عندما كنت أنتظر خطاب السيد حسن نصرالله كنت أحس انني لاأحسده على الموقف الذي وجد نفسه فيه .. وكنت أشفق عليه من صعوبة الخطاب الدقيق لأنه يجب ان يكون لكل حرف وزن ولكل حركة وسكون قيمة .. وتكاد كيمياء الكلام في هذا النوع من الخطابات تخضع وتنتقى من جدول مندلييف الدوري في كيمياء اللغة كما لو انها عناصر جديدة في كيمياء الحروف .. وكل كلمة مكونة من كوانتومات ضوئية ولها أمواج .. وفي كل سطر ميزان ريختر للزلازل .. لأن السيد حسن ان صمت تأدبا فان صمته سيثير هياج الضباع في بيروت الشرقية ويجعها تتوهم انها مقبلة على وليمة من لحم السباع .. وان زأر وتمطى غضبا .. فان عواء الكلاب سيملأ الكون .. ولذلك فان كل كلمة يجب ان تكون مفصلة على مقاس كل شخص يسمع بأذنيه .. ولها وزن ذري وكتلة .. وهذا يعني انه يجب ان يفصل من كل كلمة ملايين المقاسات والاوزان كي تناسب جميع الآذان والقلوب والارواح وكل من يستمع ..
فالمشكلة تتلخص في أننا نرى شخصا فارسا نبيلا أحاط به الصعاليك .. وهو لايحب مبارزة الصعاليك .. وسيفه ليس عصا لقتل الضباع ولا لابعاد الكلاب .. فهؤلاء ليس لهم الا العصا والدبوس والدرة .. والسيف الصارم المصقول يتركه الفارس لقتل لمن يستحق ان يقتل به ..
انا على يقين ان كل من استمع للخطاب أحس أنه عصارة العقل والحكمة .. الا سمير جعجع والقواتيين الذين ليست لهم أذان ولا عيون ولاقلوب .. لأنها حسب الاسطورة أكلتها الثعالب التي تبحث عن الاعضاء التي لاتستعملها المخلوقات .. وسنكون في منتهى السذاجة ان ظننا ان مخلوقا قواتيا او شخصا مثل جعجع قد فهم كلمة واحدة مما قيل او أنه استوعب الرسالة أو انها لينت قلبه وسقت عقله الخشبي اليابس فاخضوضر وأورق ..
الخطاب ألقى الرعب في اسرائيل وألقى الرعب في قلوب كل من يخشى على اسرائيل .. فالرجل يتحدث عن مئة ألف مقاتل بالحد الادنى وهم مئة ألف رجل كوماندوس حسب تصنيفات وخبرات المعارك .. ولذلك فان اسرائيل وأميريكا ستعملان بكل جهد على ان يدفع بسمير جعجع الى فك السبع ولو تمزق لحمه .. كيلا تنغرز نيوب الليث في أجساد الاسرائيليين والامريكيين .. سيكون سمير جعجع الدرع البشري الذي ستدفع به اسرائيل وسيكون القواتيون هم القرابين الغالية الثمن التي ستشتريها اسرائيل واميريكا طالما انها ستشغل الليوث عن اسرائيل فترة ريثما تستعد لمواجهة هذا الرعب الجاثم في الشمال ..
سمير جعجع بكل غباء ونرجسية القاتل المحترف سيجد انه صار أهم شخصية في نظر اسرائيل لأنه تحدى السيد حسن نصرالله وصار حصان الرهان وأنه الرجل الذي سينقذ اسرائيل وتنتظره اسرائيل كالمسيح المخلص .. وسيحمل الافعى تحت أبطه حتى انه سينال لقب (تأبط شرا) .. وستضحكون ان اسرائيليين نشروا بوستات لرأس جعجع الاصلع وكتبوا تحت صاحب الصلعة الكبيرة: (ان للبنان حكيما الآن) ..وهناك في بيروت الشرقية من سيملأ رأسه بالخرافات والاوهام .. وهناك من سيضخ في آذان القواتيين المزيد من الغباء والرعونة والكراهية .. ولاأظن ان اسرائيل ستترك جيش حزب الله في الشمال متفرغا لها بل ستدفع جعجع للانتحار طالما انه يؤجل معركتها مع جيش حزب الله ..
وبعد ان انتهى دور الاسلاميين في تأخير المعركة بين محور المقاومة واسرائيل وتلقوا كل الضربات نيابة عنها وذادوا بارواحهم وأجسادهم في سبيلها .. وبذلوا الغالي والنفيس ذودا عنها .. وماتوا في سبيل اسرائيل كالجراد .. بعد ان احترقوا وحرقوا .. وقتلوا وقتلوا .. وانتهت لعبتهم .. لم يبق أمام اسرائيل سوى تنسيقية بيروت وقائد الجيش الحر اللبناني سمير جعجع وكتيبة الجعاجعة .. الذين ان اندلع القتال سيعيدون سيناريو الانسحابات التكتيكية الشهيرة .. وسنتهي المعركة بالباصات الخضراء تقف على مشارف بيروت لتنقل القواتيين خارج بيروت من غير سلاح وترمي بهم خارج بيروت ..
اسرائيل تعلم مدى قوة حزب الله ومدى شراسته في القتال وهو الذي اكتسب خبرة لاتقدر بثمن في الحرب السورية وواجه مع السوريين أشرس انواع القتال والانتحاريين في التاريخ .. ولذلك فانها لن تدخر وسيلة لدفع الحمار جعجع الى فك الاسد .. والحمار سيظن ان حافريه كافيان لكسب المعركة ..
ربما يعرف السيد حسن ان القواتيين هم نسخة مسيحية من داعش .. وأذكر انه توجه لكل نية صادقة للدواعش وللقاعدة في بداية الحرب السورية وحذرهم من انهم قرابين يدفع بها الغرب للتخلص منهم ولضرب أعداء الغرب .. ونصحهم ان يفكروا بعقل وحكمة وأن يوفروا دماءهم ودماء المسلمين .. ولكن هيهات .. كان الاسلاميون مثل الحجارة التي تنحدر من الشواهق وكالأنعام الطائشة لايمكن ايقاف رعونتها .. انتحروا وسحقوا وماتوا بالمجان .. ولم يسمعوا النصيحة .. والقواتيون على خطاهم لاأعتقد انهم سيسمعون النصيحة ولن يوقفهم شيء .. الا اسرائيل نفسها .. عندما تضرب عقابا لها على هذا الاسلوب الرخيص في اطلاق الانتحاريين والمجانين في الشرق من أجل سلامتها ..
لذلك ربما لتوفير المعركة واضاعة الوقت .. على جيش حزب الله ان يؤدب اسرائيل كي يتأدب القواتيون وغيرهم .. ربما تكون معركة مع اسرائيل صعبة علينا وعلى الاسرائيليين .. وربما يكون ثمنها كبيرا .. ولكنه ثمن سندفعه من جيب اسرائيل ايضا وليس من جيوب بلادنا وابنائنا .. كما انها ستكون أم المعارك وهي التي ستجبر الاسرائيليين على أيقاف المجانين وربطهم وحزمهم حزم السلمة حفاظا على سلامتها .. اما الضرب في القواتيين فان سيكون أمنية اسرائيلية ومرحلة ثاتية من الربيع العربي الذي ستسميه (الربيع المسيحي) كي يموت القواتيون نيابة عنها كما مات الاسلاميون .. وكي ينشغل حزب الله ويستدرج الى الزواريب بدل مارون الراس وكفر كلا والجليل ..
أعتقد ان اسلوب اسرائيل صار معروفا وهو تقديم القرابين والدفع بالخدم للموت بدلا عنها .. ويجب على المقاومة الان ان تفكر بطريقة مختلفة .. لأن اسرائيل ستكرر التجربة طالما انها نجحت سابقا .. وعلينا ان نطور التجربة .. وهذه المرة للجم العملاء وتأديبهم .. يجب ان يصدر لهم الامر من اسرائيل بالعودة الى الاوكار والحجور لانقاذها .. ويجب ان يؤمروا بالتوقف عن ازعاج حزب الله والانصياع للهدوء .. ويجب ان تصبح المعادلة ان اي اعتداء قواتي على المقاومة سنفسره على انه امر عمليات اسرائيلي .. ويرد على صاحب امر العمليات .. في الجليل .. وليس في بيروت الشرقية ..
من يضرب الجليل فكأنما ضرب مقر القوات اللبنانية وغرفة نوم ستريدا وسمير .. ومن يدخل الجليل فانه كمن دخل كل بيوت العصيان والخيانة والجريمة .. هذا خيار يستحق ان ندرسه وان ننظر اليه بكل تأن وهدوء وحساب للربح والخسارة .. فلقد جربنا ضرب الاسلاميين الذين كانوا جيوشا بلا نهاية ولم يسمعوا النصيحة ولم يعيروا توسلاتنا اي اهتمام بأن لايقعوا في الفخ والمواجهة العبثية .. ولم يتعلموا وماتوا وهم يزحفون نحو الجنة ..
والقواتيون لايختلفون البتة ولهم نفس العقلية .. ويكاد الملقن والمعلم هو نفسه حتى انني أحس انهم يدرسون كتب محمد بن عبد الوهاب .. لأن لهم نفس الغباء والعقلية والعنف والتشنج والعصبية والعمى والصمم .. وكأني بهم من خريجي مساجد السعودية ..
اضربوا تل أبيب .. فيسقط سمير جعجع وجرذان القوات اللبنانية .. وسترتجف كل 14 آذار .. ولن تجرؤ على لوم حزب الله واختراع الاتهامات له مرة بقتل الحريري ومرة بتفجير بيروت .. ومرة بتفجير الحروب الاهلية .. ومرة بجر لبنان الى حروب ايران .. الكل سيكف عن النباح ..
في تل أبيب الخبر اليقين .. خبر الاسلاميين والاخوانيين والقواتيين وكل عملاء هذا الزمن .. انها دار المجانين .. ودار رعاية كل المرتزقة والصعاليك .. مسلمين ومسيحيين
No comments:
Post a Comment