمقراطيون وهكذا يروجون الا ان هذا ليس صحيحاً. فالقلق في مكانه، ومصير ترامب ليس مطمئناً لجهة شكل العملية.
هناك تجارب حصلت في حزيران، سمحت ولاية نيويورك للناخبين بالتصويت بواسطة البريد في الاقتراع الأولي لمرشحي الحزب الديمقراطي للرئاسة. ولكن حدث تأخير طويل في فرز بطاقات الاقتراع، ولا تزال النتائج غير معروفة. هذا ما تؤكده المعلومات المنشورة.
وبعيداً عن السياسات الخارجية وقع ترامب بألغام محلية كبيرة بعد ان تقدم بالاقتصاد الاميركي نحو موقع افضل الا ان انتشار فيروس كوفيد 19 وتعاطيه معه اضافة الى انفجار لغم “العنصرية” ضد ذوي البشرة السمراء وضع امامه حقيقة خسارة اصوات الأكثرية الساحقة من هؤلاء الذين اختاروه رئيسا في الولاية الاولى..
يتحدث خبراء عن حظوظ كبيرة للمرشح جو بايدن فقد عانى من صدمة فقدان زوجته الأولى وابنته ذات الثلاث عشرة سنة في حادث سيارة بعد فوزه في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1972. وفي عام 2015 توفي ابنه الذي نجا من الحادث نتيجة نوع نادر من سرطان الدماغ ما أكسبه تعاطفاً بشكل تلقائي.. وهذا ما يجعله قريباً من الكثيرين من أفراد العائلات التي فقدت أحباء لها نتيجة وباء كورونا وعددعم 140 ألفاً، حسب التقارير.
كل المؤشرات السيئة تحيط بترامب، لكن هذا لا يخفي ابداً فكرة قربه من الشباب الذين يختارونه للمرة الثانية حسب الاستطلاعات واعتبار بعض الاقتصاديين انه خيار افضل عن بايدن بالوقت الذي يبدو فيه الأخير ضعيفاً في هاتين الناحيتين..
و عليه، تصبح هذه الفترة هي الأخطر على المنطقة بحيث يحتاج ترامب فيها الى تطور كبير ربما يكون التوجه لتسويات مع اعدائه كي لا يتآمروا عليه انتخابياً او ربما يأخذه هذا المنطق نحو تصعيد كبير
No comments:
Post a Comment