Friday, 28 August 2009

بزوغ يهودية إسرائيل وأفول عروبة فلسطين؟



Contributed by Lucia..

UP, see this **very important** article, by Abu Sitta.

http://www.arabs48.com/display.x?cid=7&sid=25&id=65214

There is a French version (hopefully there will be an English one, if so, I'll let you know), and I'm uploading a Spanish version

بزوغ يهودية إسرائيل وأفول عروبة فلسطين؟../ د.سلمان أبو سته*

* رئيس ومؤسس هيئة أرض فلسطين - لندن

24/08/2009 22:00

بينما تحتل أعمدة الصحف أخبار إيقاف الاستيطان أو استمراره، أو أخبار المنافسة على المراكز في مؤتمر "فتح" في بيت لحم، تنفذ الآن أكبر عملية صهيونية وأخطرها منذ النكبة عام 1948، وربما أخطر منها، وهي إزالة فلسطين حقاً وأرضاً من الوجود الفعلي.

والغريب أن هذا الهجوم الكاسح لم يثر اهتمام العالم العربي ولا القيادة الفلسطينية الغارقة في توزيع المناصب ومحاربة عدوها الفلسطيني "حماس".

لقد انتقلت القيادة الصهيونية في إسرائيل من مرحلة شعار يهودية الدولة إلى تطبيقه على أرض الواقع بشكل نهائي، فقد أقر الكنيست في 3/8/2009 في قراءته الثانية والثالثة مشروع بيع أراضي اللاجئين إلى أفراد وجهات يهودية فقط في أي بلد، وبذلك تنقطع العلاقة، حسب القانون الإسرائيلي، بين صاحب الأرض الفلسطيني وأرضه. وهو ما لم تجرؤ إسرائيل على القيام به، بشكل قانوني معلن، منذ عام 1948.

لقد أقيمت إسرائيل على مساحة 20,255 كيلومتر مربع عام 1948/1949، وهو الجزء الذي احتلته من فلسطين (78%) محدداً بخط الهدنة حسب اتفاقيات الهدنة مع أربع دول عربية عام 1949.

لقد اخترعت إسرائيل في ذلك الحين تشكيلات قانونية معقدة للاستفادة من هذه الأراضي من دون ملكيتها قانوناً، خوفاً من الشجب الدولي والمحاسبة في المحاكم الدولية.
وباستثناء 7% من مساحة إسرائيل أي (1,429,000 ) دونم هي أرض يهودية حسب سجلات الانتداب فإن 93% من مساحتها (18,826,000) دونم هي أراض فلسطينية عربية، على مدى قرون من الزمان، مثلها مثل أي أرض في سورية أو مصر، سواء كانت ملكاً خاصاً أو ملكاً عاماً أو أرض فضاء لاستعمال أهل البلاد، أو ما تحتويه الأرض من ماء وثروات معدنية.

على أرض الواقع قامت إسرائيل بعد 1948 بتدمير القرى وحرق المحاصيل وتسميم الآبار، ظناً منها أن هذا سيردع اللاجئين عن المطالبة بحقهم في العودة.

وفي الميدان السياسي أعلنت إسرائيل خلال الشهر الأول من إعلان الدولة أنها لن تقبل بعودة اللاجئين لأنهم سيهددون أمنها. لكن السؤال الأهم لإسرائيل: كيف يمكن الاستفادة من هذه الأراضي الفلسطينية الشاسعة وممتلكات الفلسطينيين الثمينة في 14 مدينة من دون شجب دولي قد يؤدي إلى عودة اللاجئين واستملاكهم أراضيهم مرة أخرى؟ استغرق حل هذا الإشكال السنوات العشر الأولى من عمر الدولة، وخلالها صدر قانون أملاك الغائبين عام 1950 بمن فيهم الغائبين الحاضرين (أي بعض الباقين في إسرائيل) الذي يضع كل هذه الأملاك تحت سلطة "الوصي على أملاك الغائبين"، والذي لا يمكنه بيع هذه الأراضي.

وصدر قانون آخر عام 1950 وهو إنشاء "هيئة التطوير"، ومن مهماتها استلام الأراضي من الوصي، وتطويرها وتأجيرها واستعمالها، وأيضاً بيعها إلى جهات يهودية فقط.

قام بن غوريون بتحرك آخر عندما علم أن الوسيط الدولي الكونت برنادوت في تقريره النهائي سيوصي بعودة اللاجئين، وذلك بعقد اتفاق مع الصندوق القومي اليهودي، وهو منظمة عالمية، يقضي صورياً ببيع 2.5 مليون دونم من أراضي اللاجئين من أخصب الأراضي وأهمها موقعاً على حدود خط الهدنة إلى هذا الصندوق، بحيث يستطيع بن غوريون الادعاء بأن هذه الأراضي ليست في حوزة دولة إسرائيل الوليدة، وبالتالي لا يمكن لإسرائيل أن تسلمها للاجئين. وبالفعل تم اغتيال برنادوت وصدر القرار 194 القاضي بعودة اللاجئين كما توقع بن غوريون، لكن إسرائيل نجحت في إفشال محادثات لوزان عام 1949/1950 التي كان غرضها تنفيذ القرار 194 وبذلك استمرت إسرائيل في السيطرة على أراضي اللاجئين.

انتهت الإشكالات القانونية عام 1960 عندما صدر "قانون إدارة أراضي اسرائيل" أو بالأصح (إدارة إسرائيل للأراضي) الذي يجمع كل الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها إسرائيل مع أراضي "الصندوق القومي اليهودي" تحت إدارة واحدة مهمتها توزيع وتأجير هذه الأراضي لليهود، ولكن ليس من صلاحيتها بيع هذه الأراضي. وبذلك أصبح 19 مليون دونم تحت سيطرة هذه الإدارة.

القانون الجديد الذي وافق عليه الكنيست هذا الشهر يخوّل دائرة الأراضي بيع الأراضي الواقعة في حوزتها إلى المستأجرين اليهود الحاليين. وبذلك يمكن لسكان الكيبوتس والموشاف، وهم الذين استولوا على أوسع المساحات من أراضي اللاجئين القروية، أن يملكوها، ويحولوها إلى مراكز صناعية أو سياحية حيث إنهم فشلوا في الزراعة وعادوا إلى مهنهم في التجارة والمال.

وتتم الآن المفاوضات بين الصندوق القومي اليهودي ودائرة إسرائيل للأراضي لتبادل الأراضي بينهما، حيث أن الأخيرة تحتاج إلى أراض يملكها الصندوق في وسط البلاد لبناء مجمعات سكنية عليها، وتقايضها بأراضي اللاجئين في الجليل والنقب لكي يستوطن فيها مهاجرون جدد. وكلاهما بالطبع ليست له ملكية قانونية كاملة لكل هذه الأراضي.

والأخطر من ذلك أنه إذا حاز الصندوق على أراضي اللاجئين هذه، فإنه بموجب قانونه الذي يقصر استعمال الأراضي على اليهود فقط، يحرم المواطنين الفلسطينيين من حق استخدام هذه الأراضي، بتطبيقه نظام التمييز العنصري ضد غير اليهود. وهي أصلاً أراضٍ غير يهودية. وعندما يتم تبادل الأراضي بين الطرفين بعد موافقة الكنيست فإن أول نتائجها هو نقل ملكية 90 ألف منزل إلى مستأجريها الحاليين لتصبح ملكاً خالصاً لهم.

بالطبع فان هذا الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وبيعها هو مخالف للقانون الدولي بشكل قاطع. كما انه مخالف لاتفاقية لاهاي عام 1907 باعتباره "عملية نهب"، ومخالف لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 147) التي تمنع "الاستيلاء الجماعي على الممتلكات". وهو أيضاً مخالف لأحكام محكمة نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية التي صدرت في القضية رقم 10 والتي تشجب الاستيلاء الجماعي على الممتلكات في البلاد المحتلة.

وقد أصدرت الأمم المتحدة عدة قرارات في الأعوام 1996 - 1997 - 1998 وغيرها مثل قرار 52/62 بعنوان "ممتلكات اللاجئين والحق في الدخل منها"، الذي فرض على إسرائيل المحافظة على أراضي اللاجئين وتوثيقها وتقديم معلومات عنها، وأكد على حق اللاجئين في الحصول على الدخل المستوفى منها منذ عام 1948.

لقد بلغت إسرائيل مرحلة من تحدي القانون الدولي وحلفائها الأميركيين والأوروبيين الذين لم يحركوا ساكناً، إلى طرد أهالي القدس من بيوتهم تحت أنظار العالم كما حدث قبل أسبوعين، من دون أن نسمع شيئاً سوى همهمة الاستنكار .

ومن الغريب حقا أن تقرر إسرائيل علانية ضم الضفة الغربية من دون أن ينتبه أحد إلى ذلك أو يعترض عليه، وهذا الضم ليس مجرد الاستيلاء على بقعة هنا أو هناك على رؤوس التلال لإقامة مستوطنات عليها.

لقد أصدر قاضي محكمة الرملة حكماً، كما جاء في جريدة "هآرتس" بتاريخ 2/8/2009، يقضي بتطبيق قانون أملاك الغائبين على الضفة الغربية نفسها، أي مصادرة الأرض الفلسطينية إذا اعتبرت إسرائيل مالك الأرض غائباً. وهو حكم مخالف لقرارات مجلس الأمن والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في تموز (يوليو) 2004 والذي يؤكد بشكل قاطع أن الضفة الغربية ارض محتلة ولا يجوز ضمها أو الاستيلاء عليها.

يا للعجب! لم نسمع صوتاً عربياً أو أجنبيا يشجب ذلك. بل إن إسرائيل أعلنت في جريدة فلسطينية مقدسية (القدس) بتاريخ 28/6/2009 نيتها تسجيل 139 ألف دونم من أراض شمال وغرب شاطئ البحر الميت لدولة إسرائيل، ما لم يعترض أحد ويثبت حقه (!). وبذلك تحرم دولة فلسطين المنتظرة من مياه البحر الميت وشواطئه وثرواته المعدنية وحدوده مع الأردن، باستيلاء إسرائيل رسمياً على مساحة كبيرة من غور الأردن.

كل هذا ولا أحد يدري، وإن درى لا يقول، وإن قال لا يفعل. هذا معناه أن قضية فلسطين كلها قد تلخصت في شعبها الذي يعيش في الشتات وفي أرضها التي كانت تحت الوصاية الإسرائيلية، وتصبح الآن قطعاً من الأرض يملكها يهود من مختلف بلاد العالم بموجب صكوك قانونية إسرائيلية.

لكن الحق يبقى دائماً، والمطلوب ممن يدافعون عنه أن يقوموا بواجبهم.

أول من دق ناقوس الخطر هو مؤسسة "عدالة"، المؤسسة القانونية للدفاع عن العرب في الداخل ومقرها الناصرة. فقد أرسلت في 22/6/2009 خطاباً إلى النائب العام في إسرائيل تحتج فيه على بيع أراضي اللاجئين بموجب بنود في القانون الدولي والإسرائيلي. كما أصدرت جمعية "اتجاه" ومقرها حيفا بياناً عاماً تشجب فيه قيام إسرائيل بتوزيع غنائم حرب 1948 على يهود العالم، ودعت إلى دعم عربي ودولي لمنع عملية النهب العلني هذه.

ولكن هناك الكثير مما يجب عمله ولم يتم. إن على الجامعة العربية أن تقدم مشروع قرار في جلسة الأمم المتحدة القادمة يقضي بوقف وإلغاء عمليات بيع أراضي اللاجئين فوراً وشجب هذه العمليات وإرسال بعثة تقصي الحقائق لمعرفة أوضاع أراضي اللاجئين وتسجيلها وتقدير المداخيل الفعلية من استغلالها لمدة 62 عاماً (وهو الأمر الذي دعا إليه خبير أراضي اللاجئين جارفس عام 1964)، وإصدار قرار بوضع هذه الأراضي تحت الحماية الدولية.

وعلى القيادة الفلسطينية، بعد أن تفرغ من توزيع المناصب، أن تتخذ الإجراءات الدبلوماسية والفعلية اللازمة، وإلا فإنها لن تجد بعد سنوات قليلة أرضاً تقول إنها فلسطينية لكي تقيم عليها دولة أو سلطة.

أما الشعب الفلسطيني الذي بلغ تعداده 11 مليون نسمة في البلاد العربية والأجنبية فلن يتخلى عن حقه في وطنه رغم انه حرم حتى الآن من حقه في انتخاب مجلس وطني جديد يمثله خير تمثيل. وفي غياب هذا التمثيل لا شك ان الشعب الفلسطيني سينظم نفسه في تنظيمات تؤدي إلى تمثيله والدفاع عن حقوقه. وسيقوم بفضح هذا النهب المنظم لمقدراته الوطنية.

ولن تكون النتيجة في المدى الطويل إلا غياب الصهيونية وعودة عروبة فلسطين.

No comments: