فايز ساره...نظرة الى أحداث مخيم اليرموك بعين واحدة
2012-12-29
تحت عنوان (الفلسطينيون والصراع في سوريا)
اعتبر المعارض السوري فايز ساره ان الأحداث الأخيرة في مخيم اليرموك تثير كثيرا من النقاط التي تتعلق بالوجود الفلسطيني في سوريا، ومدى تأثره وتأثيره في الأحداث التي تعيشها البلاد منذ نحو عامين، وصولا إلى الإجابة عن سؤال مطروح اليوم خلاصته: هل يمكن تحييد الفلسطينيين والمخيم الفلسطيني خصوصا في الصراع الدائر بين السلطة ومعارضيها السوريين؟ وهو سؤال تبدو الإجابة عنه ضرورية لمعرفة ما سيكون عليه وضع المخيمات الفلسطينية ومجمل وضع الفلسطينيين هناك في الفترة القريبة المقبلة.
واضاف جاء القسم الأكبر من الفلسطينيين إلى سوريا خلال الحرب العربية - الإسرائيلية 1948، فيما جاء قسم منهم قبل ذلك، وآخرون وصلوا إلى سوريا من لبنان بعد الحرب بسنوات، وتوزع الفلسطينيون الذين بلغ عددهم نحو ثمانين ألفا على عدد من المحافظات السورية بينها دمشق ودرعا وحمص وحماه وحلب واللاذقية، وقد أقيم فيها جميعا مخيمات أكبرها مخيم اليرموك بدمشق والذي شهد أحداثا مأساوية في الشهر الماضي قتل فيها وجرح مئات من الأشخاص، كما تسببت في نزوح القسم الأكبر من سكانه البالغ عددهم زهاء مائة وخمسين ألف نسمة من مجموع فلسطينيي سوريا وعددهم أقل بقليل من 400 ألف.
واعترف ساره بالحقوق الممنوحة للفلسطينيين في سوريا حين ان وجودهم لم يقتصر على المخيمات، بل تجاوز ذلك إلى مختلف أنحاء البلاد، وهذا يشكل مدخلا لفهم وضع الفلسطينيين في هذه البلاد، التي أقرت منذ وصولهم إليها معاملتهم معاملة المواطن السوري، إلا فيما يتعلق بأمرين، الأمر الأول الحفاظ على شخصيتهم الوطنية المستقلة باعتبارهم مواطنين فلسطينيين من الناحية القانونية لحفظ حقوقهم فيما يتصل بعودتهم إلى وطنهم فلسطين، والثاني إبعادهم عن الاندماج الشامل في المواطنة السورية بمنعهم من المشاركة في عمليات الانتخاب المتعلقة باختيار أعضاء المجالس التمثيلية بما فيها المجلس النيابي أو مجلس الشعب، وإبعادهم عن المشاركة في اختيار رئيس الجمهورية انتخابا أو بالاستفتاء.
ورأى انه "إذا كانت وضعية مساواة الفلسطينيين بالسوريين، جاءت في إطار سياسة حكومية، فإن هذه السياسة لم تكن بعيدة عن الخيارات الشعبية للسوريين، بل هي جاءت نتيجتها أساسا، حيث استقبل السوريون اللاجئين الفلسطينيين في عام 1948 وقدموا لهم كل ما استطاعوا من مساعدة أخوية، خففت من مشكلات لجوئهم، وساعدت في إعادة تطبيع حياتهم ودمجهم في المجتمع السوري عبر مختلف الأشكال بما في ذلك الزواج المختلط، قبل أن يتم تشريع تلك المحددات وفق الأطر القانونية التي حددت وضع الفلسطينيين في البلاد.
واضاف انه كان من نتائج تلك المحددات في تعامل السوريين مع الفلسطينيين، أن اندمج الفلسطينيون في الحياة العامة. حيث هم موجودون في مختلف الأنشطة الاقتصادية من الزراعة والصناعة والتجارة إلى الخدمات، وموجودون في المؤسسات والهيئات الاجتماعية والسياسية ومنها النوادي والجمعيات والأحزاب السياسية، وهم حاضرون في الوظائف العامة حتى مراتبها الإدارية العليا من مرتبة معاون وزير، وموجودون في صفوف القوات المسلحة، وتطبق عليهم أنظمة التجنيد ونظام خدمة الضباط، ومسموح للفلسطينيين بتملك وإدارة المشاريع، إضافة إلى ملكية دور السكن، كما جرى السماح لهم بإقامة وتنظيم الأنشطة التي تخصهم في مختلف المجالات سواء كانت تحت لافتة منظمة التحرير الفلسطينية والجماعات المنضوية في إطارها أو خارج تلك اللافتة. باختصار شديد كان وضع الفلسطينيين مميزا بالمستويين الرسمي والشعبي في سوريا مقارنة بأوضاعهم في بقية البلدان العربية.
