يهرب الأميركي المنهزم على أبواب عواصم المقاومة وتخوم بلاد العرب والعجم وأسوار أسود الشام وإيران بحثاً عن استعراضات هوليودية لا طائلة من ورائها…!
فها هو الرئيس الأميركي وبعض مسؤولي ادارته الكبار، مثل وزير الخارجية ووزير الحرب، يواصلون إطلاق التصريحات الاستفزازية والمثيرة لزعزعة الأمن والاستقرار الدوليين، لا لشيء او لسبب وجيه وإنما دعماً منهم لحملة رئيسهم الانتخابية المتعثرة، لأسباب عدة لا مجال للتطرق اليها في هذا المقام. وقد كان آخر هذه التصريحات الاستفزازية اللامسؤولة ذلك التصريح الذي صدر عن وزير الحرب الأميركي، مارك إسبر، قبل يومين والذي قال فيه انّ بلاده لن “تتنازل” عن شبر واحد في المحيط الهادئ، في رسالة موجهة لجمهورية الصين الشعبية، التي كانت تجري مناورات بحرية وجوية واسعة النطاق، وبالذخيرة الحية في المنطقة المذكورة.
ولكن الصين الشعبية قرّرت استخدام مقياس أكبر من مقياس وزير الدفاع الأميركي فقامت باستخدام قياس الذراع، وهو عبارة عن وحدة قياسية أكبر من الشبر وتزيد عنه بالثلثين (يُستعمل في بريطانيا باسم اليارد).
فبالإضافة إلى تصريحات وزارة الخارجية الصينية، الشديدة اللهجة، والتي رفضت فيها تصريحات الجنرال مارك إسبر، حيث قالت له: “انّ الجيش الشعبي الصيني لن يرقص على الموسيقى الأميركية”، نقول إنه بالإضافة الى هذه التصريحات قامت قيادة جيش التحرير الشعبي الصيني باتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية لإقران القول بالفعل، حيث نفذت العمليات التدريبية والقتالية التالية خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، في بحر الصين الجنوبي:
1 ـ إطلاق صاروخ سطح بحر، من طراز دونغ فينغ ، وهو الصاروخ الذي يطلق عليه اسم: قاتل حاملات الطائرات او غوام اكسبرس ( كناية عن القاعدة البحرية والجوية الأميركية الموجودة في جزيرة غوام غرب المحيط الهادئ، حسب ما يسمّيه العسكريون الأميركيون. وقد أطلق هذا الصاروخ، يوم ٢٦/٨/٢٠٢٠، من مقاطعة كينغهاي ، في شمال غرب الصين، باتجاه هدف بحري افتراضي معادٍ في المنطقة الواقعة بين مقاطعة هاينان في البر الصيني وجزر باراسيل في بحر الصين الجنوبي.
علماً أنّ أهمّ المواصفات العملياتية لهذا الصاروخ الخارق هي التالية:
يبلغ المدى العملياتي الفعال لهذا الصاروخ اربعة آلاف كيلومتر.
يبلغ وزن الرأس الحربي للصاروخ الف وثمانمائة كيلو غرام، الذي يمكن ان يكون رأساً تقليدياً او نووياً.
يعمل بالوقود الصلب ويمكن إطلاقه من قواعد ثابته او من على متن عربات عسكرية متنقلة، ويطير بسرعة فرط صوتية.
قيام جيش التحرير الشعبي الصيني بإطلاق صاروخ دفاع بحري ثاني بتاريخ 26/7/2020، من طراز ، الذي تم اطلاقه من مقاطعة تشي جيانغ، في شرق الصين، باتجاه هدف بحري في نفس المنطقة البحرية المذكورة أعلاه، وهي منطقة عمليات المناورات التي ينفذها الجيش الصيني هناك.
اما المواصفات العملياتية لهذا الصاروخ فهي التالية:
مدى هذا الصاروخ هو الف وسبعمائة كيلومتر.
يحمل رأساً متفجراً زنته ستمائة كيلوغرام.
يعمل بالوقود الصلب وسرعته عشرة اضعاف سرعة الصوت.
وقد أفاد أحد الخبراء العسكريين، المتخصصين في الشأن الصيني، في تعليق له على استخدام الصين لهذا النوع من الصواريخ في هذا التوقيت بالذات، افاد بالقول انه وبالاضافة الى تصريحات وزير الحرب الأميركي الاستفزازية، التي أطلقها وكأنّ بحر الصين الجنوبي جزء من المياه الإقليمية الأميركية، فإنّ جمهورية الصين الشعبية قد أرادت التأكيد على جديتها وإصرارها على الحفاظ على سيادتها البحرية، في بحار الصين، التي تتمتع بأهمية عالية جداً في مجال الملاحة البحرية المدنية والعسكرية للصين.
كما انّ قيام إحدى طائرات الاستطلاع الاستراتيجي الأميركية، من طراز سرعتها 765 كم في الساعة وتطير على ارتفاع 22000 متر، قيامها قبل يومين بمحاولة الدخول الى منطقة حظر الطيران ، التي أقامها الجيش الصيني، في منطقة التدريبات البحرية الجوية، التي تنفذها صنوف الاسلحة الصينية المعنية، وقيام مدمرة أميركية بمحاولة دخول منطقة عمليات سلاح البحرية الصينية يوم اول من امس، قد دفعت بالقيادة الصينية على اتخاذ إجراءات الردع الصاروخي هذه، وذلك بهدف تثبيت قواعد اشتباك دائمة في هذه المنطقة العامة والحساسة.
