Sunday, 23 August 2020

هل يفعل السيّد حسن نصر الله ما عجز عنه عبد الناصر؟

حزب الله أدرك أنّ التفكك العربي الكبير الذي أرادته أميركا يجب أن يُرد عليه بالعودة إلى فكرة

صادق النابلسي 

المصدر: الميادين نت

بعد تحرير الجنوب اللبناني، وانتصار تموز/يوليو 2006، ودخول حزب الله إلى سوريا في العام 2013، وجد الحزب نفسه أمام سؤال حان وقته.

في السادس عشر من شباط/فبراير 1985، تلا الرئيس الحالي للمجلس السياسي لحزب الله، السيد إبراهيم أمين السيد، الرسالة المفتوحة التي وجهها حزب الله إلى المستضعفين في لبنان والعالم. بدا ما قاله آنذاك بياناً حماسياً، غريباً، بل ممعناً في غرابته، من مجموعة جديدة وافدة إلى مسرح الأحداث في لبنان، يحار مراقبوها في نسبتها إلى المجال الذي تنتمي إليه، والأهداف الكبيرة التي تطمح إلى تحقيقها.

التطلّعات العابرة للحدود التي تضمَّنتها الرسالة أقل ما كان يمكن أن يردّ عليها بعضهم في حينها، بأن يستخدم عبارة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين حين حذّروه من قوة الفاتيكان، فتساءل ساخراً: “كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟”، أو بحسب نصّ آخر: “كم فرقة عسكرية يملكها البابا في الفاتيكان؟”.

مجموعة صغيرة حديثة العهد بالسياسة والقتال تدّعي لنفسها قوة خارقة، فتقول: “أما قدرتنا العسكرية، فلا يتخيّلَنَّ أحد حجمها، إذ ليس لدينا جهاز عسكري منفصل عن بقية أطراف جسمنا، بل إنّ كلاً منّا جندي مقاتل حين يدعو داعي الجهاد إنّنا متوجهون لمحاربة المنكر من جذوره، وأوّل جذور المنكر أميركا”.

أتصوّر مثلاً أن يقارن أحدهم بعد أن قرأ الرسالة بين الأحزاب القومية واليسارية التي كانت تحمل أحلام جماهيرها بالوحدة والتضامن والتكامل وتلاحم الجبهات، لدحر مشاريع الهيمنة الاستعمارية والانقضاض على “إسرائيل” وتدميرها واستعادة فلسطين من مغتصبيها، ولكنها مُنيت بعد مدة من انطلاقتها بفشل في أهدافها، وإحباطات في مشاعرها، ونكسات في نتائج أعمالها، وبين جماعة لا أرضية سياسية وعسكرية لها، تريد أن تختبر من جديد بـ”سوريالية ثورية” حجم الألم والأحلام الموجعة التي يُخلّفها طريق المحاولة والخطأ! لا بأس، يقول هذا البعض، فلتجرّب حظها من الخيبة والمرارة، ففي الإنسان دوماً شيء ما يقوده نحو حتفه وتلاشيه!

لكن لم تمرّ إلا سنوات قليلة حتى بدأ المراقبون يستكشفون شيئاً جديداً تماماً. رواية مختلفة تقول إنّه ليس بالضرورة أن يعيد التاريخ نفسه بطريقة حلزونية، فما رُصد بعد سنوات قلائل من تحولات وإنجازات وانتصارات، اتضح أنّها لم تكن استجابات عاطفية غاضبة متسرّعة على هوان قديم وعجز مقيم، بسبب ما حلّ من خراب داخل العالمين العربيّ والإسلاميّ، بل هي مبنيّة على رؤية علمية، وخطوات عملية، وعوامل تاريخية ودينية وجيوسياسية، ودوافع كافية لضمان اجتياز الصراع بنجاح. 

القضية لم تكن تتطلّب البتة عند “المؤسسيين الأوائل” تستراً على طرح ربما يؤدي إلى استنتاجات وتفسيرات خاطئة ومشوّهة، أو تستدعي مقاومة الفكرة المغرية القائلة إننا” أمة ترتبط مع المسلمين في أنحاء العالم كافة برباط عقائدي وسياسي متين هو الإسلام”، وبضرورة الدعوة” إلى إقامة جبهة عالمية للمستضعفين، لمواجهة مؤامرات قوى الاستكبار في العالم”، أو “أننا نطمح أن يكون لبنان جزءاً لا يتجزأ من الخارطة السياسية المعادية لأميركا والاستكبار العالمي وللصهيونية العالمية”، لجهة إفراطها وخروجها عن قوانين الاجتماع والسياسة اللبنانية.

لم يكن ذلك كله مدعاة للتحفظ، بل على العكس، جاء التأكيد في الرسالة على أهميته وقيمته الحقيقية، ولو كان العقل السياسي يضيق به، أو كان يطمح إلى ما يفوق إمكانيات الحزب آنذاك، لأنّ المبدأ العقائدي الذي كان يدفع في هذا السبيل، ويُملي هذه الاعتبارات، ويُذكي هذا الشعور، ويستجلب هذه الإرادة، كان أقوى من التصورات السيادية والدستورية السائدة، وأكبر من الوقائع والمعايير التي تحكم سلوك الدول وتوازناتها.

كل المؤمنين بالنهج الأصيل والعاملين في مداره كانوا مشغولين بالتأكيد أنّ أمةً جديدةً يجب أن تُولد من رحم التناقضات والصراعات المفتوحة على أكثر من ميدان. لم يشعروا بأنهم في مأزق أو تيه صحراوي لا يدري أحد منهم إلى ماذا يُفضي، بل كانوا على يقين من سلامة الطريق وتحقيق الأهداف.

 وإذا كانت بعض الحركات العابرة للحدود الدينية والجغرافية والعرقية في المنطقة العربية قد وصلت إلى طريق مسدود في نضالاتها، ولم تستطع تجاوز هزيمتها، بسبب طبيعة التكوين الفكري والسلوك السياسي الذي حوّلها إلى كتل جامدة معطلة، فإنّ التنظيم الجديد قد صمّم فكرته تصميماً ذهنياً صارماً، وحددّ لانطلاقته بداية واعية واعدة، وخلق تشكيلاً منفتحاً على الجهاد المحلي الحديث والإرث التاريخي القديم، بنحو يعيد هيكلة البنية الرمزية والإيديولوجية باستحضار ماضي الثائرين وإعادة دمجه بالحاضر، ثم إنّ هناك إدراكاً للثمن الفادح الذي يجب دفعه، لا أنّ القضية مجرد تكهن أو رغبة “صوتية” لا تنفع في الحقيقة أكثر من استدراج أقدام “المتكهّنين” إلى هاوية الوهم. 

كما أنّ التنبؤ بالنصر استشراف علميّ محفوف بالمخاطر، لا ينفصل لحظة واحدة عن الارتباط بالواقع الحي الذي يفرز الإنجازات والإخفاقات على السواء. ولأنّ صورة العدو أكثر تعقيداً من كونه مجرد مجنون يتغذى على القتل، فإنّ النصر ليس خبراً يُذاع، وإنما هو نضال محموم، ومقاومة ضارية واستراتيجية طويلة تتطلَّب قدرة عالية على تحمل الألم والصعاب، وإرادة فولاذية لمواصلة العمل، واعتماداً على الذات في النطاق الجغرافي المحلي، واستبعاداً كلياً لدور المنظمات الدولية التي تقف في معظم الأحيان إلى جانب الظالمين والغزاة، بدلاً من مساعدتها المستضعفين؛ أصحاب الحقوق المشروعة.

وكما يقول الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي: “إنّ القضية ملكنا… هي عارنا أو فخرنا”، فالانهزام أو الانتصار تعبير واقعي متعلق بطبيعة المعركة وظروفها، ولكن المهم في الأمر أن لا ينضوي المقاومون تحت أيّ مظلة غير موثوقة، ولا ينساقوا وراء منهج غير إسلامي. أما الاعتماد على الذات، فلا يعني التردد عن قبول مساعدة قوى الأمة المختلفة، بل المطلوب أن تتحرك كل الطاقات في التعامل مع الأزمات والتحديات في إطار الوحدة أو “الجسد الذي إذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.

لذلك، يؤكد المقطع التالي العلائقية والوشائجية المطلوبة بين الأطراف وقلب الأمة: “إننا أبناء أمة حزب الله في لبنان… إننا نعتبر أنفسنا جزءاً من أمة الإسلام في العالم، والتي تواجه أعتى هجمة استكبارية من الغرب والشرق على السواء”.

هذا التعاضد بين فئة في لبنان وفئة أو فئات في بلدان أخرى أشبه بصيغة قانونية لازمة بين طرفين أو أكثر، تقتضي كل أشكال التعاون المتاحة، ما يجعل النسق الديني المتشكل عن هذا التوليف “المقدس” يلبي الوظيفة الإيديولوجية والسياسية للحزب الذي يسعى إلى هدم أركان الأعداء في البقعة التي يتحرك فيها. 

إنّ هذا الاتصال المقصود بالأمة يهدف الحزب الجديد من ورائه إلى التمايز عن مغالطات نخب حزبية وعلمائية على امتداد المنطقة، كانت تنشر الاستسلام والقدرية، وعوّضت المقاومة بالتواكل والغيب، فكان ضرورياً تطهير الإسلام مما علق به من تشويهات، واستدعاؤه مجدداً ليكون المرجع النظري والحركي الذي يُلهم المسلمين اللبنانيين طريقة النهوض، وبناء العلاقات، ومواجهة التحديات بكل تشعباتها.

ولكنَّ مشكلة هذا الاتصال، في رأي البعض، أنّه يهزّ التكوين الوطني للحزب، ويشكّك في درجة التزامه بالقضايا اللبنانية التي يُفترض أن يُدافع عنها تحت سقف سيادة الدولة، لكنّه من خلال تفضيله إطار الأمة على إطار الوطن، وتوهينه البعد الداخلي في مقابل تعظيمه البعد الخارجي، يبلغ الرجحان مستوى يجعل الحزب يفقد خصائصه ومشروعيته المحلية، بيد أنّ حزب الله بانخراطه في محاربة الاحتلال الإسرائيلي ومشاريع الهيمنة الغربية على لبنان، يعيد إنتاج الأجوبة الحاسمة حول مَن صنع الهزائم، ومَن صنع العار، ومَن جلب التخلف والهوان لهذا الوطن.

هنا يأتي النص الديني الإسلامي، لا كدليل نظري فحسب، وإنما كسياق واقعي اجتماعي، وكممارسة سياسية وجهادية ملموسة، فحضور الدين علامة على الوعي الجماعي، باعتباره وسيلة لتغيير مقاصد الناس وتوجهاتهم، وأيضاً باعتباره هدفاً لتعديل مبادئ الحكم وموازين القوى، فالنص الديني بقدر ما يسمح بالكشف عن هوية فرد أو مجتمع، فإنه يؤسّس لنهج مختلف وأوضاع جديدة.

وحين يعلن الحزب عن الإسلام كمرجعية للحياة، فإنّه يموقع ذاته داخل النسق العام للأمة في عمقه وامتداداته، فلا يعترف بأي حدود ومسافات جغرافية تعترض طريق الأخوة الدينية! الإسلام هنا لا يحضر كطقوس يكتنفها مبدأ حرية ممارسة المعتقد الإيماني فحسب، بل كإطار شمولي أممي لا تنفلت منه قضية من قضايا الإنسان، في وقت يأتي تحرك الحزب في المجال السياسي أو العسكري ليخلق تميّزه وفرادته، في مقابل السكونيين من النخب والحركات الدينية التي تبحث عن الهروب خارجاً، وبعيداً من الواقع، لئلا تصطدم بقسوته ومتطلبات الحضور الحي فيه.

لذلك، لم يكن ممكناً للحزب أن يتطور خارج عملية الصراع مع أعداء الأمة، فالحزب الذي تنظم الشريعة الإسلامية كل وجوده ومساراته في هذه الحياة، يشعر بأن هيمنة القوى الاستعمارية وتدخّلها في شؤون المسلمين يشكل انتهاكاً صارخاً لا يمكن القبول به.

هذه النقطة بالذات ستمنح الحزب إمكانية كبيرة لقيادة الجمهور وتحريكه نحو مديات الأمة الواسعة ومداراتها الرحبة. على هذا الأساس، تستوي فكرة الجهاد كمصدر للشرعية، وتحضر المقاومة بوصفها سياقاً تحررياً على المستوى الوطني، وعلى مستوى الأمة أيضاً.

ولهذا تأتي العبارة التالية: “إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسّست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم… لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً، ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً”، لتؤكد الارتباط المطلوب والحركة الحارة المتوقعة، انطلاقاً من مستويين ديني وسياسي؛ الأول استجابة لأمل (وعد إلهي) بالاستخلاف والتمكين، والآخر استجابة لموقف عملي يقتضي تحمل التكاليف والمسؤوليات والسعي لبناء التجربة الجديدة.

صحيح أنّ دوافع النشوة والفوران بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران مسؤولة عن تحرّك الأحاسيس الدينية بطريقة عفوية وتلقائية، لكن لم يكن ذلك خارج رؤية استراتيجية وعقلانية في بناء السياسات والبرامج. هنا تأتي النظرية، أي الأفكار التي تشكل أساس الإيديولوجيا التي على الحزب أن يعمل بها في ما يتعلَّق بأمور الحرب والسلم، لتستقر ضمن قالب “نظرية ولاية الفقيه”، التي أبرزها الإمام الخميني كإرث مخزني قديم، ولتكون البوصلة التي احتاجها حزب الله لترسم له التوجهات والقواعد العامة، ولتخلق لجمهوره الاهتمام المطلوب بقضايا الإسلام والصراع في المنطقة والعالم.

لكن ظهور هذه النظرية كتعبير موضوعي عن المقومات التي لا بدَّ من توفرها لتهيئ للحزب مكاناً بين الحركات الثورية، وتمنحه هويته الخاصة، كان مشروطاً بالظرف التاريخي، وهو ظرف الثورة الإسلامية، وانتشار شراراتها في أرجاء المنطقة، وتفاعل حركات المقاومة والتحرر المناهضة للمشاريع الأميركية والإسرائيلية مع تطلعاتها، وتحفّز مثقفين وعلماء دين وكتاب ونشطاء سياسيين على طرح ما لم يكونوا في السابق يجسرون على الاقتراب منه، وكذلك التحولات المحلية في لبنان العالق بين الهيمنة اليمينية الطائفية والاحتلال الإسرائيلي لقسم من الجنوب اللبناني، ووجود الفدائيين الفلسطينيين الذين أغنوا الأرض بالبندقيات والشعارات الثورية الحماسية.

ضمن إطار هذه المجموعة من الأحداث بذاك السياق الطولي، بنى حزب الله مفاهيمه التأسيسية حول الجهاد المحلي والأممي، والتي لم تنحصر بالمناسبة في الوعي المكتسب من طرف نظرية ولاية الفقيه والثورة الإيرانية، بل في عمقها الممتد إلى باطن البنية الاجتماعية اللبنانية، بعناصرها التاريخية المُستلهمة من الاحتكاك بتجارب نضالات ثورية في مناطق مختلفة من العالم، ولكن عبقريته التي طورها لاحقاً أمينه العام الحالي السيد حسن نصر الله، تكمن في أنّه استطاع أن يحمل بقوة فكرة جاء أوانها، وأن يصعد بتيار استيقن أنّ حركته نحو الآماد الواسعة بدأت. 

بعد تحرير الجنوب اللبناني، وانتصار تموز/يوليو 2006، ودخول حزب الله إلى سوريا في العام 2013، وجد الحزب نفسه أمام سؤال حان وقته: كيف يمكن تشبيك الجبهات لتحقيق الهدف المقدس، وهو إزالة “إسرائيل” من الوجود؟

لقد فشل تيار القومية العربية في توظيف الإمكانيات البشرية والمادية واستثمارها وإدارتها لإنزال هزيمة بالعدو، وفشلت الأحزاب اليسارية العربية في بناء مناخ عام يتيح اتخاذ قرارات تتطلَّبها ظروف الصراع، فلم تستطع تلك القوى التي لها ارتباطات واسعة خارج المنطقة العربية تشكيل بيئة دولية للصراع، وتوجيه الحركة السياسية أو العسكرية العربية في إطار خطة عامة جدّية تستهدف إنهاك الكيان الإسرائيلي وإرباكه.

المراوغات والاستعراضات، وأنصاف الضربات، وتصادم الأولويات، وتضارب التصورات، لم تؤدِ إلا إلى تحويل الصراع من صراع عربي – إسرائيلي إلى صراع عربي – عربي. تحوّلت الحرب مع “إسرائيل” إلى شبه حرب، والتسوية معها إلى استراتيجية انجرّت إليها الأنظمة على نحو متتالٍ. 

حزب الله، في المقابل، أدرك أنّ “التفكك العربي الكبير” الذي أرادته أميركا عبر “الربيع العربي” يجب أن يُرد عليه بالعودة إلى فكرة “أمة حزب الله” العابرة لدول سايكس – بيكو المقطعة لأوصال الوحدة السياسية والدينية. قد يكون ذلك شيئاً مثيراً في لحظة مختلطة بالتحولات ودماء الشهداء ونداء القدس الغلّاب الذي ينفذ كالأذان إلى أعماق الحالمين بالنصر الأكبر.

 أفراد الحزب الذين قطعوا خطوة في هذا الطريق مع الدخول إلى سوريا، وتهشّم الحدود بين أكثر من دولة من دول المنطقة، أضفوا على الموقعية الجديدة لحزبهم مسحة دينية ومسحة تاريخية. مقطع من الرسالة يقول: “إننا نعلن بصراحة ووضوح أننا أمة لا تخاف إلا الله، ولا ترتضي الظلم والعدوان والمهانة، وأنّ أميركا وحلفاءها من دول حلف شمال الأطلسي والكيان الصهيوني… مارسوا ويمارسون العدوان علينا، ويعملون على إذلالنا باستمرار. لذا، فإننا في حالة تأهب مستمر ومتصاعد”.

المطلوب، إذاً، بناء وحشد قوى الأمة التي بدأت طلائعها تتبلور في اليمن “أنصار الله”، والعراق” الحشد الشعبي”، وفلسطين “فصائل المقاومة المختلفة”، لتغلب على هذه العطالة التاريخية. أمة حزب الله تحتاج إذاً إلى القدرات الكبرى والمشاعر العظيمة، وإلى موقف جماهيري يستهدف التقدم بالوعي والإلهام، وذلك بالخروج من الالتزام الجغرافي المزعج، لجهة عبئه الداخلي المعاكس لحركة الساعة السريعة المستمرة! 

اليوم، ليس لهذه القوى سبب يؤطرها ويحدّها في بقعة جغرافية واحدة وفي مهام محلية محددة. الأحداث الكبرى في المنطقة حوّلت الدول إلى حدود وسكان ومتوسط دخل وميزان مدفوعات، والأنظمة إلى بروتوكولات واحتفالات وميديا، فيما حزب الله يدرك ضرورة أن تتحول هذه القوى المقاومة إلى فكرة وتيار وحركة تاريخية، وينبغي أن لا يدعها أحد مكتوفة اليدين في الحروب المقبلة إذا ما هدد وجود الأمة خطر، أو دفعها طموح محموم إلى خوض حربها المقدسة نحو فلسطين!

هل حانت اللحظة فعلاً؟ وهل لدى حزب الله الشجاعة الكافية ليقود جماهير الأمة لتوحيد التراب العربي، مدشناً مرحلة جديدة من تاريخ حركات المقاومة في المنطقة والعالم؟ وهل يفعل السيد حسن نصر الله ما لم يقدر عليه جمال عبد الناصر؟


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: