اردوغان الابن الشرعي لمشروع الشرق الأوسط الجديد ...كلفوني بمهمة وانا اقوم بتنفيذها |
كتـب المقال بقلم: عبد المجيد عقيل
الأبعاء, 05 كانون الأول 2012
لنبدأ بجمع قطع الأحجية معاً
- إن تقدم الميليشيات المسلحة تحت إسم “الجيش الحر” الملحوظ في حلب وشمال سوريا، وخطتهم للسيطرة على مطار دمشق الدولي ومحاصرة العاصمة هو أمر مؤكد. وتزامن ذلك مع رفع التنسيقيات المعارضة يوم الجمعة الماضي شعار “النصر من فوق القصر”. لكن من المؤكد أيضاً أن هذا المخطط قد تلقى ضربةً
معاكسة في اللحظات الأخيرة.
منذ قطع الإتصالات أثبتت مجريات الأحداث بأن الأمور ما زالت إلى حد جيد نسبياً تحت سيطرة الدولة وأنجز الجيش السوري أقوى عملية نوعية له في ريف دمشق وفي المناطق المتاخمة للمطار وتكبدت الميليشيات المسلحة خسائر بشرية ومادية مروعة.
الجيش السوري بدأ ينتقل مجدداً من الدفاع عن العاصمة والمراكز الحيوية إلى الهجوم الشرس بكل ثقله على المناطق الحاضنة للمجموعات المسلحة، ويبدو أنه في الطريق لتوجيه ضربة قاصمة في حلب وريفها الشمالي وحتى الحدود التركية في الأيام القادمة. يؤكد على هذا الكلام التصعيد الدولي مؤخراً بخصوص السلاح الكيماوي السوري. لماذا على القوى المتبنية لمشروع “إسقاط النظام السوري” أن تصعٌد اليوم تحديداً إن كانت الميليشيات المسلحة التي تحارب بالوكالة عن تلك القوى قريباً من تحقيق إنتصارها المزعوم؟ الأمور تعود مجدداً إلى سيطرة الدولة وإن بدا للبعض عكس ذلك.
دور حزب العدالة والتنمية التركي، وعلى رأسه السلطان أردوغان، كان دور رأس الحربة في ضرب سوريا من خاصرتها الشمالية والمساهمة الكبرى في مشروع “إسقاط النظام” مقابل إعادة أمجاد السلطنة العثمانية بأن تتحول تركيا إلى قائد للدويلات الإسلامية السنية في المنطقة الناتجة عن سايكس بيكو الجديدة والشرق الأوسط الجديد الذي سيلد بدوره من رحم الربيع العربي. والأهم من ذلك أن هذه القيادة والسيطرة ستتوج بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية، وبالتالي مركز ثقل إقليمي وعالمي على أن تكون هذه العقدة تحت نفوذ واشنطن.
ماذا تغير؟
تلقى أردوغان الصفعة تلو الأخرى بأن فوجئ بتعقيد الأزمة السورية والصعوبة الشديدة للحسم فيها بالشكل الذي كان منتظراً، وبالتالي صعوبة الحصول على المكاسب المرجوة، هذا إن كان سيحصل عليها فعلاً. فتورط أردوغان في الأزمة السورية جلب له من المشكلات ما يفوق الإمتيازات والفوائد التي حصل عليها حتى الآن. بدءأً من الكابوس الكردي الذي بات يخيف أردوغان إلى حد بعيد، مروراً بتحول تركيا أردوغان من سياسة “صفر أعداء في المنطقة” إلى واقع “صفر أصدقاء” وإنتهاءً بمستقبل مجهول لا يدري الأتراك عنه شيئاً. بل ويبدو أن أردوغان أدرك أخيراً حقيقة غدر الولايات المتحدة لعملائها بعد وضعهم في وجه المدفع وتوريطهم والتخلي عنهم بعد ذلك في ليلة وضحاها. كان على أردوغان أن يدرك ذلك منذ البداية وخلال السنوات الماضية عبر تلاعب الولايات المتحدة والغرب به بسياسة “العصا والجزرة” والضحك عليه في كل مرة دون منحه عضوية الإتحاد الأوروبي في نهاية الأمر. هنا –
وعلى ما يبدو- تأتي روسيا لتتدخل في الوقت المناسب، ولتلقي لتركيا بحبل النجاة وتفتح لها نافذة نور للهرب من الورطة الأمريكية. إن الحاكم الفعلي لروسيا هو شركة “غازبروم”، وإذا ما كان لكل موقف في ملعب السياسة ثمنه، فإن روسيا لا تدفع “كاش” إنما تدفع بالـ “غاز”. ويبدو لي أن عشرون سنة من توريد الغاز الروسي إلى تركيا حسب العقد الذي تم توقيعه هو ثمن مغر للأتراك وأكثر ضماناً من الثمن الأمريكي الذي بدأ الأتراك يشكون بحقيقة وصوله إليهم.
إذا ما كانت قراءتي صحيحة، فإن ما حدث هو أن روسيا قد اشترت تركيا. هذا يمكن تلخيص الأمر ببساطة. ويبقى الوضع الميداني في حلب وشمال سوريا هو الحكم في تحديد صحة هذه القراءة من عدمها في الأيام والأسابيع القليلة القادمة.
- قد تكون القراءتان السابقتان حسب الوضع الميداني في سوريا، وحول ما يدور خلف الكواليس بين روسيا وتركيا، صحيحتان أو خاطئتان، لكنني أجد أن هيستيريا الغرب، والتصعيد حول الملف الكيماوي، وتهديد هذه الدول للنظام السوري إن استعمله، ومطالبة بعض الدول لرعاياها بمغادرة سوريا إضافةً إلى المؤشرات الأخرى بأن شيئاً كبيراً ما سيحدث في سوريا وفي دمشق بشكل خاص، لهي أدلة قوية على أن في كلامي الكثير من الصحة.
تأتي مفاجأة “إنشقاق أو إقالة أو إستقالة” الدكتور جهاد مقدسي لتزيد من غموض الأحداث لكنها بالنسبة لي على العكس تماماً تضع القطعة الأخيرة من الـلوحة....
النظام السوري لم يعد بحاجة للتلويح أمام العالم بإمتلاكه سلاحاً كيماوياً، بينما الولايات المتحدة وحلفاؤها فيبدو أنهم أصبحوا مضطرين للمغامرة ولمهاجمة سوريا مهما كانت العواقب بعد فشل الأوراق السابقة. وبالتالي أصبحت الحكومة السورية بحاجة إلى أن تتبرأ من المقدسي وتصريحاته. فكان الإنشقاق أو الهروب أو الإقالة أو الإستقالة، سمها ما شئت، فالنتيجة واحدة، وهي أن دليل الإدانة قد سقط في عملية ذكية تحت إشراف الدولة السورية نفسها.
هنا قد يقول قائل بأن إحتمال حصول حرب في سوريا هو احتمال مستبعد، أما أن فأرى العكس تماماً. لست بحاجة إلى أن تكون محترفاً في “البوكر” لتدرك بأن الولايات المتحدة –ذات الدولارات الوهمية والمديونية المرعبة للصين وخزائن الذهب الخاوية- قد خسرت الكثير في مقامراتها السابقة وآخرها مشروعها في سوريا. وخروجها من ساحة المعركة اليوم خالية الوفاض يعني تلقيها لخسارة قد تقصم ظهرها إلى الأبد.
الولايات المتحدة سوف تقامر حتى النهاية.. وستلقي بما تبقى بين يديها من أوراق أخيرة.. فإما تستعيد كل ما خسرته وتفوز بكل ما على الطاولة.. أو أنها ستدخل في طور إنهيارها النهائي.. وربما لن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك.. متحدة. الشهور القادمة عصيبة جداً.. والإحتمالات مفتوحة على مصراعيها عما قد يحدث في الأيام القادمة حيث كل شيء ممكن.. ولا يمكن القول هنا إلا: سوريا.. فليحفظك الإله.. وليكن إلى جانبك القدر
No comments:
Post a Comment