يذكر انّ مجلة “نيوزويك” الأميركية نشرت في عددها الصادر بتاريخ 29/1/2014، انّ السعودية قد اشترت عدداً غير محدّد من الصواريخ الصينية، طراز فنج دوغ 3 وهي الطراز المعدل للصاروخ الاقدم ، الذي اشترت منه السعودية عدداً مجهولاً سنة 1988.
وتابعت المجلة الأميركية قائلةً ان المخابرات المركزية الأميركية قد وافقت على الصفقة، التي عقدت سنة 2007 بين بكين والرياض، وذلك بعد تعديل أدخل على هذه الصواريخ يجعلها غير قادرة على حمل رؤوس نووية.
وقد دفعت وزارة الدفاع السعودية تكاليف “المساعدة اللوجستية” التي قدّمتها للحكومة السعودية، في إجراء تعديلات على صواريخ الصينية، بحيث لا تكون صالحة لتسليحها برؤوس نووية.
من كل ما تقدّم يتضح تماماً انّ هناك قواعد اشتباك جديدة، ترسم على صعيد الصراع الدولي بين القوى العظمى، خاصة اذا ما أضفنا الى التحركات الميدانية الصينية تلك الديبلوماسية، التي أطلقتها المتحدثة باسم الخارجية الروسية يوم 25/8/2020، رداً على التهديدات الأميركية بنشر صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى في آسيا “لمواجهة العدوان الصيني الروسي” كما ورد على لسان وزير الخارجية الأميركي. تلك التصريحات التي أطلقتها زاخاروفا، وعلى الرغم من كونها مغلفة بغلاف مخملي سميك، إلا انّ لها قعقعة لا تقلّ عن قعقعة صواريخ المارشال غريتشكو، وزير الدفاع السوفياتي السابق، الذي كان يسمّيه الناتو الوزير الذي يقعقع بالصواريخ، حيث قالت: “انّ ظهور مخاطر صاروخية اضافية تهدّد الأراضي الروسية سيسفر عنه ردّ فعل فوري من جانبنا”.
وفي هذا رسالة شديدة الوضوح لمن يعنيه الأمر، في الولايات المتحدة والناتو، تقول: سندمّر قواعد الصواريخ هذه في حال تمّ نصبها. وما إرسال قوات خاصة روسية الى روسيا البيضاء، لمساعدة جيشها وقواتها الأمنية على التصدي لعمليات التخريب الأميركي الأوروبي هناك، ورغم أنها ليست قوة عسكرية كبيرة إلا أنّ لها دلائل تصل الى بروكسل (مقر قيادة الناتو) بكلّ تأكيد، بل انها تعبر الأطلسي، بكلّ سهولة، كي تستقرّ على مكتب وزير الحرب الأميركي، الذي يعرف تماماً ما الذي تعنيه هذه الرسالة، وهو الذي يدير ما يزيد على ألف قاعدة عسكرية أميركيه خارج حدود الولايات المتحدة ويعرف حجم الاخطار التي تتهددها، في حال اتخاذ خطوات صاروخية أميركية تهدّد روسيا، التي لن تتوانى لحظة واحدة، في اعطاء الضوء الأخضر لأصدقائها في العالم للقيام بما يلزم لردع العدوان الأميركي.
يمكن التأكيد في الختام بأنّ المواجهة الجارية في أقصى الشرق تأتي في سياق منظومة خطوات ديبلوماسية وسياسية وعسكرية ممنهجة ومدروسة بدقة ويتمّ تنسيقها، بكلّ تفاصيلها، بين كلّ من جمهورية الصين الشعبية وروسيا وإيران وسورية وحزب الله، على الرغم من عدم الإعلان عن ذلك بشكل استعراضي.
هناك استراتيجية ثابتة وأهدافاً واقعية وقابلة للتحقيق لن تتنازل عنها القوى المذكورة أعلاه، على الرغم مما قد يبدو للبعض من انه اهتزاز او تخلخل او تراجع في مواقف معينة تعني قضايا جزئية بعينها هنا أو هناك. انّ ما ترونه على هذا الشكل ليس سوى تطبيقاً عملياً لمبدأ الاستراتيجية الثابتة والتكتيك المرن والطويل الأمد، سواءً على الصعيد السياسي الديبلوماسي او العسكري. المبادئ ثابتة والتكتيكات تفرضها ظروف الميدان.
إذ انّ القدرة على التكيّف والتفاعل مع متغيّرات الميدان هي الأساس، في توفير ظروف النصر، لأنّ الجمود وعدم القدرة على الحركة المرنة يجعل من السهل على العدو توجيه الضربات القاتلة لك، بسبب عجزك عن المناورة ودمج عناصر المواجهة، من سياسية وديبلوماسية وعسكرية، للوصول الى هدفك الاستراتيجي:
النصر ضدّ الامبريالية الأميركية والاستكبار العالمي، وتحرير فلسطين كاملة من النهر الى البحر.
وهذا ما يسجله عالم التحوّلات الكبرى الذي تتسارع خطاه في إطار منظومة ثوابت كونية باتت واضحة للقاصي والداني مفادها أنّ مع يقف عكس اتجاه حركة التاريخ لا يمكن له كسر ارادة السنن الكونية..
السنن الحتمية التي هي في المقابل تستطيع ان تحوّله من دولة عظمى الى دولة فاشلة منهزمة بقدرة كن فيكون…!
بعدنا طيّبين قولوا الله…
No comments:
Post a Comment