بالأمس رأينا أحد ضباع الربيع العربي قد تساقطت أسنانه بشكل يثير الأسى .. لاشك ان منظر الضواري التي فقدت أنيابها يثير الأسى أكثر مما يثير الطمأنينة .. نعم لقد تغير عزمي بشارة كثيرا .. ولم يعد ذلك المفكر الذي كانت لأفكاره أسنان الضباع .. والذي كان تحت شاربيه الكبيرين يخفي فم سمكة قرش نهمة للدم وتثيره رائحة الدم .. لم يعد الهجوم على عزمي بشارة يأتي بالأمجاد ولا يعتبر انتصارا لأن الرجل انتهى وصار حضارة سادت ثم بادت .. ولم يعد يثير الشهية للمنازلة .. بل ربما صار من المحرج أن تصوب رمحك نحو ضبع جريح ينزف وقد تكسرت أنيابه وهو يعض الرماح .. وتحس أن الضبع الذي كان يصول ويجول في ليلنا العربي ليقضم اعناق الدول والأنظمة ونسمع عظامها تتفكك وتطحن تحت أنيابه القوية صار يتصرف مثل كلاب الصيد الهزيلة حول الأيائل العظيمة .. مجرد نباح عال وخوف من الاقتراب من قرون الوعول الحادة .. وماعليك الا أن تنظر اليه نظرة زجر ليسكت ..وليطوي ذيله بين فخذيه ويلوذ بالصمت ..
لقد دفعت معركة القصير اسرائيل للزج بعزمي بشارة شخصيا في تلك المعركة الفاصلة .. ظهر المسكين مع أخيه الصغير علي الظفيري يقاسمه الهموم وهو غاضب .. ولم يعد عزمي ذلك الواعظ الهادئ الذي يلقي الدروس والعظات ويتحدث بطريقة فوقية استعلائية وهو يتكئ على جانبه .. يقول العبارة ثم ينظر في أثرها على علي الظفيري ورأسه يتأرحج ويتمايل كالضب .. بل كان مستنفرا يقاتل بشراسة ملفتة للنظر وخرج عن لياقات الحديث وضبط النفس في مرات كثيرة .. كان الضبع الجريح يلقي تعليماته على الائتلاف السوري بأن يرفضوا الاتفاق الروسي الأمريكي .. وهذا بالطبع ليس رأيا أميريا لزوج موزة لأن الأمير وأميرته وأمارته وأمراءه لاكلمة لهم بين الكبار والعماليق .. لكن تعليمات عزمي كانت وصية اسرائيلية صرفة ونقية للائتلاف تنقلها عبر قطر لأن اسرائيل متخوفة من تطبيق الاتفاق الذي يعني نهاية مغامرة الربيع العربي وبداية (ربيع الجولان) الذي تقرر توقيته وساعة صفره بين الأسد وحسن نصر الله .. وكانت كلمة السر التي بثها عزمي هي أن على الائتلاف المعارض أن يضع شرطا أساسيا قبل القبول بالمشاركة في جنيف 2 وهو أن يحدد المؤتمر الدولي جدولا زمنيا لرحيل الأسد وليس أقل من هذا الشرط .. والأهم أن تتم مصادرة أهم ثروة للشعب السوري وهي السيطرة على الجيش وقوى الأمن .. لأن اسرائيل وسفيرها عزمي بشارة وكل العربان عرفوا أن اللاعب الرئيس في الشرق الأوسط الحالي وفي الشرق القادم هو الجيش العربي السوري ولذلك لابد من تبديده وتشتيته عبر الاستيلاء عليه بأية طريقة..بل ان بقاء الأسد أو رحيله لايهم ان ترك لنا درة سورية وترسها المتمثل في جيشها الذي أذهل الجميع ..ولن أفوت الفرصة هنا في أن اقول لكم بأنني فعلا ضحكت حتى تفتقت خاصرتاي بعد أن هاجمتني نوبة ضحك وأنا أسمع هذا الهذيان والهلوسة الحالمة ..فكيف للائتلاف المهزوز والمهزوم أن يسيطر على جيش منتصر مثل الجيش السوري..يعني جيش مهزوم تقدم شروطك له بلاحساب .. أما الجيوش المنتصرة فلا يمكنك الا أن تطلب منها الرحمة بك ..
ليس لاسرائيل كلب صيد مخلص مثل عزمي بشارة وهو الذي صار من المتفق عليه (حتى بين أكثر الناس دفاعا عنه) أنه هو سفير اسرائيل في قطر ودول الربيع .. وهو النسخة العربية عن برنار هنري ليفي والصهيونية المسيحية .. بالطبع لاأريد توجيه اهانة لفظية لعزمي بتشبيهه بكلاب الصيد بل هي تقريب للقارئ وتبسيط له كي يفهم دور عزمي بشارة الحالي .. وربما سيكون عزمي نفسه مدركا لدقة المعنى وهو المهتم بالتوصيف الدقيق للأشياء والأزمنة بدليل قصته مع 45 دقيقة لاتزيد ولاتنقص ..
كان عزمي هذه المرة يحاول ضبط اعصابه وانفعالاته وخيبة أمله الكبيرة ولكنه كان يعاني من عملية السيطرة والتحكم بغضبه لأن سورية صارت معركته الشخصية ومعركة عمره .. فهو من يعتقد أنه ساهم بفاعلية في تشكيل القوس الاسلامي المشبوه في شمال افريقيا واشاعة قوى الفوضى الظلامية .. فان انهيار خطوطه الدفاعية على الجبهة السورية أحرجه كثيرا .. وصارت عداوته مع الرئيس بشار الأسد شخصية الى حد مثير للضحك .. فهو صار يعتقد أنه ند للرئيس الأسد الكبير وصاحب العلاقات والمعادلات الدولية المعقدة ويريد هزيمته .. فعزمي صار يريد سقوط الأسد بأي ثمن حتى ولو وقعت حرب عالمية .. وصار يلقي الاتهامات العشوائية وصفات القتل وتهم المجازر بالآلاف على عواهنها مثلما يلقي الجيش الحر وتنسيقياته التهم مجانا كما لو كانت قذائف هاون عشوائية على جرمانا أو جامعة دمشق .. وكنت أتمنى من علي الظفيري أن يسأل عزمي بالحاح اكثر عن مهلة عام 2012 التي منحها كحد أقصى لبقاء النظام ..
ومما جعلني اضع رجلا على رجل وأتكئ الى الخلف ثم ارشف رشفة كبيرة من القهوة وأنا أتابع رحلة الصيد الفاشلة لعزمي بشارة هي أن عزمي حاول تنقية الثورة ببعض الكلمات التي أدانت الثوار وحقرتهم واستخفت بعقولهم في طريقة ادارتهم لمشروعهم الكاريكاتيري بطريقة متخلفة مزرية في المناطق التي دخلوها .. كما عاب عزمي على الثوار استعانتهم بجبهة النصرة والقاعدة وهم (على حد زعمه) الأحرار الساعون لبناء مجتمع مدني .. وهذا يدل على أن هناك سخطا شديدا على سلوك الثورجيين وعقولهم صار منتشرا بشدة .. مما اضطر عزمي (أبو الثوار والأحرار) الى تأنيبهم بقسوة وبشدة لأنهم حيثما حلوا حلت اللعنة على المكان الذي يحلون فيه وتدنى المستوى الانساني للمكان والمجتمع وزادت نسبة البهيمية .. وهو تأنيب وتعنيف الأستاذ لتلميذ فاشل لاأمل منه ولافائدة .. لكن الأستاذ الظريف كان يعلق على جلد أحد الأشخاص في الطريق في سراقب على مايبدو ونسي تماما الاشارة حفلة أكل لحوم البشر .. التي قدمها أبو صقار .. والتي حولت الدنيا الى احتقار هذه الثورة البهيمية .. وقد تكون هذه الصورة بمثابة صورة الطفلة الفيتنامية العارية والهاربة من جحيم القصف .. صورة يقال انها أذلت الجيش الأمريكي وجعلت المحررين الأمريكان بنظر شعبهم مجموعة من القتلة .. وصورة ابو صقار وثورته جعلت العالم كله يرتعش من هول المنظر ودناءته ..
أما ذروة العقل الجاسوسي الذي يدل على أن عزمي هو كلب صيد اسرائيلي فهو مديحه للثوار السوريين واغداقه في الثناء على صمودهم الذي (كما قال) أذهل العالم لأنه ليس النظام هو الذي صمد بل الشعب الثائر وتناسى كلب الصيد أنه كان يبشر بسقوط النظام في أسابيع ..لكنه صمد الى الآن ثلاثين شهرا ..
وصمود الشعب الثائر بحسب عزمي يستحق الاعجاب والفخر رغم آلة الموت الجهنمية التي ترتكب الفظاعات .. ولم يقل لنا عزمي طبعا لماذا تقاتل جبهة النصرة والقاعدة مع هذا الشعب ولماذا يستنكر ذلك ولماذا يستورد هذا الشعب مقاتلين أغيارا ويطلب الناتو وينفق عليه الأمراء..صمود صناعي وسيقان صناعية للثورة وعكازات وكراسي متحركة وانابيب انعاش من كل حدب وصوب ..
لكن الاهانة العظمى التي قالها كلب الصيد في رحلة صيده الفاشلة هي اعتباره الثورة السورية أعظم مقاومة في المنطقة على الاطلاق .. وهذا يعني بالطبع أنها أعظم وأرقى من المقاومة الفلسطينية ومن المقاومة اللبنانية .. وبحسابات كلاب الصيد فان من يقاتل الجيش السوري هو أهم وأعظم وأقدس ممن يقاتل الجيش الاسرائيلي ..
هذا هو بطليموس الربيع العربي .. وجالينوس الثوار .. وارسطاليسهم .. وسقراطهم .. الفلسطيني العربي الذي هرب من اسرائيل خوفا على حياته ليتابع نضاله لتحرير فلسطين من الدوحة وقاعدة العيديد الى القصير في حمص ..وليعتبر القتال ضد الجيش السوري أهم من القتال ضد الجيش الاسرائيلي .. والثوار الذين يقولون شالوم هم أهم من ثوار فلسطين وحزب الله .. أهو من قبيل الصدف أن تظهر عربة مدرعة اسرائيلية في القصير ثم يظهر بطليموس الربيع العربي وجاسوس الجواسيس في نفس التوقيت ..؟؟
على كل حال .. ان كان هناك من سيمر بالدوحة قريبا وسيرى في طريقه كلب الصيد وجاسوس الجواسيس أن يقول له هذه الحقائق التي ستجعله يئن ويتوجع كثيرا وهو يعرفها لكن تذكيره بها سيطلق عواءه الموجوع طويلا وستشبه طعنات قرون الوعول والأيائل الحادة في بطنه وعينيه:
يابطليموس الثوار ياعزمي وياجاسوس الجواسيس .. ياكلب الصيد الجميل لقد راحت عليكم .. يقولون انه قد تشكل في دمشق حلف "وارسو" الجديد .. حلف مرن جدا وديناميكي جدا وفي منتهى الدهاء والقوة .. لقد اختفى حلف وارسو القديم وربما ظهر حلف وارسو الجديد من قلب دمشق .. الحلف الجديد اسمه (حلف دمشق) .. وعواصمه يابطليموس هي موسكو .. طهران .. بكين .. بغداد .. دمشق .. وبنت جبيل .. قد لاتراه بعينك المجردة كما كنت ترى وارسو لكن قلبك يدق بقوة اذ يراه ينهض ويصل الى مشارف الربيع ويقص له لحيته التي تغطي تل الربيع وتحميه ... فماذا أنت فاعل يابطليموس؟؟؟ !!
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment