Saturday, 5 December 2020

عمرو علان: محاذير عدم الرد على اغتيال محسن فخري زادة

 

مقالي في صحيفة رأي اليوم

يعد الاستنتاج القائل بأن جريمة اغتيال العالم الفيزيائي الإيراني البارز محسن فخري زادة هي أول نتائج الاجتماع الثلاثي (الإسرائيلي) الأمريكي السعودي في مدينة نيوم السعودية استنتاجاً معقولاً، سيما في ضوء وصف الجمهورية الإسلامية في إيران هذه الجريمة بالمؤامرة الثلاثية (الإسرائيلية – الأمريكية – السعودية)، وبعد وقوع هذه الجريمة بات من الأسهل رسم تصور عن مخطط كيان الاحتلال الإسرائيلي للفترة الراهنة التي تفصلنا عن تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، فيبدو أن الكيان الصهيوني، وبالتعاون مع حلفائه من المتصهينين من حكومات الخليج بالإضافة إلى غطاء أمريكي من إدارة دونالد ترامب، يبدو أنه عازم على توجيه عدة ضربات أمنية مؤثرة للجمهورية الإسلامية وربما إلى جهات أخرى في محور المقاومة أيضاً في هذه الفترة، ويطمح العدو الصهيوني إلى تحقيق عدة أهداف من هذه الضربات منها: 

–         توجيه ضربات تكتيكية مؤذية يكون لها أثار على البرنامجين الصاروخي والنووي الإيرانيين.

–         تعقيد المسارات أمام عودة أمريكية سريعة محتملة إلى الاتفاق النووي الإيراني بعد تسلم إدارة جو بايدن مقاليد الحكم.

–         المساس بالهيبة الإيرانية وتوجيه ضربات معنوية قاسية للجمهورية الإسلامية وإلى محور المقاومة عموماً، وفي المقابل إعطاء دفعة معنوية للحكومات المتصهينة في الخليج.

–         تقديم إنجازات أمنية وميدانية عملية لاتفاقات التطبيع الأخيرة بين الكيان الصهيوني والحكومات المتصهينة في الخليج، ليتم وضعها بين يدي إدارة جو بايدن كأوراق ضغط تُعدِّل في التوازنات ضد مصلحة محور المقاومة في حال دخول إدارة جو بايدن في محادثات جديدة مع الجمهورية الإسلامية حول الاتفاق النووي الإيراني مستقبلاً، وفي هذا الشأن كان نِك واليش محلل قناة (سي أن أن) الأمريكية للشؤون الأمنية قد قال أنه برغم العلاقة المرجح أن تكون مضطربة بين بنجامين نتنياهو والرئيس الأمريكي الجديد، يشير هذا الاغتيال إلى أن (إسرائيل) يمكنها القيام بخطوات عنيفة ومفيدة للبيت الأبيض، وهذه الخطوات لا تمنع بايدن من لعب دور الشرطي الرحيم في الوقت الذي يُظهِر فيه الشرطي العنيف قدرته على قتل أحد أهم القدرات البشرية الإيرانية في أحد ضواحي طهران الأكثر تأميناً.

وربما تعد هذه النقطة الأخيرة الأخطر من بين أهداف جريمة الاغتيال التي تفرض على القيادة الإيرانية الرد بطريقة مناسبة ورادعة، فعزوف الجمهورية الإسلامية عن الرد على هذه الجريمة يبعث بإشارات مضرة مفادها أن الجمهورية الإسلامية مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي بأي ثمن، وأن الحلف الناشئ بين الكيان الصهيوني وبين المتصهينين العرب برعاية دونالد ترامب هو حلف فاعل يمكن للأمريكي الاعتماد عليه، وأنه يمكنه القيام بعمليات تكتيكية تخل بالتوازنات القائمة بين محور المقاومة وبين المعسكر الصهيوأمريكي، مما يفرض وقائع جديدة يمكن أن يبنى عليها في السياسة.

لا نعتقد أن هذه الحسابات غائبة عن ذهن قيادات محور المقاومة، ولدى هذا المحور من القدرات العملانية والتكتيكات الميدانية ما يمكّنه من القيام برد متكافئ ورادع على جريمة اغتيال فخري زادة، بشكل يمنع تعديل التوازنات القائمة أو ربما يحسّنها لصالحه، وبطريقة تتفادى الانجرار إلى حرب مفتوحة في التوقيت الذي يفرضُه عليه العدو.

عمرو علان

كاتب وباحث سياسي

فيديوات مرتبطة

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: