بواسطة
أعتقد جازما أن رواية الدون كيشوت هي من أروع الروايات لأنها رواية تنتج نفسها في كل جيل وفي كل أزمة وفي كل حرب وفي كل انقلاب في الزمن .. وهي بشكل او بأخر كأنها تحكي لنا حكاية أهل الكهف .. أي أولئك الاشخاص الذين يسيرون في زمن لاينتمون اليه .. كل جيل يتحول بالتدريج الى أهل كهف والى جيش من الدونكيشوتيين الذين يظنون انهم يصوبون الحياة ويوقفون دوران الارض ويربطون الثواني والساعات والسنوات بالاوتاد كيلا تتحرك .. وهم لايدرون ان لاشيء سيوقف زحف الزمن وان عقارب الزمان في المجرة لاقيود لها ولاأوتاد .. وانهم يضيعون وقتهم .. وهم لايشبهون الا من لايزال يكتب خطاباته على الالة الكاتبة القديمة في زمن الكومبيوتر والرقميات الذكية .. بل هم لايشبهون الا راكبا في مركب يسير مع النهر وهو يظن ان ماء النهر واقف وان المركب لايزال على الضفة ذاتها .. فيما وصل قاربه الى البحر وهو يتحدث عن الاشجار التي تحيط به والظباء التي تشرب من النهر ..
منذ ايام ظهر نجيب ميقاتي وهو يفتي كما يفتي الوهابيون في خروج المرأة من بيتها من غير محرم .. وأفتى بعدم جواز زيارة سورية من غير محرم … والمحرم يجب طبعا ان يكون أميريكيا .. والحقيقة ان نجيب ميقاتي بظهوره المفاجئ منذ ايام كان مثل القادم من بين اهل الكهف .. ولاأبالغ ان قلت انه لم يكن مثل غيره من الدونكيشوتيين الساسة بل للأسف تبين ان دوره في اللعبة السياسية هو دور سانشو مرافق الدونكيشوت الذي يركب حماره ويصدق الدوكيشوت فيما يقول عن طواحين الهواء .. فميقاتي كان يتحدث بطلاقة وثقة وحماس أن قدميه لن تطآ سورية الا بعد ان يسمح العالم بزيارة سورية لأنه يرى ان العالم في عرفه لم يقرر بعد شيئين وهما انهاء مرحلة فيروس كورونا وإنهاء الحرب مع الحكم السوري .. ومن يستمع لكلام ميقاتي (او سانشو) يحزن لأنه يرى ان ميقاتي في مركبه النهري يتحدث عن حياة الانهار وزمن صيد التماسيح والظباء والظلال الوارفة .. رغم ان مركبه صار في عرض البحر ولاشيء حوله الا الماء المالح الاجاج ..
فيديوات متعلقة
مقالات متعلقة
No comments:
Post a Comment