نارام سرجون:جمال الخاشقجي و”الحئيئة” من داخل قلبي .. مع نبوءة بدوي الجبل الرهيبة
نارام سرجون
لاأريد التعليق على حادث اختفاء جمال الخاشقجي .. ولكن لفت نظري ان الرجل ينظر اليه على انه ضحية الكلمة الحرة وانه مناضل سعودي يمثل تيار الحرية .. ولاحظت ان القضية يتم استعمالها بطريقة مسرحية .. فعند معارضي السعودية صار الرجل مثل رفيء الحريري ..
وعلى وزن (بدنا الحئيئة) صار هناك من يردد (نابي الحكيكة) .. ووصلت الحملة الدعائية ان اردوغان صار يعلق قميص جمال الخاشقجي في استانبول كما علق قميص عثمان مكة .. رغم ان اردوغان هو آخر من يهتم لاختفاء المعارضين والسياسيين ونهمه حرية الكلمة وهو الذي زج برئيس حزب كامل مع طاقمه الحزبي كله في السجون .. ومحاهم بالممحاة .. من الوجود .. وكأنهم حضارة سادت ثم بادت ..
وصارت قضية الخاشقجي تتفاعل والاشاعات تتردد وتروي كيف تم قتله واعدامه وتقطيعه وتوزيع أعضائه .. وبدأت حملات التعاطف والضغط باسم الخاشقجي من الدوائر الغربية السياسية .. وصدرت عشرات التحليلات والتخمينات .. حتى صار الامر مشكوكا في نواياه .. فهل هذه خدعة وحركة سياسية .. لتلميع الرجل وتحويله الى بطل وقضية ..؟؟ ففي الاعلام اذا ماتم التركيز المبالغ فيه على شخصية خلافية فلغاية سياسية .. كما حدث مع رفيء الحريري الذي تحول الى اله قتله السوريون المتخصصون في قتل الآلهة فقط ..
وتذكرت على الفور حركة اغتيال خالد مشعل في عمان حيث ان الموساد اختار عمان تحديدا لتنفيذ الاغتيال .. واختار طريقة حقن السم في الاذن .. رغم ان عمان مليئة بالموساد والمخابرات البريطانية والاميريكية ولاتحتاج اسرائيل لاغتيال صاخب ومسرحي في الشارع .. ورغم انها نفذت كل عمليات الاغتيال منذ عام 48 وحتى اليوم بالرصاص والمتفجرات وفرق الاغتيال والكوماندوس .. ففي بيروت ارسلت فريق اغتيال قام بتصفية ثلاثة قادة دفعة واحدة بالرصاص في عملية فردان الشهيرة التي أودت بحياة كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار.. وفي اغتيال ابو جهاد في تونس ارسلت فريق اغتيال ثقب جسد ابو جهاد بعشرين رصاصة ..
الا خالد مشعل .. قطر في اذنه سما ناعما .. والغريب ان السم الذي اختير للعملية له ترياق لمعاكسته وكأن الموساد كان يريد ان يبقى “المغدور” حيا الى ان يتصل الملك حسين ويطلب الترياق .. فيضطر ساسة اسرائيل لتقديم الترياق وفوقه حبة مسك وهي اطلاق سراح احمد ياسين .. ولكن اسرائيل أطلقت احمد ياسين وهي تعلم ان تأثيره محدود أمام صناعة بطل جديد للفلسطينيين هو خالد مشعل ..
والله وحده يدري لماذا خالد مشعل لم يتم نسفه وعاش .. والله وحده يعرف ماذا كان دوره في تخريب علاقة حماس بدمشق وطهران .. وتخريب علاقة شعب مصر بفلسطين .. ودوره في تخريب علاقات الفلسطينيين بين بعضهم بتدشين الصراع مع منظمة فتح حيث بدأ الشقاق بين الفلسطينيين يتبلور في زمن خالد مشعل .. وخرّب هذا المشعل ثقة كل الشعوب المحيطة بفلسطين بمقاومة فلسطين ..
ولايمكن اغفال دوره في تقريب حماس من تركيا وقطر – وهما بلدان مخترقان ناتويا واسرائيليا – رغم ان التي ربتها ورعتها وحمتها هي دمشق وطهران .. فتحولت حماس في زمنه الى تنظيم منبوذ شعبيا في دول الجوار قبل ان يكون منبوذا من النخب الحاكمة ..
وبالعودة للخاشقجي .. فأنا لااعرف مصيره .. واتمنى ألا يصيبه مكروه لايماني ان الاخلاق في السياسة أهم من السياسة وطالما انني أرفض سياسة الاغتيالات في بلدي فانني سأرفضها بحق اي كان اختلف معه .. ومع هذا فانني لاأقدر على ان أرغم قلبي على ان يعصر عينيه ويبلل المناديل ويخفق الما على الخاشقجي .. ولم أحس انني أرغب في ان أمارس ضغطا على اعصابي وأجبرها على ان تتوتر من أجله أو ان تقلق حتى من عيار قلق بان كيمون الذي امضى ولايته يقلق علينا في الصباح والمساء .. وفتشت زوايا روحي فلم أجد رطلا من الاسى والتعاطف أحوله لحنا جنائزيا يقف على اسم فقيد الضمير السعودي .. خاشقجي .. وبحثت في كل قلبي عن قطرة حزن فلم أجد .. قلبي كان مثل بيت مونة للفقراء السوريين في شتاءات الحرب السبعة بلا حنطة ولا طحين .. قلبي كان خاويا من حبة ألم أطحنها وأعجنها واصنع منها خبزا وهمّا .. ليس فيه الا الغبار .. ومخزون قلبي من الانشغال كان مثل مدافئ السوريين الفارغة من الوقود لسبع سنوات في هذه الحرب .. بل ان قلبي كان مثل خزانة أمير ثري فقد كل ثروته وأصوله المالية واقطاعاته .. لأن كل ثروتي من أحزاني الهائلة أنفقتها على بلدي .. وأبناء بلدي .. وأحبابي الذين فقدتهم .. أنفقت أحزاني على صور جيراني الذين ذهبوا وراحوا ولم أعرف أين صاروا بسبب هذه الحرب .. وذهبت ثروتي من الدموع والبكاء وخزين الألم على حيطان البيوت التي وقعت وثقبت وتشققت وهوت ..
ولاأدري سبب فقري الشديد بالأحزان رغم انني عصرت عيوني بيدي كي اشارك الحزانى على الخاشقجي بطل الحرية السعودية .. ولم أعرف لماذا ليس في أملاكي اليوم أي مقدار من حزن أو أوقية من أسف أو بضع غرامات من الشهقات أشارك فيه الشاهقين والباكين والغاضبين ..
وفيما أنا أقلب صفحات الذاكرة وملفاتها وقعت عيني على صورة كاني اعرف صاحبها .. وعندما دققت في ملامحها عرفت لماذا رغم أني أرفض سوء المصير لشخص مثل الخاشقجي فانني لاأحس بالتعاطف معه على الاطلاق .. وقلبي خزانة أحزان خاوية .. وارض مهجورة تربتها محروثة بالملح لاينبت فيها الهمّ على جمال الخاشقجي .. ولايهمني كل مايقال عنه وكل الحملات التي تحاول تبييض صفحته ..
لأن صورته في افغانستان يحمل السلاح ويقاتل مع المجاهدين قالت لي انه فقس مع بيوض القاعدة السعودية المنشأ والاميريكية البرمجة والتربية .. وهذا وحده كفيل بأن أحس ان بيني وبينه ألف جدار وعشرات آلاف الجثث من ابناء الشرق الذين قتلتهم القاعدة وسلالاتها الوهابية السعودية .. وهؤلاء لايرأفون لنا ولايحبوننا ولايريدون بنا الا الشر والموت .. وقد قتلوا ابناءنا بالسكاكين حتى تثلمت حوافها من كثرة مانحرت من أعناقنا .. بل ان هذا الخاشقجي كان يرى ان ذبح الجنود السوريين تكتيك لارهاب الجنود السوريين وهو عنف مفهوم القصد برأيه واللبيب من الاشارة يفهم .. اي ترجمة قرآنية لعبارة (ترهبون به عدوكم) ..
الخاشقجي اذا لم يكن اخفاؤه لغاية مسرحية فان موته يمكن ان يلعب دور حريري السعودية .. اللعبة الحريرية التي أجادتها السعودية في لبنان جاء من يلعبها معها من تركيا .. فالبعض قال ان اردوغان قد عمل بنصيحة حقان فيدان في استعمال مثل هذه العمليات لاحراج السعودية وابتزازها نفسيا والضغط عليها في قضايا خليجية .. وأن عملية خاشقجي فخ صنعته المخابرات التركية للسعودية ثم نشرت الفضيحة .. واردوغان شخص نذل يمكن ان يلعب كل انواع السياسات القذرة .. فهو يعلم ان من يقتل الناس في سورية هم مسلحوه ولكنه يبكي على الناس ويتهم الاسد بأنه يقتل شعبه .. فلماذا لايلعب نفس اللعبة مع السعودية ..
وعلى كل حال .. لايهمني من سيلعب بدم الرجل ولا بجسده ولا يهمني من سيستثمر في مصيره .. لأن هناك الكثيرين ممن سيحملون نعشه – اذا كان قد مات – او قضيته ويعصرون جثته أو يقطرون دمه ليصنعوا منه شرابا للسهرات الدموية ووقودا للصراعات مع السعودية .. كما حدث مع الحريري فكل من شنع على سورية وحمل نعشه وصرخ وولول كان من كارهيه ومنتقديه ولكنه وجد دم الحريري يباع كالذهب .. فغرف منه وباع حصته في السوق وانضم الى جوقة (بدنا الحئيئة) الشهيرة .. رغم ان الجميع يعرف الحقيقة والحئيئة والحكيكة من ان سورية بريئة من دمه ..
واذا كان قد تم التخلص من الخاشقجي فليس بسبب مستوى الحرية والانسانية العالي الذي تمتع به بل بسبب مستوى الوحشية والارهاب الذي ارتفع بين مجاهدي زمان ومنظري الذبح في سورية السعوديين والاتراك .. فالعائلة السعودية تنهش بعضها .. ولذلك فان المجاهدين ينهشون بعضهم بلا رحمة واشداقهم تقطر دما وشواربهم ولحاهم مخضلة بالدم القاني كما وجه ضبع بلله الدم وهو يأكل أحشاء وقلب ظبي وهو حي يخفق .. وربما أتذكر قول بدوي الجبل عندما غضب من البعثيين المتصارعين فقال في أقسى واعنف نقد وهجاء لرفاقه:
وغدا يذبح الرفيق رفيق .. ويعض الكلب كلب عقور .. ويبدو ان هذه النبوءة القاسية تنطبق على كل من من يلعب لعبة السياسة ويمزجها بشهوة السلطة في الشرق الأوسط .. ولذلك يبدو أن “رفاق الدرب” الوهابيين القاعديين انطبقت عليهم نبوءة بدوي الجبل حيث صارت الاسرة السعودية وافرعها تشتبك علنا وتتراشق بالذبائح:
وغدا يذبح القعود قعود* .. ويعض الكلب كلب عقور
—————————————–
* القعود هو ابن الجمل .. وفيه من مشتقات لفظ القاعدة .. وثقافة الصحراء .. وجمال كان قعودا في قطيع الابل الذي قاد السعودية حتى الآن ..
============================
ملاحظة: الشخص في الصورة المرفقة هي للخاشقجي عندما كان مجاهدا في أفغانستان في شبابه .. يعني مثل ابو محمد الجولاني في زمنه وأبو قتادة .. وابو بلاطة .. وابو مطاطة .. ومثل زهران علوش وحجي مارع .. اي لو انتصر هؤلاء القتلة علينا لكان واحدهم في موقع الخاشقجي في الدولة السورية .. كاتب ومفكر ومستشار وصحفي “حر” !!!!
- The Spring’s Sons crushed.. their mother trying to save them .. who would help Mother SPRING?
- الفجور في الفجر وصواريخ الفجر .. تل الربيع وأبناؤها نارام سرجون
- هل سيموت تيار المستقبل وصارت ايامه معدودة؟؟ وهل يريد “الحئيئة” ام الحقيبة؟؟
No comments:
Post a Comment