ملفّ لا يحتمل اللفلفة… مطلوب أجوبة
مارس 5, 2018
ناصر قنديل
قضيتنا أنّ أمامنا عملياً روايتين لا يمكن الجمع بينهما رواية صدرت عن وزير الداخلية، تقول ببراءة عيتاني وباتهام مَن حقق معه ووجّه له الاتهام بالخلفيات الحاقدة والطائفية، وما أعقب كلام الوزير من مصادر أمنية منسوبة لشعبة المعلومات، اتهام للرئيس السابق لفرع مكافحة جرائم المعلوماتية بفبركة التهمة استناداً لخبرة قراصنة، ولأهداف شخصية بعضها ملتبس وبعضها وصفه الوزير بالحقد والطائفية. وفي المقابل أمامنا رواية وردت في بيان رسمي لجهاز أمن الدولة، تتمسّك بالاتهام وتسنده لاعترافات عيتاني الموثقة والمسجلة والواردة دون ضغوط، وبحضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. وأمام هاتين الروايتين لا ننحاز لإحداهما، وما يعنينا أبعد مما ينتج في القضية نفسها. فالقضية تطال أموراً أشدّ خطورة لا تحتمل اللفلفة وعلى الدولة كدولة بمؤسساتها أن تجيب المواطنين عن الأسئلة التي تطرحها.
السؤال الأول، إذا تبنينا رواية وزير الداخلية والتي تبدو مسنودة بتحقيقات شعبة المعلومات. فهذا يعني أمرين، الأول أنّ اتهامات خطيرة يمكن أن تُسند لمواطنين لبنانيين بغير وجه حق، باعتراف مرجعيات مسؤولة في الدولة، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يسقط فيها ضحايا لفبركة الاتهامات. فهل صار الوقت مناسباً لنقول إنّ كلّ الاتهامات التي تلقفها نصف اللبنانيين وصُفّق لها بحماسة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري كانت فبركات وأفلاماً هوليودية؟ فهل سيطال ضحايا هذه الفبركات اعتذار وتوضيحات تشبه الحملة التي قادها الوزير في قضية عيتاني، وما لم يحدث ذلك، يصير واجباً تصديق ما ورد في بيان أمن الدولة من تلميح للاعتبارات الانتخابية؟ فهل هناك «مواطن بسمن ومواطن بزيت» عند وزير الداخلية، وكلاهما ضحية فبركة جهاز أمني بتوجيه اتهامات تعادل التحريض على القتل، ولهم عائلات وأبناء أسيء لهم وسمعة جرى النيل منها وكرامة تمّ انتهاكها، وفي ظروف أشدّ قسوة، من تلك التي لحقت بعيتاني، الذي يستحق الإنصاف من مظلوميته إذا كانت براءته حقيقية، وإذا كانت مفاعيل عائلته الانتخابية تقف عند حدود الاحتفال ببراءته، هل يذكر الوزير يوم خرج الرئيس فؤاد السنيورة محتفلاً في مؤتمر صحافي، بحضور رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتيليف ميليس يعلن توجيه الاتهام باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولاحقاً تبيّن أنّ الأسماء المعلنة، ضحايا تلفيق وفبركة وشهود زور؟

No comments:
Post a Comment