وكشف ان تلك الوقائع جعلت من فلسطينيي سوريا أقرب إلى المواطنين السوريين، وبدا من الطبيعي تأثرهم بما حدث في البلاد من حراك شعبي رفع شعارات الحرية والكرامة، ومطالب الانتقال إلى نظام ديمقراطي يوفر العدالة والمساواة لمواطنيه، غير أنه وبسبب خصوصية القضية الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، وحتى لا يستغل حضور الفلسطينيين في الشأن السوري من جانب السلطات في التضييق عليهم، فقد أبدت أوساط في المعارضة السورية وفي الجماعات الفلسطينية رغبة في إبقاء المخيمات الفلسطينية خارج الحراك الشعبي منذ بدايته في عام 2011، غير أن هذا التوجه اصطدم برغبة مؤيدي السلطات السورية من الفلسطينيين أمثال أحمد جبريل ومنظمته الجبهة الشعبية القيادة العامة في تحشيد المخيمات ضد الحراك الشعبي السوري وهو يتناغم مع رغبة سورية رسمية، الأمر الذي أدى إلى توترات وصراعات داخل وعلى أطراف مخيم اليرموك الذي يتداخل سكانه الفلسطينيون والسوريون وهو محاط بأحياء ذات أغلبية سورية، انتقلت من الحراك الشعبي إلى العمل المسلح في إطار الجيش السوري الحر، وهو ما كان مدخلا للتطورات الأخيرة في تحول المخيم إلى ساحة مواجهة بين الجيش الحر وقوات القيادة العامة المدعومة من الجهات الأمنية والعسكرية السورية.
خلاصة الأمر، أنه من الصعب الفصل بين الفلسطينيين والسوريين في الواقع السوري نتيجة عمومية الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشون في ظلالها، لكن جهودا بذلت في المستوى الشعبي والسياسي السوري/الفلسطيني لتحييد المخيمات ولا سيما مخيم اليرموك، غير أن ذلك اصطدم برغبات موالي النظام من الفلسطينيين مما أدى إلى مشكلة المخيمات، الأمر الذي يعني ضرورة قيام السلطات السورية والموالين لها من الفلسطينيين بتأكيد حيادية المخيم عملا لا قولا، وهو ما يحتاج إلى تأكيد مقابل من المعارضة السورية ولا سيما الجيش الحر ومن جانب قيادات التنظيمات الفلسطينية الأخرى نظرا لخصوصيات الوضع الفلسطيني فقط.
اذاً لقد أقر المعارض ساره بالوضع المتميز الذي يحصل عليه اللاجىء الفلسطيني في سوريا بحيث يستفيد من الخدمات والتقديمات الممنوحة له من قبل الدولة السورية ما يجعل الفلسطينيين يتمتعون بكافة حقوقهم، باستثناء ما يجعلهم يتخلون عن وطنهم المغتصب، بالمقابل ومن باب النظر بعين واحدة حمّل سارة اهالي مخيم اليرموك من أنصار النظام السوري على حد تعبيره مسؤولية ما تعرض له المخيم من تدمير وتهجير وأعمال سرقة ونهب، متناسيا ان المجموعات المسلحة هي التي بادرت الى اقتحام المخيم ودكّه بقذائف الهاون، وان الجبهة الشعبية – القيادة العامة التي اتهماها سارة بالوقوف الى جانب النظام كانت مندمجة ضمن اللجان الشعبية للدفاع عن المخيم وان كانت تعتبر اكثر التنظيمات قوة وتنظيما داخل المخيم، فلماذا لم يسأل ساره لماذا قررت المعارضة السورية المسلحة اقتحام المخيم ولأية أسباب، وهل هي لصرف الأنظار عن معركة داريا حيث تكبد المسلحون خسائر فادحة؟ أم انها تأتي في سياق الخطة المرسومة للزج بالعامل الفلسطيني بالصراع الدائر في سوريا تمهيدا لترانسفير جديد يدخل ضمن المخطط المرسوم للمنطقة عموما وللقضية الفلسطينية خصوصا في ظل ما يحكى عن مباحثات بين ملك الأردن ورئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو لإقامة اتحاد كونفدرالي محتمل بين الأردن والضفة الغربية؟
No comments:
Post a Comment