شكراً قطر. على طريقة باسم يوسف
قيل ما قيل عن استخفاف القطريين بمرسي وتبعية جماعة الإخوان المسلمين للإمارة الصغيرة.
إن اختيار هذا الأوبريت بالذات ليس عبثيّاً. ليس مجرد نزوة كوميدية بلا حسابات. لقد ألهم أوبريت «وطني حبيبي» أو «الوطن الأكبر» (ألفه أحمد شفيق كامل، ولحنه محمد عبد الوهاب، وقدّمته مجموعة من الفنانين عام 1960 من بينهم عبد الحليم، وصباح، وشادية، فايدة كامل، وردة الجزائرية، نجاة الصغيرة) الجزائريين، وردّده اللبنانيّون طويلاً في معرض دعمهم للثورة الفلسطينيّة. كانت معزوفة المعلم محمد عبد الوهاب على مقاس المرحلة التي صعدت فيها الناصرية ببطء فوق جثة الاستعمار.
أوبريت «قطري حبيبي» الذي لقي استحسان المصريين والعرب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، واعترض عليه ملحّنون قلة، فطالبوا بتدخل الجيش المصري لوقف تداوله (!)، يعني أنّ المصريين ــ وإن فقدوا دورهم الريادي عربيّاً ــ لن يصبحوا تابعين. أوضح باسم يوسف في نهاية الحلقة أنّ لا مشكلة مع الشعب القطري، بل المشكلة «مع لي بيبيع». وإن كان البعض «حساساً» وافترض وصف قطر بالـ«الأخ الأصغر» بمثابة استصغار لها، فلا بأس في ذلك. ليس لأنّ القطريين أقل من المصريين، بل لأنّ مصر أم الدنيا، وهذا المجاز الجميل ما زال يميّز بلاد عبد الوهاب. أحفاد الموسيقار لن يقبلوا أن تسرق ثورتهم بهذه الخساسة. معنى الأوبريت يبدأ من اسمه، ولا ينتهي مع نهايته. المعركة طويلة مع الإخوان الذين يخافون ضحكات الآخرين.
محسن جابر رقيباً لحساب مَن؟
دخلت الحلقة 20 من «البرنامج» تاريخ البرامج التلفزيونية، مرّة لكونها الحلقة الأولى التي يطلّ عبرها باسم يوسف بعد التحقيق معه في مكتب النائب العام (الاخبار 2/4/2013)، وطوراً بسبب أوبريت «قطري حبيبي» الذي أثار جدلاً كبيراً. لم يفعلها يوسف مع جماعة الإخوان ولا مع محمد مرسي فقط، بل مع دولة قطر التي تنظر إليها غالبية المصريين نظرة تشكّك بسبب طبيعة العلاقة بين الدوحة والقاهرة.
بدأ يوسف الحلقة بداية مبتكرة كعادته، إذ حاكى المشهد الذي تابعه المصريون أمام دار القضاء العالي، وارتدى الملابس نفسها واستعان بزملائه الذين ذهبوا معه إلى النائب العام ودخل مسرح «راديو» حيث يصوّر برنامجه كأنه قادم من التحقيقات. وفي الفقرة الثالثة والأخيرة من البرنامج، اختار إلقاء الضوء على عدد من المعتقلين غير المعروفين للرأي العام. في الفقرة الأولى من «البرنامج»، واصل يوسف نقد مرسي والنائب العام. لكن الفقرة الثانية من البرنامج التي خصّصها لعلاقة النظام الإخواني الحاكم بقطر، حملت الكثير من مشاعر الشجن والحزن على ما آلت إليه مصر بعد عامين من ثورة طالبت بالحرية والعدالة. أكّد باسم أنّه لا يجب لعلاقة الشعبين المصري والقطري أن تتأثر بالرفض المصري لفتح الأبواب للنظام القطري لشراء وتأجير ما يريد من ممتلكات المصريين. وإعتبر أنّ الأزمة لا تكمن في الشاري بل في «البائع». ثم عرض أوبريت «قطري حبيبي» الذي شارك فيه المغنيّان وائل منصور، وداليا الجندي وسارة المنذر الذي حقّق أكثر من 350 ألف زيارة عبر يوتيوب. لكنّ شركة «ديجتال ساوند» التابعة لشركة «عالم الفن» (محسن جابر) تدخّلت وطالبت بحجب الفيديو عن يوتيوب كونها تملك اللحن الأصلي لأوبريت «وطني حبيبي»، فاضطرت قناة «سي. بي. سي» إلى حذفه خوفاً من الملاحقة القانونية. في حين علمت «الاخبار» من مصدر: «أن «عالم الفن» لديها نية في تحريك دعوى ضد «البرنامج» بسبب حقوق الملكية الفكرية.
ورأى كثيرون أنّ الأوبريت وسيلة فاعلة لتنبيه المصريين من الأخطار التي تحيط بدولتهم، لكنّ مناصري مرسي قدّموا مبررات للهجوم على الأوبريت و«المايسترو». إذ اتّهموا يوسف بتشويه الأوبريت الأصلي، ملتفّين بذلك على التشويه الذي أحدثوه بمصر كلّها في الأشهر الأخيرة. علماً أنّ اتهاماتهم ليست سوى محاولة لتكريس فكر غيبي يسعى الى تحويل رائعة عبد الوهاب الى نصّ مقدس على طريقة كل المحظورات الأخرى التي يفرضها الإخوان على المجتمع في حين أنّ استيحاء عمل كلاسيكي وتحويله بطريقة ساخرة أو غير ساخرة عبر كلمات وسياق مختلفين يعتبر تقليداً عالمياً متفقاً عليه. وبالتالي يعد حذف الأوبريت شكلاً سافراً من أشكال الرقابة وحماية المصالح القطرية.
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment