Wednesday 13 April 2016

قراءة في كتاب تحت خط 48: عزمي بشارة وتخريب النخبة الثقافية


غلاف طبعة “منشورات مكتبة بيسان”، بيروت، لبنان 2016
السبت | 12-03-2016 – 09:00 صباحاً
صدرت طبعتان من كتاب الدكتور عادل سمارة تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور “النخبة” الثقافية في أقل من شهر الأولى في بيروت عن مكتبة بيسان والثانية في أراضي العام 1948 عن منشورات شمس في جت بالمثلث في دلالة واضحة على مدى الاهتمام بالكتاب وما يحويه كونه خارج عن المألوف من كاتب إعتاد أن يكتب خارجاً عن النص وفق قناعاته التي لا تتبدل، جاء الكتاب بعد إصدار جهاد النكاح الذي لاقى صدىً على مستوى عربي وعالمي كونه نقش في المحرمات ووجه البوصلة وجهتها الحقيقية في حقل كان من المحرم ولوجه أو حتى الحراثة فيه.
في كتابه الجديد أرسى سمارة نموذجاً جديداً في الكتابة اللافتة للإنتباه من حيث الشكل والمضمون وربما متأثراً بصديقه الشهيد ناجي العلي الذي إستطاع في حياته المهنية أن يجذب القاريء للصحيفة التي تحمل على صفحتها الأخيرة رسوماتها فجعلها الأولى التي يبدأ قاريء الصحيفة بتناولها، وسمارة إختار صورة مقلوبة لعزمي بشارة عضو الكنيست الصهيوني السابق لدورات متعاقبة والمتواجد في أحضان أمراء قطر اليوم بالدوحة وبوقها الإعلامي “الجزيرة” الأخذ بالأفول بحسب إستطلاعات الرأي الفلسطينية والعربية حيث جاءت نسبة متابعتها عربياً وبحسب أخر إستطلاع للرأي مركز وطن للدراسات والبحوث في الربع الأول من العام الجاري 2016 بنسبة 5% في الضفة الغربية و5.3% في قطاع غزة، الصورة المقلوبة ووفق منهجية الإخراج الصحفي تعد من العناصر الفيزيائية والسيكولوجية الملفتة للإنتباه والدافعة للقراءة بعمق في طيات الكتاب لمعرفة ما يرمي إليه الكاتب وإن حاول تيسير المهمة على المتلقي من خلال العنوان البارز للكتاب أسفل الصورة: “تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور “النخبة” الثقافية”.
جاء في مقدمة الكتاب الواقع في 204 صفحات والمقسم على أربعة عشر فصلاً، أن عزمي بشارة إستطاع أن يبقي إسمه طبيعياً كمثقف وكاتب حزبي أبهر البعض لسنوات وعقود دون أن ينتبهوا بقصد أو بدون قصد أنه دخل البرلمان الصهيوني “الكنيست” مؤدياً يمين الولاء لدولة احتلال كولنيالي إحلالي متجاوزين أن ما يجري تطبيعاً يصل خارج حدود الوطن المحتل ويؤسس لمرحلة زمنية مقبلة تجتاح الوطن العربي وبنيته الثقافية القومية بدأت ملامحها تتبدى بعد ما بات يعرف “بالربيع العربي”، ويرى سمارة أن الإعتراف بالكيان الصهيوني من نظام حكم أو فكر أيدولوجي يفتح الباب أمام ثلاث ثغرات أولها غض الطرف عن عضوية العرب تحت الاحتلال في الكنيست وإظهار الأمر على أنه نضال وطني، وثانيها إغفال الطرف عن الإعتراف بهذا الاحتلال وكيانه كنقيض لحق العودة، وثالثها الخضوع للخطاب الدولي الإمبريالي بالتعاطي مع الكيان الصهيوني كبلد طبيعي. وكلها بحسب الكاتب تؤدي لإستدخال الهزيمة المصطلح الذي نحته في كتاب سابق له من باب الإستقواء بالضعف.
ويرى الكاتب أن بشارة إستطاع الاستمرار في تعمية وتغميم الحقائق عبر الترويج الهائل لطريقة خروجه من فلسطين المحتلة كمنفي أو هارب ليستقبل إستقبال الأبطال حتى في أحضان المقاومة والممانعة، ولكن الهجمة التي تعرضت لها سوريا ومن قبلها ليبيا والعراق وبعدها المقاومة في لبنان كشفت الكثير من الجيوب المتقيحة في السياسة والثقافة والأيدولوجيا وعرت دور دويلات ميكروسكوبية بحجم قطر وماكينتها الإعلامية.
ويطرح الكاتب التساؤل الكبير في مقدمته: هل بشارة عميل؟ بعد أن كان أطلق عليه في مقالة سابقة لقب فتى الموساد. ويجيب عليه بقراءة
تحليلية لمنحى العلاقة بالسلطة الحاكمة في الكيان والمنحى التاريخي ويقول: لأن بشارة بوزن كمال سليم (إيلي كوهين) وبوزن برنارد هنري ليفي ضد الأمة فالجواب يجب أن يشتقه القاريء بحصافته. فبشارة إلتقط الإنتماء القومي العربي للفلسطينيين داخل أراضي العام 1948 وإستثمره ونافس به جذوره في الحزب الشيوعي الإسرائيلي نحو قبة البرلمان الصهيوني ونجح في ذلك.
وفي تناوله للحزب السياسي الذي أسسه بشارة “التجمع الوطني الديمقراطي” كمنصة توصله للكنيست يؤكد الكاتب بأن الحزب مسجل بشكل رسمي لدى داخلية الكيان أي أنه معترف بهذا الكيان عدا عن أنه تنظيماً غير عقائدي.
بشارة بدأ بزيارت لدول عدوة كسوريا ولبنان بحسب التصنيفات الإسرائيلية وهو ما يعني أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت في الباطن تهيء للرجل الدور المناط به مستقبلاً ليقوم بدور الطابور السادس الثقافي.
وتتبع الكاتب بشذرات قصيرة حياة بشارة من المولد وحتى اليوم مروراً بعضوية الحزب الشيوعي فتأسيس التجمع وعضوية الكنيست وتمكنه من إختراق حركة أبناء البلد التي ترفض تسجيلها كحركة سياسية في داخلية الاحتلال مستقطباً بعض أنصارها، وينقد الكاتب الاستقبال الذي حظي به بشارة من الرئيس السوري حافظ الأسد ومن حزب الله وهو عضو في الكنيست واصفاً الأمر بالإنبهار بتسطيحات بشارة الثقافية وعنترياته السياسية ويستطرد قائلاً: “أو عرفوا أنهم يلتقون عميلاً للكيان لا بد من إستجلابه”. تاركاً لمستقبليه الإجابة. مستشهداً بما قاله الصحفي أمنون أبراموفيتش للقناة العبرية الأولى عام 2001،
” إن بشارة يقوم بتنفيذ مهمات لصالح الحكومة عند زيارته لسوريا، عزمي بشارة كان يلتقي مع رئيس الوزراء إيهود باراك قبل كل زيارة لدمشق، وكذلك مع رئيس جهاز الموساد داني ياتوم، وقد تعود أن يقوم بتقديم تقارير لياتوم عند كل زيارة لسوريا”.
بشارة وبحسب سمارة فتح علاقات مع قوى فلسطينية ومنها حركة فتح والسلطة الفلسطينية وحركة حماس والجبهة الشعبية منذ كان في الكنيست وحاول إستخدامها لدفع فلسطينيي العام 1948 للإنخراط في عمليات الانتخابات للكنيست وخاصةً عندما رشح نفسه لرئاسة كيان الاحتلال وهو ذاته حاول بعد خروجه من فلسطين المحتلة إيجاد بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية ولكنه فشل في مسعاه.
فكرياً يرى الكاتب بأن ما ذهب إليه بشارة يعود لجذوره في الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي لا يرى بالكيان الصهيوني عدواً قومياً وبالتالي فإن قسم الولاء في الكنيست
“أفسم أن يكون ولائي فقط لدولة إسرائيل وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلي، أقسم أن يكون إنتمائي وبكل أمانة لدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتي في الكنيست الإسرائيلي”
لم يكن مشكلةً أمام عزمي أو المهام الموكله إليه.
لماذا قطر؟
سؤال يطرحه الكاتب ويجيب عليه بأن إستقرار بشارة في قطر ليس بالأمر الصدفي رغم أن كل عوامل الجذب الثقافي لمثقف ليست موجودة فيها مثل النقابات والحياة البرلمانية وحتى الإعلام، فقطر مرتبطة بعلاقات سرية مع إسرائيل منذ زمن عبر مكتب تجاري وعلاقات أمنية أعطته الكثير من المرونة في الحركة وحتى القدرة على تحدي وزير خارجية الدوحة السابق حمد بن جاسم في بعض القرارات والمواقف والتي تبناها الأمير، ويبقى السؤال ماذا لو أراد الموساد رأس عزمي وهو الذي وصل إلى من هم أكثر تحصيناً وأمناً منه ويحتاطون في حركاتهم وسكناتهم؟
الفصل الأول من كتاب تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور “النخبة” الثقافية والذي عنونه الدكتور سمارة ب: إنتخابات سيادية…لا سياسية يقول بأن بشارة إستفاد من عجز إستراتيجية الكفاح المسلح ليبرر مخطط التسوية، عبر القبول بأشكال متعددة كالمساواة والمواطنة، وفي الفصل الثاني المعنون ب”محاورة إنتقادية مع التجمع الوطني الديمقراطي في مناطق 1948″، فالتجمع كان يسوق لفلسفة المساواة على أرضية التكيف مع المجتمع الصهيوني مع تأكيد الكاتب بأن إسرائيل غير مرشحة بحكم بنيتها لأن تكون دولةً لكل مواطنيها، أو أن تتخلى عن جوهرها اليهودي كدولة وهو ما ذهبت إليه إسرائيل علانيةً بعد خروج بشارة نفسه فباتت تطالب المفاوض الفلسطيني والعرب الإعتراف بيهوديتها، ولكن أخطر ما جاء في أسس وبنية حزب بشارة هو سلخ فلسطينيي العام 1948 عن إمتدادهم الفلسطيني وعمقهم العروبي من خلال إستخدام مفردات كالأقلية القومية وهو أمر سعى له الاحتلال منذ بدايته في تفسيخ العرب إلى أقليات وتجمعات (بدوية، درزية، عربية،…) فالقول وبحسب الكاتب أن فلسطينيي العام 1948 قد باتوا أقلية لا ينفي أن يصبحوا قادرين على الاستقلال.
قومية أبو الطاهر الجنابي قومية مؤسرلة، الفصل الثالث من الكتاب وفيه يتساءل الكاتب عن الرابط بين الذي يجمع بين المثقف الفلسطيني وقد أصبح عضواً في الكنيست وثقافة الطبقات الشعبية العربية الرافضة للتطبيع والمصرة على المقاطعة. وفي نقاشه لثنانئية القومية والحكم الذاتي ودولة لكل مواطنيها يؤشر الكاتب إلى توجهات من إسرائيليين نحو هذا الإتجاه حتى ما قبل طرح بشارة لذلك ولكن وفق رؤية الفصل لانه لا يوجد جوامع أخلاقية أو حتى عرقية أو عقلية، فبشارة ذاته كما يورد الكاتب اكد لصحيفة جيروزاليم بوست بتاريخ 28/2/1997 قال”إن هدفي دولة لكل مواطنيها. استقلال ذاتي ثقافي، وبدون هذا فإن الأمور سوف تؤول إلى المطالبة بتحرير المقاطعات ودمجها في وحدة طبيعية ستقود إلى صراعات..” وهذا يعني من وجهة نظر أخرى أن بشارة تطوع للحكام الإسرائيليين بتقديم المشورة والنصح والتحذير من إنفجار الأمور مؤكداً رفضه لكل أشكال الإنفصال الجغرافي للعرب الفلسطينيين داخل 1948.
كما أن بشارة وفي حديثه للصحيفة المذكورة يسقط عن نفسه قناع الديمقراطية والعلمانية فينقل عنه لاري ديرفنر مراسل الصحيفة ما نصه
” إن مشروع الدولة الديمقراطية العلمانية لا تأخذ بالاعتبار وجود أمة يهودية هنا ذات ثقافة عبرية شكلت كيانها. هذه الأمة ليست حقيقة وحسب، إنها أمة لها حق الكيانية وتقرير المصير”
. فما يريده بشارة وبشر له حكم ذاتي ثقافي ليس إلا ولم تعد الصهيونية حركة رجعية إستعمارية في تحريفاته ويساريته الطفولية فبات مدافعاً عن تقرير مصير اليهود فقط مع شعوره بالنقص تجاه تفوق اليهودي الإشكنازي.
بشارة يفصل القومية لفلسطينيي 48 وفق مقاسات ضيقة تقطعهم عن تواصلهم ففي نقده للسلطة الفلسطينية يقول: “نقد السلطة الفلسطينية مسألة مبدأية لشخص يساري. وأيضاً لأننا نتحث هنا عن ديكتاتورية لها تأثير سياسي على الشعب المجاور، إن لها تأثيرها علينا أيضاً”. وهذا يدلل على مدى تعلقه بإسرائيليته مسقطاً كل حقوق الشعب الفلسطيني في محاولة لكي وطي الوعي الجمعي لأبناء شعبه ولا سيما عند مناداته اليهود لنسيان حساسيات الماضي،
“أريد من اليهود الذين يشاركونني الإعتقاد، ومن أصدقائي من اليهود، وحتى أولئك الذين لن يكونوا أصدقاء لي… أن ننسى حساسيات الماضي …. وعندما يفهمون ذلك سيشعرون أن ما يوحدنا أكثر بكثير مما يباعد بيننا”.
الفصل الخامس تناول فيه الدكتور سمارة إستثماره حزب الله وسوريا في حملاته الإنتخابية للكنيست وكيف قدمه الراحل محمد حسنين هيكل للرئيس حافظ الأسد ليتعرف الأسد من خلاله على المجتمع الصهيوني وذهاب بشارة لإستثمار صوره مع الأسد الأب والإبن والسيد نصر الله في تضليل الفلسطينيين والعرب ليقدم نفسه ثورياً معادياً للصهيونية في مفارقة قومية تجمع الممانعة مع الولاء للكيان عبر البرلمان.
مصالحة الاستعمار دون خروجه الفصل السابع من الكتاب تناول تسويق بشارة للحركة الصهيونية كحركة تحرر وطني مسوقاً ذلك بعد خروجه إلى الحضن القطري الذي وفر له الإطلالة عبر الجزيرة للجمهور العربي وبمباركة رجال الدين هناك وتغطيتهم له وحتى بعد إستقالته من الكنيست فإنه قدمها للسفير الصهيوني في القاهرة ما يدلل على أنه لم يقطع التواصل عبر الحبل السري مع حاضنته الطبيعية ولم يتحرر من قسم ولائه للكيان، وحاول من خلال مشيخة قطر أن يوسع قاعدة من يتزعمهم بعد إصابته بجنون العظمة فسوق ذاته مفكراً للعرب أجمعين من على منبر الجزيرة التي خاض من على شاشتها علناً حوارات مع عسكر وسياسيي الكيان.
تضليل الشباب 2010
الفصل السابع مما جاد به سماره وتطرق فيه إلى تواصله مع القوى الفلسطينية الرافضةلإتفاق أوسلو لإقناعها بخوض الإنتخابات التشريعية عام 2006 وتضليله لشباب أراضي العام 48 ومطالبتهم بقبول المساواة مع اليهود هناك مقابل دولة للفلسطينيين في أراضي العام 1967 مسلماً بما أحتل من فلسطين عام 1948 “… والأفق الوحيد لأي تحرر يحمله جيلنا والجيل القادم هو أن يعيش السكان في فلسطين كلها مواطنين متساوي الحقوق في دولة واحدة”.
وجاء الفصل الثامن من الكتاب مراجعة لملف الهيئة الوطنية وقراءة في مشروع الدفاع عن الحقوق الثابتة ومناهضة التطبيع.

فتى الموساد

يرى الدكتور عادل سمارة أن المذبحة والمؤامرة التي تتعرض لها سوريا ورغم وجعها إلا أنها عرت بشارة وسرعت في كشف مهامه وبينت حقيقة تموضعه في الفصل التاسع من كتابه فهو إمتطى القومية في تسويق بضاعته وتحالف مع قوى الدين المتوافقه معه وهو الذي كان يناصبها العداء، فبشارة وكما ينحو الكاتب تم تجنيده مخابراتياً بالإستفادة من درس إيلي كوهين فخرج “بمجده” فتم إختيار قطر له للإقامة في مكان مأمون وبحماية القواعد الأمريكية الحليف الوثيق والاستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي ليواصل دوره التخريبي على نطاق أوسع ولكن تحت الملاحظة اللصيقة، فبقائه في لبنان أو سوريا كان سيعني إفتضاح أمره وربما وصوله لمصير كوهين نفسه،

وفي قطر حيث المال والإعلام والتوجيه متاح له تجنيد المثقفين وأشباههم لتفتيت الدولة السورية وتخريب لبنان وفلسطين وربما لاحقاً الجزائر  من خلال المؤتمرات التي يديرها أو الإستضافات المرئية التي يرتبها عبر الجزيرة، – وقد يكون التسريب الذي نقل عن إجتماعه مع كادر الفضائية التي أسسها في لندن بالمال القطري “العربي الجديد” لتكون وريثاً للجزيرة التي تشير العديد من الملاحظات والتحليلات أنها ستغلق قريباً لتحلل نظام الإمارة القطرية من متاعبها، ومطالبته بشراء الذمم لمواطنين في مصر وسوريا وفلسطين مؤشر على نياته القادمة.

هل روسيا والصين إمبرياليتان؟
عنوان الفصل العاشر يلخصه الكاتب بتساؤل بشاره نفسه ومثقفوا الناتو والنفط، ويرى به سؤالاً خبيثاً.
مرحلة الأوغاد وأوغاد المرحلة- عزمي وحمد- وصف إستعاره الكاتب من الشاعر أحمد حسين ومستشهداً بكتاب فرنسي “ما خفي من صفقات وعمولات “حمد بن جاسم” أغنى رجل في قطر، ليبدأ فصل كتابه الحادي عشر وفيه يوضح كيف بات عزمي مقرراً في شؤون الإدارة لإمارة لطالما تعاملت مع الفلسطينيين والوافدين على أنهم طبقات دونية تخدم فقط، فقد جاء في الكتاب الفرنسي:
” وكما حدث في ليبيا، فإن رجلاً واحداً لعب دوراً محورياً في هذا التحرك، هذا الرجل هو عزمي بشارة،…. إن عزمي بشارة المقرب من الأمير تميم، منخرط مع المعارضة السورية
منذ بداية الأزمة، لكنه إضطر لاحقاً إلى أن يتراجع أمام رئيس الوزراء حمد بن جاسم الذي إنتزع ملف الأزمة السورية وأحكم قبضته عليها”. ولكن بعد فشل إسقاط الدولة السورية كما كان مبرمجاً دفع ببشارة لتكثير الأميبيات حوله بإغداق المال عليها.
الفصول الثلاثة الأخيرة من كتاب سمارة حاول فيها الكاتب أن يوضح الدور الذي قام به بشارة في تونس وإفتتاحه لمركز دراسات بمباركة حركة النهضة الذي جرم محاربة التطبيع مع إسرائيل، ومن ثم يتسائل عن مصير التجمع الذي أسسه بشارة وبات يشرف عليه من الخارج وهل من الممكن أن يعود عناصره لقواعدهم وقيمهم الرافضة للكيان الصهيوني قبل أن يوضح العلاقة بين المشروع التصفوي للقومية العربية من احتلال الإسلام العربي إلى إحتلال العروبة.
وبعد القراءة المتأنية للكتاب نجد أن فيه من العمق والجرأة ما لم يعهد من قبل في كاتب عودنا أن يركب الصعاب ولا يجعل من قلمه يراعاً للإيجار وقد يكون في إعادة طباعة الكتاب بعد فترة وجيزة من صدوره للمرة الثانية دلالة واضحة على التعطش لدى المتلقين في جلاء الحقائق وسقوط الأقنعة.

تحت خط 48: عزمي بشارة وتخريب النخبة الثقافية

تأليف: د. عادل سمارة
طالبة ماجستير، الجامعة اللبنانية، بيروت
غلاف طبعة الأرض المحتلة 48
منشورات شمس (بلدة جت منطقة المثلث)، 2016.
قراءة في كتاب: تحت خط 48: عزمي بشارة وتخريب النخبة الثقافية
تأليف: د. عادل سمارة

منشورات مكتبة بيسان، بيروت، لبنان 2016
بقلم: مريم الأشعل
لقد جاء كتاب “تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية ” لمؤلفه الدكتور عادل سماره , من أجل إزالة الغشاوة عن أعيننا وإظهار الحقيقة أمام الراي العام العربي، بأن عزمي بشارة عميل لصالح الكيان الصهيوني . والمغزى ليس في شخص السيد بشارة بل بما هو أعمق من  هذا أي بدوره في “استدخال الهزيمة ” و نشر ثقافة  الاستسلام أمام العدو الصهيوني بين العرب .
والهدف من الكتاب هو إنارة الطريق امام أصحاب الحق والارض في العودة الى وطنهم فلسطين –كل فلسطين. وهذه العودة لن تكون الا بالمقاومة المسلحة وليس بالمساومة والحفاظ على الوضع الراهن كما فعل ويفعل السيد بشارة ومن على  شاكلته .
واذا كان الشارع العربي غير مهتم أو ملم بالاحداث السياسية لانشغاله في توفير لقمة عيشه من جهة وإخضاعه لقمع يطال العقل والموقفمعا من جهة ثانية، فماذا عن الساسة و المثقفين القوميين وحركات المقاومة ؟ لماذا ظل عزمي بشارة اسما طبيعيا وهو عضو في الكنسيت منذ عام 1996 ! علما بان عضوية الكنيست هي قسم الولاء للدولة اليهودية.  لكن يبدو للبعض ان الوصول الى عضو كنيست هو  نضال، هو تكتيك للوصول الى مركز يمكن فيه تحسين شروط حياة الفلسطينيين.
  ولكن كيف لهذا أن يحصل ويكون مقنعاً؟  فاذا كان اعضاء البرلمانات في البلدان الطبيعية، أي التي ليست تحت الاستعمار لا يخدمون مصالح شعبهم، فكيف لعضو عربي داخل برلمان  مؤسسة الكيان الصهيونية أن يحقق لشعبه شيئاً بالمعنى القومي وليس الفردي او الفئوي، علماً بأن من يراجع تاريخها يعرف بانها “تسمح لاعضاء الكنيست العرب  أن يكسبوا فرديا ، لا أن يدافعوا عن وطنهم  ويحققوا مكاسب قومية “.
إن مناخ تحقيق اي شعب لحقوقه من سلطته او من الاستعمار يقول الدكتور عادل “يتم بمراكمة مختلف انواع النضال والتي ليست البرلمانية الا جانبها السلبي  والمخصي”.
 ”بدأ عزمي بشارة حياته السياسية بعضويته في الحزب الشيوعي راكاح الذي تشرب منه أفكاره بأن الكيان الصهيوني كيان طبيعي وليس  حتى مجرد امر واقع, وهذا ما دفع لتبرير الترشح لعضوية الكنيست الصهيوني، وتمهيدا لذلك زار الاردن ثلاث مرات قبل اتفاقية وادي عربه، التي يرفضها الشعب العربي في الأردن يومياً ويكرسها النظام التابع يومياً بالمقابل، بمعنى أنه اندرج في سياق العلاقات القديمة جدا بين النظام الأردني والكيان الصهيوني وكرسها بما هو فلسطيني.  ثم غادر الحزب الشيوعي ليصبح “قومياً ناصرياً” في الشكل ولكنه ضد الامة العربية عمليا. بل كان تبنيه للفكر القومي من اجل كسب دعم الشارع الفلسطيني في المحتل 48 لدخول الكنيست. لقد استثمر الشعور القومي لفلسطينيي المحتل 48 ليدخل الكنيست، ومن ثم استخدم تلك العضوية لتسويق نفسه لدى سوريا وحزب الله .
في سياق إعداده صهيونيا، شغل بشارة منصب نائب رئيس معهد فان لير ( في القدس من سنة 1990 حتى سنة 1996) وهو معهد متخصص في الواقع الصهيوني . لقد ورد في ديباجة المعهد ما يلي :
“  العمل على زرع ونشر التطرف الديني والطائفي والعرفي , والقضاء  على فكرتي القومية العربية والتضامن الاسلامي , واحلالهما بفكرة التعاون الاقليمي الشرق اوسطي , وتوظيف الاصولية الاسلامية وايديولوجيات الاقليات في المنطقة لصالح اسرائيل “.
غني عن الشرح بأن توظيف الأصولية الإسلامية هو اليوم على أشُده من جهة وبأن بشارة في مقدمة من يقومون بتكريس هذه الاصولية ضد الأمة العربية عبر دوره في قطر. بل إن التطبيق العملي لأفكار معهد فان لير كان من جانب بشارة على خطوتين:
الأولى: إدعاء تبني الفكر القومي والمقاوِم للدخول إلى سوريا ولبنان
والثانية: الارتداد بالمطلق ضد سوريا وحزب الله فورا مع بدء المؤامرةعلى سوريا حيث اصبح في مقدمة داعمي الإرهاب التكفيري ضد سوريا.
في فترة وجوده في هذا المعهد طرح فكرة “الحكم الذاتي الثقافي ” لفلسطيني 48  . وهي فكرة تقوم على حق الاقلية الفلسطينية في المحتل 48 في حكم ذاتي ثقافي لا يقاتل ولا ينازع على الارض . اذاً الصراع بحسب هذا المنظِّر ليس على الوطن بل في نطاق الحقوق المدنية وبالتالي فهو يسلم ان فلسطين  هي ارض الكيان الصهيوني .
–        أقام عزمي بشارة حزب برلماني جديد هو ” التجمع الوطني الديمقراطي ” الذي خرج من تحت ابط “عقلية راكاح” . يطرح هذا الحزب ان” الفلسطينيين في منطقة “48 هم “أقلية قومية “  فينظِّر لهم بحكم ذاتي “ثقافي “! كحل  نهائي لهم عازلا حقيقة كونهم جزء من الشعب الفلسطيني ولا يعتبر مطالب هذا الشعب قومية حقيقية ولا سيما في نطاق حق تقرير المصير والاستقلال والسيادة على الارض . كما انه تجاهل تماما حق عودة اللاجئين الفلسطينيين متناغما بذلك مع الموقف الاسرائيلي . والحكم الذاتي طلب ملطف للاجواء لا يطمح الى   الاستقلال او الانفصال . بل بقاء الفلسطينيين  تابعين للحكومة المركزية , التي تحتكر بيدها كل وسائل القوة وبالتالي تقود الشعب الفلسطيني  الى الاندامج السلبي وجعل اقتصاده مجرد اقتصاد تحت الطلب  .
–        ان الحكم الذاتي وحتى اعلان دولة فلسطينية , لن تكون مستقلة حقيقة ولا باي حال من الاحوال , انما هو طبعة اولية من الدولة ثنائية القومية التي تعني ان يعيش الفلسطينيون في دولة اليهود كأقلية قومية إلى جانب أكثرية استيطانية تزعم أنها قومية رغم انها تجميع من العديد من الأمم والقوميات! وبالطبع حتى هذه الدولة الثنائية هي للفلسطينيين الموجودين داخل فلسطين  اي لا تشمل اللاجئين وهم الأكثرية من الشعب الفلسطيني.
–         المثير للغثيان ايضا هو اهتمام السيد بشارة بالمطلب الثقافي للفلسطينيين ,وهذا المعيار في بلدان التبعية والفقر والتخلف يعني ويهدف اساسا الى تغييب صورة التبعية والتخلف والاستغلال .تغييب الاقتصادي والطبقي ليتورط البلد في التكيف مع النظام العالمي . والمعيار الثقافي يفصل بين الطبقات الشعبية التي تؤمن بالوحدة العربية وبين الطبقات الحاكمة التي تربط مصالحها بالاجنبي وتاليا تعمل له ولمصالحه .
–        يطرح الحزب الجديد الذي انحدر جزء منه من حركة” ابناء البلد ” التي كانت ترفض الاعتراف “بدولة اسرائيل” على أرضية انها طردت الشعب الفلسطيني من بلاده وان له حق العودة . ( وهذا الحق ليس هبة من الكيان او وعد من  الأمم المتحدة التي اشترطت بل ربطت قبول الكيان كعضو فيها بعودة اللاجئين الفلسطيننين منذ 1948 وهي لم تفعل شيء سوى خدمة الكيان  .
فكيف نصدق أن يوافق كيان إجلائي على حق العودة وهم الذين طردونا، لو كان ذلك كذلك لما طردونا من الاساس .
حق العودة حق وكل السبل مشروعة امام تحقيقه . وعليه،  فإن ما هو قائم اما المقاومة واما التسوية , اما التطبيع واما التفريط)  .
اما وبعد ان اغوى عزمي بشارة حركة ابناء البلد تخلت هذه الاخيرة عن مبادئها وقلصت المشكلة لتصبح مسالة مساواة و دولة لكل مواطنيها وهذا ما يريده عزمي بشارة لان فيه فرصا واسعة للمناورة واللعب السياسي. إلا أن حركة ابناء البلد عادت ونقدت نفسها وتوقفت عن المشاركة في انتخابات برلمان الكيان.
 لكن ما معنى “مساواة ” ودولة لكل مواطنيها” ؟ يتساءل الدكتور عادل سماره، بل وحتى بعيدا عن كون الكيان دولة استيطانية، هل هناك أية دولة راسمالية لكل مواطنيها ؟
–        المساواة بين المستعمرين المغتصبين وبين اهل البلاد أمر  لم يكن له نظير في التاريخ ! كيف تكون المساواة هذه طالما الارض لا تزال بيد اليهود والجيش والقمم الاقتصادية ؟
–        ان عزمي بشارة يرى من خلال معايشته للكيان انه يشكل نهضة تحررية وانه هو صاحب الارض وما على الفلسطيني سوى التكيف والاندماج وهو يكتفي بالمطالبة بالحقوق المدنية لفسطينيي 48 فقط. وحسب تصريحاته للصحف العبرية، يعارض السيد بشارة الكفاح المسلح بشدة،  لا بل يتسهزىء بالمقاومة ويرى فيها  “كالنملة التي تصارع فيل ”لذلك فهو يستقوي بالضعف باستدخال الهزيمة ولا يحتفظ بهذا لنفسه فقط بل اخذ يدور في ارجاء الوطن العربي ناشرا افكاره   الصهيونية امام الاجيال الشابة التي  يعرف كيف يغسل ادمغتها.
–        لقد قام الكيان بخداع العرب ببطل وهمي و اوهمنا انه معارض للحكومة الاسرائيلية حيث زعمت المؤسسة الصهيونية انها ستحاكمه واستجوبه الشاباك مرات عديدة  “كما زعم هو وهم ” ولكن لم تتم المحاكمة وبقى الامر بين شد وجذب اعلامي الى ان هرب الرجل.
–         ‍في فترة الزعم بمحاكمته كان يتنقل عزمي بشارة بين عمان والشام وتل ابيب ورام الله وهو عضو كنيست .  لقد تحدثت  الصحف الاسرائلية ان عزمي بشارة   كان يلتقي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك  قبل كل زيارة الى دمشق .  ومع الجنرال الاحتياطي داني ياتوم رئيس جهاز الموساد السابق . وتعود على تقديم تقارير الى ياتوم عن زياراته الى سوريا .لقد كثرت زياراته الى هناك وهو حسب مصادر اسرائيلية يعتبر مبعوثا اسرائيليا غير رسمي الى سوريا .  ولتكتمل المسرحية خرج عزمي بشارة من اسرائيل وهو في مجده   مدعيا انه منفي او هارب من الكيان . وهذا كذب عالمكشوف . فالكيان الضالع في الجاسوسية وضبط حدود الارض المحتلة الكترونيا يحول دون هروب الفيروسات. فما بالك بالحجم المحترم لعزمي بشارة الذي ذهب بموقف احتفالي علني ليسلم جواز سفره الصهيوني  الى سفارة الكيان في مصر كامب ديفيد . وهي خطوة لا يفعلها هارب ولا منفي .بل  شخص يحفظ خط الرجعة ذات يوم بعد انتهاء مهمته. لو كانت حدود فلسطين سهلة بما يسمح لجثة بشارة بالتسلل غير المرئي لتمكن الفدائيون من الدخول !!  في الحقيقة خرج من اجل مهمة تطبيعية بهدف ان يعود بعدها وقد ساهم في تطبيع الكثير من العرب تمهيدا لتطبيعهم جميعا . اختار قطر بالذات بلد مامون المناخ الثقافي والسياسي والفكري  وهي  محمية اميركية حيث لن يطوله احد ..وهذا المكان الطبيعي ليواصل دوره في تخريب الوعي السياسي للشارع العربي باسم القومية .
–          كانت صداقة عزمي بشارة مع سوريا صداقة مسمومة .اتضح انها لقراءة البيت السوري من داخله وتفجيره. وهذا ما اتضح فور بدء المؤامرة على سوريا.
«المفكر العربي» الموظف الجوّال ـ الرحالة، يتنقل من بلدٍ إلى آخر وفق الأجندة الصهيونية، فحيثما تكون مصلحة هذه الأجندة تراه يظهر في قطر أم في تونس. لا يظهر وحيداً بل محاطاً بألوان مختلفة منها الأخواني ومنها الليبرالي ومنها اليساري ومنها القومي… ولكن الجميع في المحصلة يتحرك وفق خطة واحدة عُهِدَ «المفكر العربي» العربي بتنفيذها.
في هذا العدد يتكلم الدكتور سمارة عن دور عزمي بشارة في تخريب المثقفين وشرائهم بالمال القطري والخليجي بشكل عام. وكذلك عن مسعى العقل المافياوي الصهيو ـ إنغلوسكسوني في خلق التناقضات والتوترات والصراعات بين أتباع الولايات المتحدة وذلك لتسهيل قيادتها لهم.
في علاقات الثورة المضادة لا توجد رفاقية لأن جوهرها البحث عن مال لا محدود وهذا عقل مافيوي صهيو-أنجلو ساكسون بروتستانت. لذا، ورغم علاقة التبعية من أنظمة الخليج للولايات المتحدة فهي حريصة على أن يتناكف هؤلاء في ما بينهم لتبقى قيادتهم أسهل. وعليه، لا غرابة أن تدور الاشتباكات السياسية بين داعش مكة وداعش الدوحة وقاعدة الإمارات ولكن هذه المرة في أرض الجزيرة.
ولكن غبار الاشتباك لا يحول دون رؤية أميركا والكيان ما يريدان. فلديهما نظارات الرؤية الليلية في الحرب والرؤية في الغبار السياسي والدبلوماسي. بالمناسبة النرويج وهي حكومة غير حكومية زودت الجيش الأميركي بنظارات رؤية ليلية أثناء احتلال العراق ومولت منحاً «أكاديمية» لدراسة سوريا من الداخل وخاصة مخيم اليرموك!
في خضم هذا الغبار قررت الولايات المتحدة إخضاع العدوان القطري ضد سوريا للعدوان السعودي بمعزل عن طي عنق بندر مؤخراً وإبراز نايف.
لكن المناكفات والمناوشات بين التوابع لا تعني ضياع الرؤية الأميركية ودقة توزيع أدوار هؤلاء. فقد كتبت في هذه الصفحة مرات بأن قطر يتم تحويلها لتقود حرب تخريب الثقافة القومية العربية. وآمل أن لا يتخيل أحد أن هذا الدور بسيط التأثير. فالثورة المضادة بمجموعها تعتبر القومية العربية هي العدو الرئيسي وربما الوحيد في الوطن العربي. ولذا، فالدور القطري في هذا الاتجاه شديد الخطورة والأهمية. وهو دور شراء المثقفين بالمال.
تصوروا مثلاً وضع مليار دولار تحت تصرف عزمي بشارة للتخريب الثقافي! كم مركز أبحاث سوف يتمفصل عن ذلك؟ وكم جامعة؟ وكم جريدة؟ بالمناسبة هناك مشروع شراء صحافيين في رام الله لجريدة لبشارة والمعروض عليهم ذلك يتنافسون على الثمن وكم صحافي وكم مثقف؟!…الخ.
ضمن هذا المخطط كان مؤتمر الدوحة عن فلسطين في قطر في 13 ديسمبر 2013، حيث جرى الحديث فيه عن كافة السيناريوهات لحل الصراع العربي ـ الصهيوني طبعاً تقزم إلى فلسطيني ـ إسرائيلي بينما السيناريو الوحيد الذي أُغفل هو تحرير فلسطين، مما يعني أن الكيان الصهيوني الأشكنازي طبيعي وعلى «أرضه».
كان على رأس قائمة حضور هذا المؤتمر رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي.
ومؤخراً، كان عزمي بشارة يفتتح مقراً لمركز دراسات في العاصمة تونس بتبريك حزب النهضة ورئيس تونس المنصف المرزوقي. اللافت طبعاً أن المرزوقي كان يعيش في فرنسا وكان على علاقة حميمة بالحكم الفرنسي وهو من قادة منظمات الأنجزة قبل سقوط بن علي، وهو مع النهضة، مع عدم إدراج مناهضة التطبيع في تونس، وفي حكومة بلاده اليوم وزيرة السياحة التي تفاخرت بالتطبيع وبقيت في منصبها رغم معارضة القوى الوطنية والقومية في تونس. أما اليسار المهذب بقيادة حمة الهمامي فلم يعترض على التطبيع.
… في تبرير حزب النهضة للتطبيع : «… ادعى أحد قادة الإخوان في تونس أن حماس طلبت منهم عدم إدراج تجريم التطبيع في الدستور» الصحبي عتيق، رئيس كتلة نواب «النهضة» تشرين الثاني/اكتوبر 2012 .
كشف هذا مرهون بما تقوله حماس بالطبع.
«…وتتالت في عهد الإسلام السياسي خطوات التطبيع في الميدان الثقافي والرياضي والسياحي والاقتصادي، ما يغني الصهاينة، حالياً، عن التطبيع المعلن أو عن فتح سفارة… وللمفارقة، منعت حكومة تونس الإخوانية في بداية سنة 2014 مناضلين فلسطينيين ولبنانيين وعرباً من دخول البلاد، لحضور مؤتمر عن مقاومة الصهيونية، رغم حصول بعضهم على تأشيرات من سفارات تونس في بلدانهم عن صحيفة «الخليج» 17/01/2014 ، كما منعت وفوداً عربية من المشاركة في نشاط تضامني للمحامين التونسيين مع فلسطين في ذكرى يوم الأرض 2013 ، رغم الحصول على تأشيرة مسبقة من السفارات التونسية…».
«…وزير حكومة الإخوان طارق ذياب ، أصبح مدافعاً عنيداً عن التطبيع وأعلن أن الحكومة تقبل المساعدة «الإسرائيلية» إذا عرض عليها الكيان الصهيوني ذلك نيسان/أبريل 2012 ».
«…أما في حزب «نداء تونس»، الذي يترأسه «الباجي قايد السبسي»، أحد أقطاب نظام بورقيبة وبن علي، فقد دافع أحد اقطابه، وهو رجل أعمال، عن زيارة وفد من اتحاد رجال ونساء الأعمال في تونس إلى فلسطين المحتلة، وكانت أخته ضمن الوفد، وهي عضوة قيادية في الحزب المذكور قناة «حنبعل» 09/03/2013 ».
ملاحظة: جميع المقتطفات من مقالة الرفيق الطاهر المعز 20/03/2014 في باريس. هل يمكن عدم رؤية الخيط بل الحبل الناظم بين تورط حكومة الإخوان المسلين في تونس وعلى هامشها ليبراليون ويسار لا قومي وبين نشاطات مركز عزمي بشارة هناك؟ وهل تمكن رؤية هذه الأدوار خارج خدمتها للكيان الصهيوني؟
فتى الموساد في تونس فنزويلا… مصر وسوريا وأحفاد تروتسكي
اشتهر التروتسكيون بالجملة الثورية، من المحال أن تجد حزباً أو نظاماً أو حتى شخصاً يسارياً من خارج أُطرهم لم يهاجموه بكل الأسلحة. أما تهمة ستاليني فجاهزة على الدوام. منذ أن بدأ الحراك في سوريا، وبالمناسبة الأيام تُثبت أكثر وأكثر أن الحراك كان مخروقاً بالسلاح وحتى تم تحريكه بمسلحين وقناصة يطلقون على الناس والأمن معاً. منذ أن بدأ الحرك اصطف التروتسكيون في سوريا مع الثورة المضادة. ولا أقصد هنا تروتسكيي سوريا بل كل العالم. وقفوا مع أميركا والإخوان والوهابيين. وليس هذا بغريب إذا ما عرفنا حدود تغلغل الصهيونية في منظماتهم. وحينما انشقت مصر بين الإخوان والخليط وقف التروتسكيون مع الإخوان. وقد تكون فكرة الأصابع الأربعة مأخوذة من «الأممية الرابعة» وليس من ميدان رابعة العدوية. ولكن، دعنا نقول بأن التروتسكيين بما هم مخروقون بتمفصلات صهيونية، ولا شك أن للدين اليهودي دوره في تلوينهم أيضاً، فما الذي دفعهم للتصدي للدولة الفنزويلية؟ لنقل هنا يخدمون الكيان الصهيوني الأشكنازي. فمن يخدمون في فنزويلا؟ أليسوا في خدمة الولايات المتحدة؟ في المقتطف أدناه يبين الصحافي المعروف تيري ميسان، أن التروتسكيين من أبناء العائلات الثرية المحاطين بعصابات البلطجية هم الذين يتصدرون العمل التخريبي ضد الرئيس مادورو في فنزويلا معللين بذلك أنه ستاليني. مكررين ومرددين الخطاب الرأسمالي الغربي الممرور ضد ستالين، وتفجعاتهم على الشيخ القتيل ليون تروتسكي في معزوفة اقرب إلى ثأر البداوة. وقد يكون هذا الشعور هو ما يقربهم من حكام الخليج.
معرفة المواقف من اليرموك وسوريا
كل هذا شديد الأهمية لأنه يعبر عن مواقف وتعبئة لا قومية منذ عقود، وها نحن ندفع الثمن ليكون هذا أو ذاك قائداً يعيش على كرهه الشخصي لقادة آخرين. لعل أخطر ما حصل هو ذلك الالتباس بين «أمجاد» شكلانية شخصية وحماية سوريا. هنا نضع الإصبع على المسألة الأساس: في الأصل أن تبدأ وطنياً. هناك كثير من قيادات اليسار التي تكلست لتصبح أمراء طوائف وربما أمراء حرب. تورطوا ضد سوريا منذ البداية ليقينهم أنها ستنهار. وحينما صمدت سوريا وقعوا في المنطقة الرمادية. طبعاً الآن يقضمون أظافرهم . المهم لا شك أنهم يرون الآن بأن أدوات الثورة المضادة كانت ستحصد أعناقهم. كيف لا وداعش حتى تقتل بعضها. أعتقد أن كتابة معمقة عن مسألة مهمة جداً وهي: الوقوف مع سوريا منذ البداية رغم الاعتقاد بأنها قد لا تنتصر. هذا أمر مهم لفرز المواقف والانتماءات. أعتقد أن الانتماء العروبي القومي الأصلاني هو المعيار بغض النظر عن النتائج. هذا ما يجب أن يُبرز الآن في مواجهة مخاليط الدين السياسي والكمبرادور واللبراليين والتروتسكيين الحاقدين كالبدو والمرتبطين بالصهيونية، ويسار أيتام التحريفية الموسكوفية وليس أيتام لينين. وأيتام القُطريات وليس أيتام عبد الناصر.
:::::
“البناء”
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: