غاليليه بشار الأسد: الشمس ثابتة والوهم يدور / نارام سرجون
|
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة .. ووجهك وضاح وثغرك باسم |
|
أوقات الشام
نارام سرجون
هل تصدقون أنني وصلت الى مرحلة صرت أخشى فيها من كتابة الحقائق ويتردد قلبي في البوح؟؟ ليس لأن الحقائق التي أريد البوح بها تخيف أحدا لكن لأن ذكر الحقائق والبدهيات في زمن الهرطقات العقلية والتزييف الاعلامي يبدو غير قابل للتصديق .. فالحقيقة العذراء التي تسير في طرقات تغص ببنات الهوى والرذيلة قد يصعب أن يصدق طهرها أحد .. وكذلك يبدو من يسقي السكارى ماء صافيا زلالا في الحانات شخصا أخرق .. ففي الحانات لايشرب الندامى الا النبيذ ..والنبيذ فقط ..والعالم صار حانة تغص بالسكارى ..
انني كاتب حر .. وسأكتب عن الحقيقة كما كتب كوبر نيكوس عن الشمس والكواكب .. والكاتب الحر الذي يكتب عن الشمس في هذا الزمن يبدو مهرطقا مثل غاليليو غاليليه .. هل تصدقون أننا نعيش مأساة غاليليه بحذافيرها؟؟ .. ففي عصر غاليليه كانت ثقافة الكنيسة وسطوتها الرهيبة كفيلة بجعل الحقائق وبناتها هرطقات وبنات هرطقات .. في زمن غاليليه كان المجتمع القروسطي يردد كلام الكتاب المقدس بتسليم مطلق دون نقاش .. وكان كل رأي صحيح يهرطق ويخردق ان كان لايوافق الدعاية والثقافة الكنسية الظلامية والآراء البابوبة .. ثقافة العصور الوسطى كانت تسم بالهرطقة كل من كان يعارض آراء الكنيسة وتفسيراتها ومصطلحاتها المقدسة حتى لو أشار الى حقيقة من حقائق الكون السرمدية من مثل أن الشمس هي الثابتة وأن الأرض هي التي تدور حولها .. وليس العكس كما تقول الكنيسة .. والا فالنار المقدسة ستكون بانتظاره..
الدنيا لم تتغير كثيرا .. وغاليليو ظل غاليليو .. والكنيسة ظلت كنيسة رغم ارتدائها ثوبا آخر .. كنيسة القرون الوسطى زالت لكن عقليتها المتسلطة والوسواسية لاتزال تثرثر وتقود الناس الى الجهل والظلام الانساني ..كنيسة هذا العصر لها انجيلها المقدس وارتدت ثوبا اسمه (السلطة الرابعة) .. انها سلطة الاعلام العالمي الرأسمالي والصهيوني الماسوني التي فرخت في شرقنا فضائيات الخليج العربي .. و”كنائس هذا العصر” متمثلة في وسائل الاعلام كافة ومتمثلة في مجالس حقوق الانسان وكل الهيئات المنمقة المنبثقة عن الامم المتحدة كما انبثقت الكنائس القديمة عن البابوبة .. كل محطة فضائية هي كنيسة قروسطية تردد انجيلا كتبه الرسول الجديد برنار هنري ليفي المقدس هو (انجيل برنار) .. الذي كتب فيه “العهد القديم” وفيه فصل عن الربيع العربي وفصل عن الشعوب التائقة الى الحرية .. وفيه فصل عن تونس وفصل عن ليبيا وفصل عن مصر وفصل عن اليمن.. والفصل الأكبر على الاطلاق كتب عن الثورة السورية باسم “العهد الجديد” ..
كل الناس يتلقون تعاليم الله وعظات القساوسة والكهنوت الاعلامي باستسلام أحمق .. وصار من يقول غير كلام الكنائس وانجيل برنار شخصا أخرق مهرطقا.. ان من يتأمل في حجم هذا الهجوم الاعلامي على الدولة السورية وقيادتها ليحتار في السر العظيم الذي لم يدفع السوريين كشعب للانهيار النفسي .. فأحدنا في هذه الأجواء حيث توسوس له مئات الصحف والاذاعات والفضائيات وآلاف الصحفيين وآلاف الهيئات الدولية يشبه شخصا عاقلا واحدا في حي كله كذابون ومجانين ومحتالون وافاقون ومنافقون .. ولايسمع الا تفسيرات الأناجيل الصحفية وعظات الكنيسة الاعلامية لأحداث الحياة وبأن الأرض تقف على قرني الثور العظيم الأمريكي الذي ان أراد شيئا فسيكون .. فيصدق لأن العقل لايمكن أن يقهر هذا الطوفان من الكذب .. ويخشى من اطلاق فطرته السليمة فيقرر الاستسلام للأكاذيب..لأن من أسهل الفخاخ في النقاش هي السؤال المألوف: هل يعقل أن يكذب العالم كله ونكتب نحن الحقيقة؟؟؟ ان هذا الايمان مريض بالعبودية والانكار؟؟
ولكن الجواب هو نعم .. ان كل العالم يكذب وينافق بعضه بعضا وينكر الحقيقة كما أنكرت الكنيسة حقائق الشمس والأرض وأحرقت من خالفها .. وكان غاليليه اشجع من تمرد على التسليم والاستسلام .. ولأنني قررت دوما أن أسير على خطى غاليليه في الاخلاص للعقل فانني لن أبيع الحقائق ولن أتخلى عنها رغم أنف الكنائس الاعلامية ودون اكتراث بدهشة المؤمنين وغضب القساوسة ..فالشمس ثابتة .. ونحن ثابتون .. ومن شاء أن يدور حولنا أو حول نفسه فهذا شأنه ..
منذ بداية مشروع التغيير الفاشل في سورية وعلى مدى عامين يحدثني أصدقاء من كل أنحاء العالم يوميا ويبدو عليهم القلق المتواصل وهم يثيرون أسئلة قلقة على سورية وأحس بالشفقة عليهم لأنهم يقولون ان كل شيء في العالم يتحدث عن سقوط النظام وعن تفكك الدولة وانهيار الجيش وتآكله .. على مدى عامين أفلحت الكنيسة الاعلامية وتعاليم انجيل برنار في خلق يقين من الوهم لدى العالم كله بأن النظام السوري متوحش وهو يعيش أيامه الأخيرة .. وتعيد انتاج هذا الوهم عبر دوروية متواترة لاتنتهي .. ومع هذا امتدت أيام النظام السوري الى سنتين .. ولايزال نفس اليقين يردده الوعاظ والرهبان في كنائس العالم الاعلامي .. الوهم يتجدد ولايزال الواهمون يجددون ايمانهم ويمرون بالكنائس .. والمصيبة أن كل الكنائس ليس فيها الا قساوسة صهاينة .. فأنى يممت وجهك استقبلك قس من قساوسة الكذب .. فكنيسة الجزيرة لها قساوستها مثل القس فيصل القاسم والواعظ عزمي بشارة والقسة ليلى الشيخلي .. وراهبات الكذب في دير الكذب .. وهناك كنيسة “العربية” القروسطية التي لها قساوستها ورهبانها وراهباتها .. والكنائس كلها تردد نفس العظات ونفس الأكاذيب .. من كنيسة البي بي سي الى كنائس قنوات فرنسا وقنوات مصر الاخوانية وأميريكا واسرائيل وأوروبة وتركيا العثمانية .. أما كرادلة الثورات العربية مثل الكاردينال حمد بن جاسم والكاردينال حمد بن خليفة والكاردينال راشد الغنوشي والكاردينال أردوغان والماركيز داود أوغلو والبطريرك محمد مرسي .. فلا يتوقف تبشيرهم بنهاية النظام السوري رغم أن النظام السوري أثبت أنه يقف في موقع الشمس في الأحداث.. وأنه لايتزحزح ..
صحف العالم دون استثناء تحولت الى منشورات للكتاب المقدس وكل كتاب العالم صاروا لايحيدون عن تعاليم الكنيسة ويكتبون عظاتهم في أعمدة ويكتبون النبوءات عن تآكل بلاد سورية واقبالها على مصير محتوم هو التقسيم والرضوخ للقدر الاسلامي .. حتى استحال العالم الى الى عالم مجنون اذا ذكر الانسان فيه الحقيقة نظر اليه المؤمنون نظرة استهجان ..
كنيسة الاعلام وانجيل برنار لديهم مصطلحات مقدسة فقد نسبوا الجيوش الوطنية الى أشخاص فقط ونسبوا الجيوش المعتدية الى بلدانها وهي تتردد بشكل مقدس لايخرقه واعظ .. فمثلا في انجيل برنار وكنائس الاعلام ومكانسه لاوجود لجيش وطني عريق اسمه الجيش العربي السوري وهو أحد افضل جيوش العالم انضباطا وصلابة كما أظهرت الأزمة .. بل يشار اليه على أنه “الجيش الأسدي” وقوات بشار الأسد .. وصار القتلة الارهابيون ثوارا .. حتى الصحفي الطبال عبد الباري عطوان الذي دافع الجيش السوري عن كرامته كمواطن عربي فلسطيني ستين عاما يردد ذلك بنذالة لانظير لها بل واخترع مصطلحا جديدا لم يسبقه اليه أحد، فقد أطلق على الارهابيين من جبهة النصرة مصطلح (المقاومون السوريون) مثلهم مثل مقاتلي مقاومة حزب الله .. فأبو حفص الاسترالي وابو حذيفة النمساوي وابو دجانة الموزامبيقي وأبو عبادة الواقواقي وأبو قتادة الهونولولي صاروا في عيونه مثل المقاوم عماد مغنية الذي حارب على أرضه .. وصاروا من مقاس المقاوم الفلسطيني يحي عياش دون أي فرق..بينما طوال ستين عاما لم يفكر الثوار الوافدون الى سورية برمي حجر واحد على اسرائيل ..لأن الطريق الى القدس يمر من دمشق مثلما مر من كابول .. ومثلما مر من أصفهان وتطوان ..
وكان انجيل برنار قد اخترع سابقا كذبة مصطلح (كتائب القذافي) ليلغي الصفة الوطنية عن الجيش الوطني الليبي .. وقبله كان الجيش الوطني العراقي يسمى في ادبيات الكنيسة الاعلامية جيش (صدام حسين) .. وهذه الكنيسة القروسطية هي نفسها التي كانت قد سمّت الجيش الألماني بجيش هتلر أو قوات هتلر (التي نرددها باللاوعي من كثرة استعمالها وحقنها في لاوعينا) .. واطلقت مصطلح قوات موسوليني بدل الجيش الايطالي .. والزعيمان الألماني والايطالي منتخبان انتخابا جماهيريا وديمقراطيا .. بل حتى الجيش الأحمر الروسي الذي حارب النازية كان يسمى أحيانا قوات ستالين .. أو جيوش ستالين .. وبالمقابل لم نسمع عن شيء اسمه قوات تشرشل وقوات روزفلت وقوات ديغول .. بل كان هناك الجيش البريطاني والجيش الأميريكي والمقاومة الفرنسية .. وجميعهم ينضوون تحت اسم محترم اسمه قوات الحلفاء .. وبالطبع يستحيل في قاموس الانجيل البرناري أن نسمع بعبارة قوات شارون أو قوات نتنياهو أو قوات أردوغان..
عامان من التبشير الكنسي المقدس المليء بالحرب النفسية والدفع بمصطلح الحرب الأهلية السورية الى حلوقنا ومعداتنا والحديث عن الشيطان السوري والرئيس المجرم والطاغية والسفاح المسؤول عن الأزمة السورية ومآسيها .. مقابل الملائكة من الثوار .. ولايوجد سطر يتحدث عن الأزمة السورية دون أن يلقي مرساته في عبارة مقدسة كقداسة الهولوكوست وكقداسة الصليب وهي (المجازر التي يرتكبها شبيحة النظام وقوات بشار الأسد بحق الشعب والمدنيين السوريين) وتغيب بالمطلق كل فظائع الثورجيين وهي من له النصيب الأكبر في العنف العنيف..
ان الرئيس الأسد يثبت مع شعبه أنهم الأمة الأقوى عبر التاريخ لأن لاقوة في التاريخ يمكن أن تصمد نفسيا أمام هذا الهجوم العنيف من قبل باباوات أوروبة الاعلاميين وباباوات أميريكا وكاردينالات وقساوسة الاعلام العربي وأمام هذه الوعظيات والتبشيريات بالسقوط والتفكك والهزيمة وانحلال الدولة..
عامان من الهزائم المتلاحقة للثورجيين ومشروع التغيير على كل المستويات .. من الفيتو الروسي الصيني اللذين كانا حقنة شرجية كبيرة مرتين للمصابين بالامساك العقلي .. الى هزائم بابا عمرو الشهيرة الى هزائم البركان وساعة الصفر ويوم القيامة والحساب ولايزال البعض يردد أن النظام مقلقل وسيسقط وأن يد النظام هي التي تمسك السكين وتتلطخ بالدم ..وأن سورية تتحلل وان اللحى ستقود سورية ان عاجلا أو آجلا.. وعندما يردد شخص عكس هذا القول بالمنطق والعقل والبرهان يتهم بالهرطقة ..لأن الشمس هي التي تدور حول الأقمار الثورية وحول الأقمار الصناعية الفضائية .. شاء غاليليه أم ابى ..
لاأعتقد أن هناك عقوبة أقسى هذه الأيام من أن تجادل ثورجيا مؤمنا بكنيسة وانجيل برنار هنري ليفي .. انني شخصيا أفضل زنزانة في غوانتانامو على أن أجلس لأناقش ثورجيا مؤمنا ..
ولاأدري من الذي ظلم جحا واطلق تلك المقولة الشهيرة: أحمق من جحا .. لأن الثورجيين العرب عموما والسوريين خصوصا المخدرين بتبشيريات الكنائس الاعلامية يستحقون بجدارة شرف الحماقة .. وقد تربع الثورجيون على عرش الحماقة دون منازع ورحل جحا عن ذلك العرش ليصبح المثل القديم بعد عهد الثورجيين هو: أحمق من ثورجي .. لأن عقل الثورجي صار مثالا على الضمور والنكوص وقلة الحيلة .. عقل له أذنان كبيرتان كأذني حمار .. وقد قيل سابقا انه ماجادلت جاهلا الا غلبني ليحصل الى عرش الجهل المطلق ثورجيو سورية والعرب .. وصارت المقولة الصحيحة التي تعكس الواقع هي: ماناقشت ثورجيا الا غلبني ..
ففي حواراتي مع الثورجيين أعرف أن اكثر مايمكن للقلب ان يعانيه هو رؤية الحماقة تبتسم ببلاهة .. وتتفنن في تبرير الجريمة .. وتغطية السرقة .. فمعامل حلب سرقت لتمويل الثورة لأن نفط الخليج لم يعد يكفي .. ومايفعله الثوار من عنف أعمى وتحطيم لمرافق البلاد هو رد فعل على عنف النظام ..وقد أرسل لي بعض الثورجيين السوريين في الولايات المتحدة رسائل غاضبة تتهمني بعدم تفهم عنف الشعب لتقول ان العنف الثوري الهمجي سببه رد الفعل على سلوك النظام القاسي .. وقد أرسلت الى الجميع طلبا بسيطا وهو أن اقوم بنشر رسائلهم باللغة الانكليزية بشرط أسمائهم الصريحة ليجيبوا ان كان مافعله أسامة بن لادن في غزوتي نيويورك مبررا بحجة سلوك أميريكا القاسي في الشرق العربي .. وقد اختفى الجميع وصمتوا صمت القبور .. لأن من يقبل العنف المبرر في سورية عليه أن يقبل عنف القاعدة الذي بررته بأنه رد فعل على سلوك أميريكا .. ثوار البالونات تفجروا مع انفجار بالوناتهم ..وضمرت عضلاتهم وترهلت وانزوت ألسنتهم وتكسرت آذانهم المشرئبة .. لأن الثرثرة العنيفة في أميريكا ستؤدي بهم الى المحاكم الفيدرالية..
ولأنني سأضع ايمان غاليليه على سطوري وسأحشره في عيون المؤمنين بأناجيل برنار هنري ليفي ووعاظ الجزيرة فانني سأقول حقائق لايمكن تغطيتها وستبقى نجوما متلألئة تشع في ظلام الجهل والكهنوت.. فالثورجيون لايقدرون على الاشارة حتى هذه اللحظة ولو مرة واحدة الى عدد القتلى من المسلحين في صفوفهم كما كل جيش مقاتل يفخر بعدد شهدائه على مذبح الحرية (كونه يسمى الجيش الحر) ولم يذكر عدد المركبات التي تمت ابادتها .. ولكن هاأنا ذا أضع امامهم الحقائق .. فبحسب التقديرات الدقيقة حتى هذه اللحظة فان مافقدته المعارضة يفوق أربعين ألف مسلح بين سوري وأجنبي .. وبلغ عدد السيارات والمركبات المدمرة 2100 عربة من كافة الأنواع وفيها 212 مدفع دوشكا.. وحسب تقديرات المخابرات الامريكية فان هذا يشكل نسبة 44% من القوة المسلحة المتمركزة في تركيا وشمال لبنان والتي تشكل رأس الحربة في أي هجوم كبير .. وهذا الرقم في الحقيقة يشكل النسبة الكبيرة من أرقام الأمم المتحدة عن ضحايا سورية التي ينسبها الاعلام الكنسي المقدس الى جرائم الرئيس بشار الأسد لأنه قتل أربعين ألف مسلح يهاجمون بلاده وشعبه وجيشه .. ولولا عملية التجنيد التي وصلت مساعيها الى القطب الجنوبي لتلاشى الجيش الحر ولتبخر مقاتلو الاسلاميين في سورية .. ولن نستغرب ان ظهر بين المتطوعين رجال الاسكيمو بكلابهم وزلاجاتهم للجهاد في سورية .. ولانستغرب أن يصل بطاريق ملتحون استقدمتهم الفتاوى من القطب الجنوبي للجهاد في سورية لأن المنقبات الحرات في سورية هن حوريات البطاريق .. فالثورة تزخر بالحور العين والحور السافرات مثل الحورية ريما فليحان وحوريات الأتاسي والحورية فرح بقاعي ..
لنفهم طريقة عمل الحرب النفسية التي تديرها الكنائس الاعلامية القروسطية أحيلكم الى مراسلاتي مع كتاب العالم الأحرار حيث لفتت نظري رسالة من صديق أكاديمي فرنسي شرح لي أسس العملية النفسية القائمة التي تنتهجها الكنائس الاعلامية في الحرب على سورية فقال: انه كي نفهم أساسيات الفكر الاعلامي الكنسي الطراز .. فانه علينا العودة الى علم النفس .. ففي علم النفس يتم تقسيم شخصية الانسان الى أربعة اصناف رئيسية حسب التفاؤل والتشاؤم وقوة الارادة وضعف الارادة .. ولذلك هناك:
1- الانسان المتفائل قوي الارادة (وهم القلة القليلة النادرة في المجتمع التي تحدث انقلابا عارما في المجتمع) .. مثل الزعماء والقادة التاريخيين الذين يمرون بالأمم والشعوب مثل جمال عبد الناصر ولينين والخميني وحسن نصر الله وغاندي ومانديللا وأبراهام لنكولن ونابوليون بونابرت..)..
2- الانسان المتفائل ضعيف الارادة وهؤلاء النسبة الغالبة من الناس
3- الانسان المتشائم قوي الارادة وهم الشخصيات المفصلية في المجتمع التي تتحكم بحركة المجتمع مثل قادته العسكريين ونخبه الفكرية والاقتصادية التي تحكم النشاطات الكبرى في الجماعة..
4- الانسان المتشائم ضعيف الارادة وهم الشخصيات الخطرة التي تميل للانتحار والسوداوية والاستسلام دون مقاومة..
وقد عملت الكنيسة الاعلامية الحديثة على هدفين كبيرين وهما دفع الشعب السوري وجمهور الدولة الوطنية الواسع ليدخل عنوة الى المجموعة الرابعة حيث التشاؤم وضعف الارادة والاستسلام .. وعملت الكنيسة الاعلامية على ذلك عبر استعراضات وهمية يومية بالعشرات عن انتصارات سيارات الدوشكا ومسيرات سيارات الدفع الرباعي والميليشيات الفوضوية التي تلتقط الصور في استعراضاتها الجوفاء قبل أن تنتحر على الحواجز بالمئات وتحترق كما كل القش في الحرائق .. وهي لاتمل الحديث عن السيطرة على 70% من الأرض وتفكك البلاد ووصولها الى أبواب دمشق وتحضير النظام نفسه للرحيل الى دولة اللاذقية .. وتصور دون تردد كل عملية اعدام شنيعة لخلق الرعب واليأس لدى الشعب السوري ..ودفعه للتشاؤم الأسود ..والانتحار المعنوي الداخلي..
وفي مقابل ذلك تقوم الكنيسة الاعلامية على دفع المعارضين (الذين يفترض بعد هزائم مشروعهم أن يصلوا بسهولة الى النضج في الصنف النفسي الرابع) دفعا حثيثا الى الصنفين الثاني والثالث بالتعمية على الخسائر الهائلة في معارك الثورجيين وضخهم بالأمل عبر تسويق أخبار عمليات التسليح النوعي والسلاح المتدفق بل وعبر عمليات اقتحام الخواصر الضعيفة مثل المدن والبلدات الضعيفة التي لاتغير في معادلة الصراع العسكري قيد شعرة .. تدعمها ثرثرات الكاهن صفوت الزيات .. ومن يستمع الى تلك الطريقة في الحديث عن الانتصارات التي لاذكر فيها على الاطلاق لحجم الخسائر الثورية وحفلات الشواء التي يقيمها الجيش السوري لهذه الأمواج البشرية يدب فيه الحماس ليقطف النصر الحتمي أو الحوريات والسبايا..
من بين هذا الركام الهائل من الأكاذيب ينهض غاليليو غاليليه ليسأل الكنيسة الاعلامية أسئلة عن الثابت والمتحرك .. عن الشمس والأرض .. فغاليليو يرى أن الثابت هي الشمس وهي الدولة الوطنية السورية والشعب السوري والجيش العربي السوري وان المتحرك والذي يدور حول نفسه دائخا وحول الشمس الوطنية الى مالانهاية هو المشروع الغربي والثوري ..فيحكم عليه بالحرق حيا بسبب هرطقته ..
غاليليو يسأل أسئلة بريئة ولاينتظر من الرهبان والقساوسة أجوبة لأنهم لايملكون الا النار جوابا على أسئلة المنطق.. أسئلة من مثل:
لماذا لم تنتصروا رغم أن كل دول العالم الشرير الغربي والصهيونية العالمية والعربية تساندكم اعلاميا وماليا وعسكريا واستخباراتيا وتكنولوجيا؟؟
هل تعرفون حجم الدعم العسكري التكنولوجي والمالي والاقتصادي الذي يصل الى السوريين من حلفائهم المخلصين؟؟ هل تعرفون حجم التعهدات الوثيقة والفولاذية بين الحلف السوري الروسي الايراني الصيني؟؟
هل تعرفون اي شيء عن متانة الكتلة الصلبة القاسية من الجيش السوري وترسانته الهائلة؟؟
هل تعرفون أي شيء عن الاتصالات السرية بين السوريين والروس والأمريكيين؟؟
لماذا يبيع الثوار والضباط الأتراك معامل حلب (بدل أن يبقوها لتمويل اقتصاد مابعد الثورة أو الوالي العثماني) الا لسبب بسيط وهي أنهم يعرفون أنهم ليسوا باقين في حلب وأن وجودهم مؤقت وعابر وأنهم راحلون؟؟
ألا يحق لنا أن نسأل كيف لا ينهار الاقتصاد السوري وهو محاصر منذ عامين ويتعرض للسرقة وللتخريب حتى على مستوى الاقتصاد المنزلي وغاز الطبخ ومحروقات التدفئة والخبز وهي ظروف لايمكن أن يتحملها نظام في العالم لستة أشهر؟؟
لماذا استقرت الليرة على قيمة الضعف رغم كل التهويل رغم أن تجربة الدينار العراقي تقول أن العملات لاتصمد في ظروف الحرب؟ .. الدينار العراقي كان يساوي ثلاثة جنيهات استرلينية قبل حرب الخليج لكنه صار مجهريا في قيمته مع الجنيه الاسترليني بعد الحرب حيث صار الجنيه يشتري (آلافا) من الدنانير العراقية ..انهيار كامل لسعر الصرف في بلد النفط والسلال الغذائية وبلاد مابين النهرين..
بل من الأسئلة الوجيهة لغاليليه: كيف لا يتشقق الجيش العربي السوري ولا يتصدع بعد كل هذا التحريض النفسي وعمليات الثأر من جنوده والرقص على جثامين شهدائه..وقتل واغتيال ضباطه؟؟..
يعتقد البعض ان صورة ثورجيين يكبّرون أمام دبابة قديمة محترقة وأمام هيكل صاروخ قديم وهيكل مروحية يغطي الأسئلة الكبيرة .. فمثلا كم يحتاج أصحاب العراضات لتحطيم مئات وحدات الدفاع الجوي السوري .. أو مثلا لتحطيم مئتي الف صاروخ هي اقل التقديرات عن حجم الترسانة الصاروخية السورية حسب الأمريكيين أنفسهم والذين وصلت بعض تقديراتهم المتشائمة الى أن الأسد (ولايقولون الجيش السوري طبعا) يملك 300 ألف صاروخ قادرة اذا ما وثبت على تحطيم الشرق الأوسط برمته من أنقرة الى الدوحة مرورا بتل أبيب طبعا..
والغريب أن كل انتصارات الوطنيين السوريين وهزائم الثورجيين المتلاحقة يتم اعادة انتاجها اعلاميا لتصبح تبشيرية جديدة بالنصر المقدس..ونبوءة عن بداية دوران الشمس حول الكواكب الثورية ..
اننا في زمن نقاتل فيه مثل غاليليو هذا القمع الكنسي الاعلامي .. وتوصف كلماتنا بالهرطقة .. ولكننا نعرف أن الشمس ثابتة وأن كل الأفلاك حولها متحركة وتدور حول نفسها وحول نفس محور الوهم ..ولن نقول الا الحقيقة حتى لو قالت كل كنائس العالم الاعلامي وأناجيل برنار هنري ليفي وحوارييه من اعلاميي الشرق والغرب غير ذلك .. وسنقول بأن النظام السوري هو النظام الوطني الصرف وأن الثورة الناتوية ليست ثورة وطنية .. والرئيس الأسد ليس طاغية ولاقاتلا بل يدفع عن شعبه القتل والطغيان .. ومستقبل سورية لاتحكمه نزوات أمراء وملوك النفط بل طموحات شعبها ..وأبواب نيويورك اقرب الى السقوط من بوابات دمشق ..والجيش العربي السوري هو القوة الضاربة الحقيقية والتي لم يمس قلبها الفولاذي ونواة ترسانته وأن حكاية تآكله تبشيرية من تبشيريات انجيل برنار .. وماعلى المبشرين الا أن ينتظروا ليعرفوا ان كان ماأقوله هو الشمس أو لا..
ومما يقوله غاليليه هو الحقائق الساطعة التالية: لم ينجب التاريخ حتى هذه اللحظة معارضة أو ثورة ساقطة منحلة منحطة كالثورة السورية فهي الثورة الأولى في العالم المستوردة بكل مساميرها وبراغيها وعجلاتها ..
وهي الثورة الوحيدة في العالم التي تسرق متاحفها وتراث شعبها وأيقوناته وتبيعها للصوص ..
وهي الثورة الأولى التي تبيع معامل البلاد كالخردة ..
وهي الثورة الوحيدة في التاريخ التي تهاجم صوامع الحبوب وصهاريج الوقود ومحطات الكهرباء وتسمم المياه .. وهي الثورة الوحيدة في العالم التي تطلق على جيش بلادها اسم جيش عميل بدل احترامه وتقديره ..
وهي الثورة الوحيدة التي تتباهى وتنتشي وتزف أخبار تراجع القدرة الشرائية للناس بارتفاع قيمة عملة الدولار وعملات الآخرين وتحطيم الليرة عملة البلاد والفقراء ..
وهي الثورة الوحيدة في العالم التي تضرب حقول النفط وانابيب الغاز وهي الثورة الوحيدة في العالم التي تسرق النفط والقمح لتبيعه للصوص ..
وهي الثورة الوحيدة التي تخطف الشبان وتذبحهم على الملأ أمام ذويهم ..
وهي الثورة الوحيدة التي تقتل فناني بلادها ومبدعيها وتقطع الطرقات وتصوب مدافعها على طائراتها المدنية .. وهي الثورة الوحيدة في العالم التي تباهي باستيراد المقاتلين الأجانب ..
وهي الثورة الوحيدة التي تباهي بجهاد النكاح وتبيع نساءها في معسكرات اللجوء لمهووسي الجنس من مجاهدي النفط ..
وهي الثورة اليتيمة في الدنيا التي تطلق الطوائف على الطوائف ..
وهي الثورة الوحيدة التي تهين شخصا انسانا مسالما ورمزا من رموز مدينة حلب الجميلة مثل الرجل الأصفر في حلب.. في النهاية ..
في التاريخ هزمت السلطة الكنسية وأعيد لغاليليو اعتباره لأن الحقيقة الكونية لاتتغير من أجل أي كنيسة أو مسجد .. وبقيت الشمس شمسا في وسط المجموعة الشمسية وتدور حولها الكواكب كلمى هزيمة .. وستبقى سورية الحرة مركز العالم ثابتة يدور حولها العالم ويستضيء بنور طائر الفينيق وحروف الكتابة المسمارية .. اولى حروف العالم ..
انني عندما أريد توصيف حالنا كسوريين أمام هذا الهجوم العالمي والأناجيل الاعلامية لاأذكر الا بيت ابي الطيب المتنبي الى سيف الدولة الحمداني:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة .. ووجهك وضاح وثغرك باسم
مهما أصابتكم السهام أيها السوريون .. فان زعماء العالم الكبار يمرون بكم مهزومين مكلومين .. ووجوهنا ستبقى متفائلة متبسمة لأننا نقف الى جانب الشمس مع غاليليه الذي يحارب الكنائس القروسطية ومسلّمات أناجيلها ..غاليليه بشار الأسد
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment