Sunday 11 April 2010

Sad North Winds

There is things the enemy should know in order to think thousand times before attacking us, and there is things he should not know in order to think million times
Nasrallah


رياح الشمال الحزينة

سوريّتان من قرية عين التينة في الجولان تلوّحان لأقاربهما في قرية مجدل شمس (أرشيف ــ رويترز)
سوريّتان من قرية عين التينة في الجولان تلوّحان لأقاربهما في قرية مجدل شمس (أرشيف ــ رويترز)

التوتر الكامن على الجبهة الشماليّة لإسرائيل لا يفرض الذعر. لكن الاستعداد لمواجهة آتية يفرض العمل على الجميع. في لقاء ظل بعيداً من الأضواء، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن معركة المناورات مع إسرائيل: «هناك أشياء لدينا من المفيد أن يعرف عنها العدو كي يفكر ألف مرة قبل العدوان على لبنان. ولدينا أشياء أخرى يجب ألّا يعرف عنها العدو، كي يفكر مليون مرة قبل العدوان»


إبراهيم الأمين
لم يتوقف الجميع في إسرائيل عن إبداء الخشية من الشمال. ولثلاثة عقود خلت، كان المقصود بالأمر جنوب لبنان. تعوّد الإسرائيليون والعرب والعالم الهدوء على الجبهة السورية. لم يعد أحد يشعر بأن الخط الفاصل بين القوات السورية والإسرائيلية على جبهة الجولان مصدر توتر لأحد.

قبل وقت غير طويل، صار من الضروري التثبت من مقاصد إشارات قادة إسرائيل إلى هوية من يقصدونه في الحديث عن الشمال. لم تعد سوريا خارج القصد والحديث والبحث. وأكثر من أي وقت، يجري الحديث اليوم عن اندلاع مواجهة في الشمال، أي مواجهة بين سوريا وإسرائيل، يكون حزب الله طرفاً فيها.

مرّ شهر شباط على خير. ومرّ آذار أيضاً على خير. ولأن الموضوع دقيق أكثر مما هو ظاهر، أو محل تداول، فإن نيسان لا يزال في بدايته، وهو مسلسل من الترقب قد يستمر حتى نهاية الصيف. إما أن يحصل الانفجار الكبير، وإما أن تمضي المنطقة نحو هدوء يسبق العاصفة الكبرى، تلك التي يُحتمل أن يكون عنصر الابتداء في حرب شاملة مع إسرائيل بيد العرب أنفسهم.

في إسرائيل نقاش أكثر واقعية إزاء العلاقة مع سوريا. والأصوات الداعية إلى تنظيم اتفاق مع دمشق لا تقف عند آراء كتّاب أو خبراء ينصحون بحل يفيد إسرائيل. بل إن المؤسسة الأمنية والعسكرية تفترض في مثل هذا الحل علاجاً لمشكلة متعددة الأطراف. هم يفترضون أن باقة إنجازات ستحصل عليها إسرائيل إذا ذهبت باتجاه سلام مع سوريا. لكن الموانع تعيد الجميع إلى النقطة الصفر، أيّ سلام مع سوريا له كلفة تتجاوز مسألة الأراضي، وليس فيه ضمانات بالحصول على مقابل مناسب، بما في ذلك إعلان نهاية الحرب. وثمة تقديرات اليوم لدى القيادة الإسرائيلية بأن هامش المناورة يضيق. وسوريا لم تعد كما كانت عليه قبل عشرين سنة، ولا كما كانت عليه قبل عشر سنوات، ولا كما كانت قبل خمس سنوات. وكل يوم يمر، تبدو سوريا أكثر استفادة من تراجع المشروع الأميركي ومن تعمّق المأزق الإسرائيلي. وتجد أن فاتورتها قابلة للارتفاع وأن ما يستحق عليها يمكن حسم الكثير من بنوده. ومع ذلك، فإن في إسرائيل من يدعو الولايات المتحدة إلى عدم إضاعة الجهد في مفاوضات لن تنتج حلاً مع الفلسطينين، وإن تركز على المسار السوري.

هواء ساخن في شباط
قليلون يعرفون عن كثب حقيقة ما حصل في شباط الماضي. وهو ما جاء حصيلة مراكمات تعود إلى أشهر سبقت، عندما استفاق قادة في المنطقة على استنفار هو الأول من نوعه من جانب الدبلوماسية الغربية الصديقة لإسرائيل. استقبلت سوريا عدداً من المبعوثين، بينهم مسؤولون أميركيون، وآخرون من أوروبا، وتلقى دبلوماسيون سوريون في عدد من الأماكن رسائل عاجلة موجّهة إلى القيادة السورية العليا. وكل النقاش يتركز على بند واحد: إن مواصلة عملية تزويد حزب الله وحماس بالأسلحة باتت عامل حرب قد تشنها إسرائيل. وكان التشخيص يرفق برسالة تحذير على شكل نصيحة: جنّبوا سوريا والمنطقة الكأس المرّة، وأقفلوا بوابات عبور الأسلحة إلى لبنان وفلسطين.
أعدّت إسرائيل لغارة مفاجئة على هدف متحرّك للمقاومة داخل الأراضي السوريّة
قبل هذا البريد الساخن، كانت إسرائيل تعمد إلى توجيه الرسائل المباشرة إزاء ما سمّته «خطر تلقي حزب الله أسلحة كاسرة للتوازن». وكان المحللون يشرحون الأمر بأن لدى إسرائيل معلومات عن وصول منظومات عسكرية متطورة إلى سوريا تتضمن أسلحة متقدّمة مضادة للطائرات، وأن مجرد التفكير بالحد من حرية سلاح الجو في إسرائيل يدفع إلى القيام بما يحول دون ذلك. واستمر الكلام على هذا النحو لوقت طويل، ولا أحد يجيب عمّا إذا كان هذا السلاح قد وصل فعلاً إلى لبنان أو لا. اتصالات وضغوط على روسيا وضغوط غير مباشرة على إيران وسوريا، والحصيلة: لا جواب ولا تأكيد على عدم إنجاز الأمر. وبقي كلام إسرائيل يوحي أن مصادرها الاستخبارية تفيدها بأن السلاح لم يصل.

فجأة خرج إلى العلن كلام على تلقّي حزب الله منظومة صواريخ أرض ـــــ أرض متطورة للغاية، وأن كمية غير محددة من صواريخ فاتح ـــــ 110 قد دخلت لبنان ونُشرت من جانب حزب الله. ومن يومها صار صعباً تمييز الفوارق وتوحيد النقاش بشأن نوعية السلاح الكاسر للتوازن. وفي الوقت نفسه، كانت الأجوبة السورية محبطة للإسرائيليين. في الكلام الدبلوماسي رفض للتعليق من زاوية القول إن معلومات إسرائيل غير دقيقة، أو من زاوية أن سوريا ليست شرطة حدود عند أحد. وفي الإجراء العملي كانت الماكينة السورية تعمل بالوتيرة نفسها أو بالمزيد في بعض الحالات.

وفي كل مرة تتلقى فيها سوريا رسالة تهديد، كان جوابها الفعلي يصل إلى إسرائيل بصورة ميدانية: المزيد من تدفق السلاح إلى لبنان وفلسطين، والمزيد من التنسيق مع إيران ومع قوى المقاومة.

في الثالث من شباط، وصل وزير الخارجية الإسباني، ميغيل أنخيل موراتينوس، إلى دمشق. كان يحمل أيضاً الرسالة نفسها. وكان الرد هذه المرة علنياً على لسان وزير الخارجية السورية وليد المعلم، الذي قال بلغة فاجأت الجميع: «على إسرائيل عدم اختبار عزم سوريا، فإسرائيل تعلم أن الحرب ستنتقل إلى المدن الإسرائيلية، وعليها الالتزام بمتطلبات السلام العادل والشامل».

مشروع الضربة الخاطفة
كانت إسرائيل تعيش لحظة التوتر الأكثر سخونة. خرج من بين قادتها من يدعو إلى معالجة الأمر بالطريقة التقليدية. أي توجيه ضربة عسكرية تمثّل رادعاً عملياً لسوريا لمنعها من إرسال المزيد من الأسلحة، وتكون عقاباً على ما مرّ سابقاً. وكانت نقاشات قادة إسرائيل على مختلف المستويات تركز على أمور عدة:

ـــــ كيف ستكون ردة فعل سوريا؟ وثمة اعتقاد واسع لدى قادة إسرائيل بأن سوريا غير جاهزة للقيام بعمل عسكري مضاد، وهي ربما رفعت الصوت، لكنها وفقاً لما حصل سابقاً، لن تبادر إلى خطوات عملانية على الأرض. وقد توكل إلى قوى حليفة لها في لبنان وفلسطين القيام بالرد.
ـــــ إن وضع حزب الله في لبنان لا يتيح له الرد بالنيابة عن سوريا، وهو ليس في وضع يتيح له أداء دور المقاول بالباطن. وإذا اختير الهدف بدقّة، فسيكون من الصعب على سوريا إقناع حزب الله بالرد، وسيكون من المتعذر على حزب الله المبادرة.
ـــــ إن الوضع في غزة ليس مريحاً إلى درجة تمكّن حماس أو الفصائل الأخرى من القيام بعمل نوعي أو جرّ إسرائيل إلى مواجهة غير محسوبة. وبالتالي فإن المخاطر من أي عمل عسكري إسرائيلي ستنحصر في الإطار الدبلوماسي، وستصدر بيانات استنكار.
ـــــ إن الإبداع يوفّر إمكان القيام بعملية من النوع الذي يتيح لسوريا نفسها عدم إعلانها، وأن تمتنع إسرائيل أيضاً عن الإشارة إلى العملية وأن يكون الهدف هو إيصال الرسالة لا إعلان إرسالها.
وإذا كان النقاش يقود إلى ما يسهل على صاحب القرار المصادقة، فإن على الجانب الأمني والعسكري عرض هدف يناسب الشروط السياسية كلها. لذلك، فإن النقاش انحصر عملياً في الآتي:
ـــــ توجيه ضربة إلى هدف عسكري، ثابت أو متحرك وتجنب أي ضرر بأي مؤسسة أو بنية مدنية وعدم إيقاع خسائر بشرية بين المدنيين.
ـــــ اختيار الهدف الذي يوصل الرسالة المزدوجة إلى سوريا وإلى حزب الله، بحيث يُضرب هدف يخص حزب الله. لكن من الضروري ضربه داخل الأراضي السورية، بما يتيح القول لحزب الله إننا سنمنع بالقوة وصول الأسلحة إليكم، ونقول لسوريا إننا لا نستهدفكم، لكننا نحذركم من ترك أراضيكم مسرحاً لنقل هذا النوع من الأسلحة.
ـــــ على هذا الأساس، بُحثت كيفية تحديد الاستخبارات العسكرية هدفاً يفضَّل أن يكون متحركاً، وعلى شكل قافلة تنقل أسلحة مفترضة إلى حزب الله، ويجري اصطيادها عند نقطة لا تبعد كثيراً عن الحدود اللبنانية ـــــ السورية، شرط أن تكون داخل الأراضي السورية.
 
16 شباط: الردع الوقائي
قبل ظهوره أمام الحضور في مجمع سيد الشهداء في حارة حريك، كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ينهي مراجعة سلسلة من التقارير، مثّلت مادة خطابه اللافت في حينه. مراسلات تشرح طبيعة الاتصالات الأجنبية بسوريا. تقويم سوري للوضع عموماً. تقارير خاصة من قيادة المقاومة عن الوضع الميداني، وتقديرات إضافية لما تفكر فيه إسرائيل، مع جملة من المقترحات بشأن ما هو الأكثر إفادة في إعلانه في هذا الخطاب.

كان نصر الله يعرف أنه أمام مهمة توازي مهمة دعوة قوات المقاومة إلى الاستعداد لمواجهة ما. أمامه جمهور يسأل عمّا يحصل من حوله، وبين يديه كمّية من المعطيات المعروفة وغير المعروفة والقابلة للاستثمار. وعينه على إسرائيل من تحت ومن فوق. وكان عليه أن يشرح بطرق مختلفة بين الوضوح وبعض الغموض. ومن دون العودة إلى كل ما قاله، أوصل نصر الله الرسائل الآتية:

ـــــ أعلن أن وسائل الردع الإسرائيلية القائمة على اغتيال القيادات العسكرية والميدانية المعنية ببناء الجهوزية في لبنان وسوريا وفلسطين (سمى الشهيدين عماد مغنية ومحمود المبحوح، ولم يشر بالاسم إلى العميد في الجيش السوري محمد سليمان، الذين اغتالتهم إسرائيل في دمشق واللاذقية ودبي)، أعلن أن هذه الوسائل لم توقف المهمة.
ـــــ أعلن أن المقاومة تحتفظ بحقها في الرد على اغتيال الشهيد مغنية، وهي تجنبت ردوداً لا تتناسب وحجم الجريمة، وستنفذ قرارها متى ترى ذلك مناسباً. وبالتالي، حرص نصر الله على فصل عملية الرد على اغتيال مغنية عن أي بعد آخر يتصل باشتعال الجبهة مع إسرائيل.
ـــــ أعلن مباشرة وصراحة، أنه إذا شنّت إسرائيل اعتداءً على لبنان (ابتداءً أو رداً على عمل للمقاومة ثأراً للشهيد مغنية) فإن المقاومة سترد بقسوة.
ـــــ كشف عن امتلاك المقاومة أسلحة في منتهى التطور. وإن لم يشرح تفصيليّاً، فإنه قال إن المقاومة قادرة على توجيه ضربات تدميرية في كل إسرائيل. ما يعني عملياً القول لإسرائيل إن لديه أسلحة من نوع خاص
.
 
سارعت إسرائيل إلى القول إنها قررت إلغاء أجزاء من المناورة كرسالة تهدئة إلى سوريا
بالإضافة إلى هذه الرسائل المباشرة، فإن السيد نصر الله اهتم بالرد أو بتوضيح مسائل لعلها تساعد في ردع إسرائيل. فهو قال إن الأسلحة التي يخشى الإسرائيليون وصولها إلى المقاومة سيجري العمل على الحصول عليها، مع إشارة لافتة: «إذا كنا لم نحصل عليها أصلاً». وإذا كانت إسرائيل ترى أنّ الأنظمة الدفاعية الجويّة هي الكاسرة للتوازن، فقد تحدث عن الصواريخ التي تتحول من تلقاء نفسها إلى طائرات تقوم بمهمات انتحارية (من دون الحاجة إلى من يقودها). وإن فكر الإسرائيليون قليلاً، وهم فعلوا ذلك على الأرجح، فسيكتشفون أن منظومة صواريخ أرض ـــــ أرض التي أشار إليها زعيم حزب الله، هي من النوع المحطم للتوازن. لأن الدفاعات الجوية على أهميتها وضرورتها ضمن منظومة أسلحة المقاومة، تهدف إلى عرقلة إسرائيل في أثناء محاولتها إيذاء لبنان. أما الصواريخ النوعية ذات الإصابات الدقيقة والقوة التدميرية الهائلة، فتحقق إيذاءً لإسرائيل أشد إيلاماً من عرقلة عمل سلاح جوها... فكيف إذا توافر السلاحان عند المقاومة؟

حجارة نارية... باردة
بين موقف وليد المعلم وخطاب نصر الله تدحرجت الكرة الملتهبة في إسرائيل نفسها. كانت المفاجأة كبيرة بشأن موقف المعلم، واكتشف الإسرائيليون أن هناك تطوراً نوعياً في الموقف السوري. وأن إمكان رد سوريا على أي عمل عسكري داخل أراضيها بات مرجّحاً بقوة. ثم جاء خطاب نصر الله ليقفل الأبواب على أي رسائل ردعية، ولينسف استراتيجية التهويل على لبنان وحكومته ويقيم توازناً عسكرياً مع «عقيدة الضاحية». ولم يمضِ وقت طويل حتى جاءت المفاجأة الأكبر، بانعقاد قمة هي الأولى من نوعها في دمشق، جمعت الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني أحمدي نجاد والسيد حسن نصر الله. وهي قمة أعلنت التفاهم على مبدأ واحد: أيّ اعتداء إسرائيلي على لبنان أو على سوريا سيواجه بحرب شاملة تدعمها إيران.

كانت الدبلوماسية الإسرائيلية تهتم بإطلاق مواقف، والبعث برسائل تقول فيها إنها غير معنية بأي تصعيد في الشمال. فيما كان جيشها أمام مهمة تنفيذ مناورة مقررة هي «حجارة نارية 12» في منطقة الجولان. سارعت إسرائيل إلى القول إنها قررت إلغاء أجزاء من المناورة، وخصوصاً فقرة استدعاء جنود الاحتياط، مشيرين إلى أن في ذلك رسالة تهدئة إلى أهل الشمال.

معلومة مفيدة في هذا السياق، هي أن إسرائيل التي تعودت الكذب، لم تكن مضطرة إلى أن تفعل عكس ما تراه مناسباً. وللعلم فقط، هي لم تعدّل في برنامج المناورة، واستُدعي الاحتياط ونفذوا ما هو مطلوب منهم. وما كان مطلوباً من القيادة العسكرية نُفذ بحذافيره من دون أن يكون التقويم واضحاً للنتائج، باعتبار أن المجموعة القيادية المشرفة على المناورة اضطرت إلى العيش في مناخين متناقضين خلال أيام قليلة. ففيما كانوا في أجواء مواجهة محتملة، صاروا مضطرين إلى إنهاء عملهم من دون ضجيج. وبدل تحويل الأحجار النارية إلى شهب ساخنة فوق دمشق وبيروت، جاء الحزن مع رياح الشمال الباردة ليكسر الصورة.
 


خطر الاشتعال: من أين سيأتي الشر؟

رونين بيرغمان ــ يديعوت أحرونوت
«الهرب إلى الأمام»، هكذا وصف المستشار السابق لياسر عرفات وواضع البحث الأكثر شمولية عن تاريخ (م. ت. ف.) يزيد الصايغ، التكتيك الذي طوّره الرئيس الفلسطيني إلى درجة الفن في أثناء حياته السياسية الطويلة. أي التملص من أزمة خطيرة من خلال خلق أزمة أخرى. هل هذا ما حاولت حماس عمله في الأسبوعين الماضيين في ظل استخدام غطاء الفصائل الفلسطينية الأخرى؟
حماس تمر بفترة صعبة. فقد تكبدت هزيمة عسكرية في حملة «الرصاص المصبوب» لن تنجح في انتزاع إنجاز في صفقة جلعاد شاليط. وهي في مواجهة عسيرة مع مصر في ضوء الخطة المصرية لبناء جدار فوق الأرض وتحتها، يوقف التهريب من سيناء. وتلقت ضربة معنوية وتكتيكية غير بسيطة في تصفية محمود المبحوح. وحسب مصادر استخبارية، تفكر حماس باقتحام الحصار السياسي عبر عمل عسكري، على أمل أن يغير هذا ميزان القوى في المنطقة.
لكن هذا فقط واحد من السيناريوات المحتملة للحرب. على الأغلب، الشر سيأتي تحديداً من الشمال. فمنذ أشهر وإسرائيل وسوريا في حال توتر شديد. حقيقة، لها تعابير علنية قليلة لا ينبغي أن تشير إلى قوتها. دليل على هشاشة الوضع نجده بين 22 و 25 شباط، حين أجرى الجيش الإسرائيلي مناورة القيادات «حجارة نارية 12». في نهاية المناورة كان يفترض بجنود كثيرين من الاحتياط أن يُستدعَوا للامتثال في قواعدهم، إلا أنه بسبب التوتر السري تقرر عدم تجنيد الاحتياط كي لا يشتبه الطرف الآخر، سوريا أساساً، بأن الحديث هو عن نية لشن حرب حقيقية، فيشن هو هجوماً وقائياً.
قبل وقت غير بعيد، كان السيناريو الأكثر احتمالاً للحرب هو قصف إسرائيلي للمواقع النووية الإيرانية، ردّ عليه أعضاء «الجبهة الراديكالية». غير أنه في المدى القصير، هذا السيناريو أقل معقولية، في ضوء التقدير بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيستجيب للطلب الأميركي ويعطي زمناً وإمكاناً لـ«العقوبات الشالّة» لتحقيق هدفها. من جهة أخرى، إمكانات أخرى تخلق خطراً ملموساً وشديداً بالحرب.
أحد الإمكانات هو أن ينجح حزب الله في أن يخرج إلى حيّز التنفيذ ثأراً ناجعاً على تصفية عماد مغنية. محاولته تفجير السفارة الإسرائيلية في باكو في أذربيجان، المسّ بسياح إسرائيليين في سيناء، أو اختطاف رجال أعمال إسرائيليين في أفريقيا فشلت حتى الآن، لكنها لم تمس بدافعيته للثأر. ثأر شديد في شكل قتلى يهود أو إسرائيليين كثيرين، أو اغتيال لمسؤول إسرائيلي كبير، من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل إسرائيلي شديد للغاية تجاه المنظمة ولبنان.
إمكان آخر أكثر حظوة من الأول، يتعلق بالعلاقات بين سوريا وحزب الله. سوريا وإيران تساعدان اليوم منظمات الإرهاب الراديكالية من دون خجل تقريباً. سلاح يجري تطويره في إيران ويجتاز هناك تجارب بحضور ممثلي المنظمات. الإنتاج يجري في سوريا، ومن هناك ينقل السلاح بوسائل مختلفة إلى لبنان وإلى قطاع غزة. فضلاً عن ذلك، هناك تخوف خطير من أن تزود سوريا حزب الله «بسلاح خارق للتوازن»، يمثّل تهديداً حقيقياً لإسرائيل.
على خلفية التخوف من وصول السلاح إلى حزب الله، استدعي في الأول من آذار السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، إلى حديث استثنائي في وزارة الخارجية، قيل له فيه إن الولايات المتحدة تطلب من دمشق وقف تسليح حزب الله، وإن هذه الخطوات من شأنها أن تؤدي إلى اشتعال حرب في المنطقة. التخوف الأميركي هو من إغراء حزب الله باستخدام هذا السلاح ضد إسرائيل ضمن أمور أخرى في عملية ثأر على ما يرونه كعمليات الموساد ضدهم، أو أن تخشى إسرائيل من مثل هذا السلاح الذي هو «خارق للتوازن» في نظرها، فتنطلق إلى عملية وقائية.

River to Sea
 Uprooted Palestinian

No comments: