Thursday, 10 May 2018

الرهان «الإسرائيلي» على روسيا



مايو 10, 2018

ناصر قنديل

– ليست المرة الأولى التي يتوجه فيها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، مستفيداً من مناسبة احتفالية تتصل بالحرب العالمية الثانية، لتنظيم لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محاولاً استثمار حضوره والمناسبة وصِلتها بذكريات يهودية حول المحرقة، ليحصل على مواقف روسية يريدها متفهّمة، لما يصفه بالهواجس الإسرائيلية، وخطط المواجهة التي تقرّرها حكومته وتضع لها شعارات وسقوفاً.

– يحدث هذا في مناخ ربما يكون الأشدّ توتراً في العالم والمنطقة بعد القرار الأميركي بالانسحاب من التفاهم النووي مع إيران. وهو القرار الذي تتباهى «إسرائيل» بأنها لعبت دوراً مباشراً في التحضير له والتحريض عليه، وتقديم الأسباب الموجبة لبلوغه، وهو القرار الذي قال الرئيس الروسي قبيل وصول نتنياهو إلى موسكو، وفي اجتماع لمجلس الأمن الروسي، إنه كارثة، بعدما تقصّد تخصيص الاجتماع لبحث تداعيات القرار وتقييم التصعيد الإسرائيلي في سورية.

– في مرة سابقة مشابهة ذهب نتنياهو إلى موسكو وحاول مناقشة الوجود الإيراني في سورية مع المسؤولين الروس وفي طليعتهم بوتين، وشكل ملف وجود حزب الله في سورية القضية الرئيسية لمباحثاته، وبعد أيام قليلة بدأت نتائج اللقاء المخيّبة للآمال الإسرائيلية تنشر على صفحات الصحافة الإسرائيلية، والمواقع الإلكترونية العبرية، وكان لموقع مركور سبق نشر ما يشبه محضر الاجتماع في حوار أجراه مع السفير الإسرائيلي في موسكو غوري كورن، الذي وصف النتيجة السياسية للقاء، بالإصغاء من جانب بوتين وتوضيح عدم الاتفاق مع الرؤية الإسرائيلية، خصوصاً لجهة الرهان على اللجوء للقوة لفرض روزنامة خاصة في سورية، ناصحاً بالخروج من الجغرافيا السورية لصالح الدولة السورية وجيشها، وارتضاء موجبات الدول المتجاورة تجاه بعضها، حتى وهي في حال العداء، بدلاً من المراهنة الخاطئة على اللعب بالقوة الذي يبدأ بمكان ولا يعرف أحد أين سينتهي.

– هذه المرة حاول نتنياهو السعي للحصول على موقف روسي يتفهّم الغارات الإسرائيلية على مواقع في سورية، فسمع وفقاً لما نشرته صحيفة «هآرتز»، توصيفاً روسياً قاسياً للقرار الأميركي تجاه الملف النووي الإيراني وللتصعيد الإسرائيلي في سورية، بأنه لعب بالنار، ناصحاً بالانخراط في مساعٍ للتهدئة لأنه في حال تصاعد المواجهة على من يتبنّى خط المواجهة تحمّل التبعات منفرداً، وروسيا ليست شريكاً في تحمّل هذه النتائج.

– بعض المواقع الإسرائيلية كتب أنّ نتنياهو حاول توسيط بوتين مع إيران للحصول على تعهّد بعدم الردّ على غارة الـ»تي فور»، فلم يسمع جواباً إيجابياً، فيما كرّر بوتين نصائحه السابقة بالخروج من اللعب بالنار في سورية، والانسحاب من الجغرافيا السورية لصالح الدولة السورية كضامن للحدود وما خلفها وما يصدر منها، والكلام المنسوب لبوتين يفسّر عنوان مقال «هآرتز»، «سوف تندم إسرائيل بمرارة على رهان بيبي السيّئ على بوتين».

– خلال الأيام المقبلة ستواصل «إسرائيل» استنفارها، وقلقها من الردّ الإيراني، وربما تواصل استهداف مواقع في سورية، وتواصل إيران هدوءها، وسماع الكثيرين يقولون إنّ إيران لن تجرؤ على تنفيذ تهديداتها، خصوصاً في ظلّ التصعيد المحيط بمستقبل التفاهم النووي، لكن في يوم مقبل سيظهر أنّ القلق الإسرائيلي في مكانه، وأنّ الردّ الإيراني آتٍ، ولن تجد «إسرائيل» مَن يسندها، إلا بيان تضامن أميركي، وسيكون عليها الاختيار بين خوض حرب يائسة، أو تحمّل ضربة مؤلمة.

– مع الانتهاء من كتابة هذا المقال، كانت الصواريخ الإيرانية تتساقط على مواقع إسرائيلية عسكرية، وكانت شرارة المواجهة بتبادل القصف العابر فوق خط فك الاشتباك في الجولان، سيد الموقف.

قصف بعشرات الصواريخ لمواقع إسرائيلية حساسة… ونتنياهو يفشل بتوسيط بوتين مع إيران


كتب المحرر السياسي

مع تساقط الصواريخ على المواقع الإسرائيلية في الجولان المحتلّ، قالت البيانات الإسرائيلية إنّ إيران نفذت تهديداتها بالردّ المؤلم على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للحرس الثوري في سورية، مسقطة كلّ محاولات الاستخفاف بجدّيتها وقدرتها على تنفيذ هذه التهديدات، التي سبق وأكد جدّيتها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا الإسرائيليين للاستعداد لردّ مؤلم، والتنبّه لكون حكومتهم قد ارتكبت حماقة كبرى وستندم على فعلتها، وبدون أن تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن هذه الصواريخ جاء إطلاق عشرات الصواريخ على مواقع إسرائيلية حساسة، نجحت بتخطّي شبكات الدفاع الجوي الإسرائيلية المكوّنة من بطاريات الباتريوت المستنفرة، والقبة الحديدية التي وضعت منذ أيام في حال جهوزية كاملة، بينما كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعود من زيارة إلى موسكو حاول خلالها إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتوسط مع إيران للامتناع عن الردّ على الغارة التي استهدفت موقعاً إيرانياً في مطار التيفور قرب حمص، مقابل وقف التصعيد الذي بدأته «إسرائيل» تحت شعار استباق الردّ الإيراني ومنعه عبر وصف الغارات التي استهدفت منطقة الكسوة جنوب دمشق بأنها استهداف لمنصات صواريخ إيرانية معدّة لاستهداف مواقع إسرائيلية.

المواقع الإسرائيلية نقلت فشل نتنياهو في إقناع الرئيس بوتين بالوساطة، وسمع منه غضباً روسياً شديداً من القرار الأميركي بالانسحاب من التفاهم النووي مع إيران والدور الإسرائيلي في التحضير لهذا القرار والتحريض عليه، ومثله الغضب الروسي من اللعب الإسرائيلي بنيران إشعال حرب في المنطقة عبر التصعيد في سورية.

محور المقاومة الذي لم يعلن أيّ من قواه بتوجيه الضربة، مستنفر لمواجهة كلّ الاحتمالات كما قالت مصادر مقرّبة من المقاومة، مضيفة أن لكلّ فعل إسرائيلي ردّ فعل، وأنّ السيادة السورية ليست مستباحة ولن تترك «إسرائيل» طليقة اليدين في الأجواء والأراضي السورية، والجيش السوري والحلفاء مستعدون لكلّ الفرضيات.

الردّ الإسرائيلي جاء موضعياً على المناطق القريبة من الحدود، والمصادر المتابعة تضع الردّ الإسرائيلي ضمن احتمالَيْ استيعاب الضربة، كما فعلت بعد عملية مزارع شبعا النوعية التي ردّت بها المقاومة على غارة القنيطرة قبل ثلاثة أعوام، وهذا يعني ولادة معادلة ردع جديدة، وسقوط نظرية أولوية إخراج المقاومة وإيران من سورية بالقوة، أو الذهاب للردّ في تصاعد قد يوصل المنطقة إلى مواجهة كبرى، لا تبدو «إسرائيل» جاهزة لها.

تأتي هذه الجولة بالتلازم والترابط بين تصعيدين دولي وإقليمي تقف إيران شريكاً فيهما، حيث تسير «إسرائيل» من جهة، وتسير واشنطن وأوروبا من جهة أخرى، في تحمّل مسؤولية ما سيفعله محور المقاومة وفي رسم خريطة طريق مستقبل ما ستفعله إيران تجاه التصعيد مع «إسرائيل» من زاوية، ومن زاوية مقابلة تجاه الالتزام بالتفاهم النووي ومندرجاته أو الخروج منه، وخصوصاً قرارها بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم، أو مواصلة التزامها بما نصّ التفاهم عليه من الامتناع عن تخصيب مرتفع النسبة لليورانيوم، وذلك متوقف كما قال مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، بأنّ القرار يتوقف على طبيعة الجواب الأوروبي عن سؤالين، يتصلان بالتعامل مع العقوبات التي أعلنها الرئيس الأميركي، فهل ستتمكّن إيران من مواصلة بيع نفطها؟ وهل سيتمكن المصرف المركزي الإيراني من مواصلة التعامل مع المصارف الأوروبية؟

لا تهتمّ إيران كثيراً إذا جاء الجواب الأوروبي إيجابياً، بأنّ شيئاً لن يتغيّر بعد القرار الأميركي، ما إذا كان هذا الجواب حصيلة توزيع أدوار ضمني بين أميركا وأوروبا، أو حصيلة قرار أوروبي بالصمود بوجه الضغوط الأميركية ومواجهتها، فما يهمّها بالحصيلة هو تثبيت معادلة التفاهم الأصلية على طرفيه الغربي والإيراني، وقف التخصيب مقابل المتاجرة الحرّة بالنفط والتعامل الطبيعي مع المصرف المركزي الإيراني، وهذه المعادلة وضعت قيد التنفيذ مع بدء التفاهم، وستوضع مع تعرّضه للاهتزاز للتنفيذ أيضاً.

على الضفة الموازية لجهة التصعيد على الجبهة الإيرانية الإسرائيلية، كانت زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لموسكو، محاولة إسرائيلية لوساطة تتولاها موسكو عنوانها الحصول على تعهّد إيراني بعدم الردّ على الغارات الإسرائيلية على سورية، خصوصاً الغارة على مطار التيفور قرب حمص والتي استهدفت موقعاً إيرانياً، ونقلت الصحف الإسرائيلية خيبة أمل نتنياهو من استجابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطلباته، وتسجيل اعتراضه الغاضب على القرار الأميركي حول التفاهم النووي مع إيران من جهة، وعلى التصعيد الإسرائيلي من جهة ثانية، وعادت المواقف الإسرائيلية مع نهاية زيارة نتنياهو إلى موسكو للتحذير من خطورة الموقف، خصوصاً لجهة تأكيدات التقارير الإسرائيلية التي تتداولها القنوات التلفزيونية والمواقع الصحافية والإلكترونية، بأنّ إيران عازمة على توجيه ضربة قاسية لـ»إسرائيل»، وأنّ «إسرائيل» ترصد تحركات تبعث على القلق في الأراضي السورية، وبعد ساعات قليلة من نقل الإعلام الإسرائيلي لهذه التحليلات كانت الصواريخ قد بدأت بالتساقط في المواقع الإسرائيلية الشديدة الحساسية في الحرب الألكترونية والرصد والتنصّت وتلقي صور الأقمار الصناعية، كما وصفتها بعض المصادر.

Related Videos


Related articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: