هذا هو الواقع الآن فماذا نفعل وما موقفنا؟ هل نصمد وندافع ونتكاتف ونتحمل المآسي أم نهاجم بشار ونتمنى سقوط النظام ونسعى لذلك؟ هل نقول بحجة الاستبداد وغياب الديمقراطية تعالوا يا إسرائيل وأميركا ويا إخوان استلموا الحكم وحققوا مشروعكم الشرق أوسطي والالتزامات التي وافق عليها البعض بحجة الرغبة في استقرار وديمقراطية وأمن؟
سقوط سورية: دولة تابعة و«سلام» مع اسرائيل
ها هنا تكون المفارقة، ستكون سورية دولة تابعة وستوقع معاهدة سلام مع إسرائيل ويعود الجولان صورياً كما عادت سيناء وستغنى إحداهن أو أحدهم «الجولان رجعت لينا وسورية اليوم في عيد» كما غنت شادية لعودة كاذبة لسيناء وسيزداد الفقر والبطالة ولكن ستنتشر المواد الاستهلاكية وتزداد البطالة ويغدق صندوق النقد بقروضه المشروطة حتى تتمكن قوى الهيمنة من تكبيل سورية أعواماً طويلة، هذا ليس خيالاً، فمصر تشكل نموذجاً عملياً لما حققه الانفتاح الاقتصادي قرين اتفاقية كامب ديفيد من تبعية اقتصادية وسياسية وثقافية، التوقعات الموضوعية لهذه السياسات هي تعمق وانتشار مزيد من المآسي والخراب ولكن لا تحزنوا فستنعمون بديمقراطية الإخوان المسلمين التي تتمتع بها مصر حالياً.
هناك من الانهزاميين الذين يقولون: لا يمكن مواجهة جحافل المعتدين، ونحن نتساءل: ألم تنتصر فيتنام؟ ألم تنتصر كوبا في حرب خليج الخنازير، وصمدت رغم الحصار الاقتصادي لأكثر من خمسين عاماً؟
ربما إذا كانت الظروف في سورية غير ذلك أي إن سورية ليست معرضة لعدوان أجنبي مسلح يلعب فيه إرهابيون دوراً أساسياً وإن سورية الشعب والوطن والدولة ليسوا مهددين لكنت من الناقدين بشدة للرئيس بشار الأسد والنظام السوري من أجل الحريات والعدالة الاقتصادية، أما في الوضع الذي نحن فيه فالالتفاف حول رئيس الدولة كرمز للسلطة يصبح واجباً لحماية الوطن ليس هذا هو الموقف المبدئي الصحيح فقط بل هو أيضاً الاختيار العملي والمنطقي لحماية الذات أي الوطن والشعب والدولة، فمن بين كل الاحتمالات المتصورة يصبح استمرار النظام مع الالتزام بإصلاحات راديكالية هو البديل الأفضل حتى ننتقل إلى مرحلة أكثر استقراراً وأكثر ديمقراطية،
يقول بعض الفلسطينيين المقيمين بسورية: يجب عدم التدخل وكأن القضية الفلسطينية غير متداخلة بشدة في الأحداث وتهم كل فلسطيني وطني بالذات ليس فقط لأن النظام قام بواجبه نحوهم ولكن لأن أحد الأسباب الرئيسية للعدوان على سورية هو موقف سورية العنيد من القضية العربية ولا أقول الفلسطينية، فالذي يقف على الحياد إضافة إلى من يؤيد الإرهابيين أو المتمردين هم في صف القوى المعتدية أي أمريكا حلف الناتو إسرائيل قطر السعودية وحكومة الإخوان الملتزمة بكامب ديفيد. هذا هو الموقف الصحيح ليس من الوفاء فقط وإنما من الدفاع عن القضية.
تأييد بشار الأسد ضرورة وطنية كما عبد الناصر 1956
لقد قابلت الرئيس بشار الأسد منذ حوالي خمس سنوات وكان لقاء ممتداً مدة ساعتين جمعنا نحن الاثنين فقط وبناء على دعوة منه، شمل النقاش مواضيع عديدة وكان صريحاً للغاية وتبادلت معه الرأي في شتى الأمور واختلفنا في قضايا محددة أهمها موضوع الحريات السياسية وحقوق الإنسان التي أؤمن بها، وتحذيري من استغلال قوى الهيمنة الأجنبية هذه القضايا ضد سورية.
هذه الشخصنة المفرطة ساهمت في جعل بشار لبنة حرجة في سورية. هذا يزيد من الأمر خطورة وفي المقابل يجعل تأييد الرئيس السوري من الضرورات الوطنية في هذه المرحلة بالذات بالضبط كما كان جمال عبد الناصر اللبنة الحرجة في مصر عام 1956.
توسيع دائرة الحكم لتشمل كل القوى الوطنية
ولكون بشار جزءاً مهماً من اللبنة الحرجة فهذا يضع عبئاً أكبر عليه فهو الرئيس السوري الذي يجب أن يقوم بمزيد من الخطوات الجريئة والسريعة وأن يقوم بجهد خارق لتوسيع دائرة الحكم لتشمل كل القوى الوطنية التي لم تتورط في تأييد الإرهابيين وأنصار القاعدة أو المنادين بالتدخل الأجنبي بصوره المختلفة، وفتح الباب أمام المخدوعين للتراجع عن مواقفهم وتصحيحها.
لابد من تفعيل أقوى لدور الشعب وهو المتضرر الأكبر من مستقبل يحكم فيه من يسمون أنفسهم أصدقاء سورية وقد لمس البعض في حلب ودمشق مذاق هذا الحكم. لابد من مزيد من الثقة في الشعب وقدراته ولكن لا يعني هذا مطلقاً المساومة باسم الحوار مع الإرهابيين والمصرين على العنف من المسلحين بل لابد من مضاعفة الجهد لمحاصرتهم والتصدي لهم.
* مواطن مصري عربي - الوطن
No comments:
Post a Comment