والرجل لمن يجهله ذا هوى إخواني ويتمتع بشخصية ميكافيلية، وهو رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، ويحسبُ على جماعة "الإخوان المسلمين" ويعتبر منظرها الحالي. ورغم أنه رفض في عديد المناسبات تقلد منصب "المرشد العام للجماعة" إلا أنه أبدى ترحيباً بوصول "الإخوان" إلى السلطة في مصر وتونس، ويسعى لتيسير صعودهم إلى الحكم في أقطار أخرى، وقد كان يحضر لقاءات "التنظيم العالمي للإخوان المسلمين" بصفته ممثلاً للإخوان في قطر إلى أن اعتذر عن العمل التنظيمي في "الجماعة" ليتفرغ لأدوار أكثر "أهمية"، حسب تعبيره.
وهو بشهادة مفكرين إسلاميين وكتاب ومحللين سياسيين، من رجال دين السلطة، الذين يزعمون أنهم يحملون مفاتيح الجنة والنار بأيديهم، ولديهم الاستعداد لتصنيف الناس حسب مكانتهم يوم القيامة. وهو ممن يتدخلون في الإرادة الإلهية ويصدرون أحكاماً حول "الحسنات" التي يمكن أن يجنيها المرء لقاء أعمال معينة، و"السيئات" التي يمكن أن تلحق به نتيجة أعمال أخرى. وقد صنع بذلك لنفسه ما يشبه "التفويض الإلهي"، الذي ساد في القرون الوسطى الأوروبية.
لذلك يوم أراد حكام المشيخة القطرية الاستعانة بالمنافقين والمخادعين والكاذبين، قصد الاستمرار في الحكم - الذي اغتصب عنوة من "الشيخ الأب"، وليعيثوا في الأرض فساداً وإفساداً، كان القرضاوي على رأس هؤلاء المنافقين، فهو من طلاب الشهرة والارتزاق، وأصحاب المجد الزائف.
وهو وفقاً لهؤلاء المفكرين والكتاب والمراقبين، يعدّ منذ فترة طويلة، أحد أذرع المشيخة النفطية الخفية في المشهد السياسي العربي، وهو منذ عقود يخدم أجندة تلك الأنظمة الخليجية المُستبدة، وقد صار اليوم داعية للتعصب الطائفي والممارسات التكفيرية والأعمال الدموية في بلدان العالمين العربي والإسلامي، ولا سيما في سورية.
ويصنفه السواد الأعظم من رجالات الدين والعلماء الأجلاء كواحد من أبرز "أعمدة الفتنة" في الوطن العربي، من الذين يسهرون ويصرون على تمزيق الأمة وإبقائها متخلفة ضعيفة مطواعة خدمة لمصالحهم ومصالح الأجنبي الذي يوفر لهم الأمن ويمدهم بالقوة الكافية للاستمرار في سياساتهم، لا بل هو عمودها الفقري. فهو اليوم في طليعة رجال دين السلطة الذين لديهم الاستعداد لبيع آخرتهم بدنياهم، وإصدار الفتاوى التي تبرر للحاكم سوء صنيعه.
هكذا، كان "شيخ الفتن" شريك حكام المشيخة في فتنة الناس وإغوائهم وتضليلهم. بتوظيف كل شي خدمة لبقاء أسياده في الحكم وديمومتهم بغض النظر عن شرعية الأساليب أو قذارتها, ليصبح الدين وسيلة لتحقيق أهداف "الحمدين" بدأً بشيطنة خصومهما، ومحاربة المناوئين والمنافسين والمعترضين داخل المشيخة وخارجها، عبر غسيل دماغ يومي من خلال قناة "الجزيرة"، المنبر الرئيس الذي يطل من خلاله القرضاوي على عامة الناس.
ثمانيني خرف يقود حرباً مسعورة ..
الراصد لدور القرضاوي في مشيخة "آل ثاني" يدرك أن مهمته الرئيسية هي الذود عن سياسات ومؤامرات النظام القطري، سواء بالتغاضي عن جلب الأمريكان لقطر والسماح لهم بتدمير العراق أو بالتجاهل العمد لعمليات التخابر والتآمر التي يقوم بها القطريون مع الكيان الصهيوني. وهو وإن أيد "الثورات العربية" بشدة في تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية، إلا أنه كان له رأياً مخالفاً حيال ما يجري في البحرين حيث وصف ما يحدث هناك بالفتنة الطائفية داعياً إلى حلها بالحوار!، ويُحلل ازهاق الأرواح البريئة للمواطنين هناك أطفالاً ونساء رجال بفعل آلة القتل الخليفية !!.
ذلك أن الرجل - الثمانيني الخرف - دأبَ على إصدار فتاوى وأحكام ومواقف تتفاعلُ مع ما يستجدّ في الساحة السياسية العربية والإسلامية من أحداث ووقائع من منظور قطري صهيو –أمريكي. ومع ما يتفقُ - حدّ التطابق - مع مواقف وأهواء "الحمدين" لا الرسمية فقط وإنما الشخصية أيضاً.
والتي تتسم بالتناقض وتكيلُ بمكيالين وأحياناً أكثر. فـ"شيخ الفتن" الذي أفتى بجواز قصف قوات حلف "الناتو" لليبيا رغم أنه يعلمُ ما ستخلفه العمليات العسكرية من قتل وتدمير، هو نفسه الذي أصدرَ فتوى تتعلق بالوضع في مالي، والتي يرفضّ في فحواها العمليات الفرنسية ضد الجماعات المجاهدة في تلك المناطق، معتبراً أن "فرنسا استعجلت التدخل العسكري الذي لا يُعرف منتهاه ولا آثاره من القتل والتدمير والتشريد والمآسي ومزيد من الفقر والبطالة والمجاعة التي تعاني منها مالي أساساً..".
هذا بالإضافة إلى "سلة الفتاوى" التي شرّعت لـ"المجاهدين" المرتزقة، حرية قتل المواطنين الأبرياء المسالمين أو "الأسرى" من بني جلدتنا، والتمثيل بالجثث، وتدمير المؤسسات ونهبها، وتدمير الحسينيات، وإحراق الكنائس، والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، ونهب الآثار وقطع رؤوس التماثيل، وسرقة الأموال وفرض الأتاوى، والولاء للأجنبي في مواجهة العدو الطائفي أو المذهبي. وهو ما يمنح عناصر الجماعات والكتائب الإسلامية الوهابية السلفية المقاتلة في سورية، من المرتزقة والمجرمين ذوو الميول الإجرامية رخصة شرعية وغطاءً أخلاقياً وسياسياً، لممارسة الإرهاب والقتل والإجرام والسلب والنهب واغتصاب النساء وهتك الأعراض، من دون إدانة المجتمع أو تأنيب الضمير. وفي وضع الفوضى الأمنية التي يمولها المال السعودي القطري القذر، تنفلت العقلية الإجرامية من كل قيد يكبحها.وتعدّ فتوى "قتل كلّ من يقف مع النظام السوري بمن فيهم علماء الدين"، والتي راح ضحيتها العلامة الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي "رئيس اتحاد علماء الشام"، أم الفتاوى القاتلة التي ازدهرت حد الانفلات، في زمن "الربيع الوهابي في سورية".
ففي برنامج بُثّ قبل أيام قليلة من مقتل العلامة البوطي على قناة "الحمدين" أجاب القرضاوي عن سؤال طرحه مشاهد ومفاده؛ هل يجوزُ استهداف من يؤيد النظام السوري وعلى رأسهم علماء السلطة؟ كانت إجابة القرضاوي قاطعة بأن "الذين يعملونَ مع السلطة في سورية يجب أن نقاتلهم جميعاً سواء كانوا عسكريين أو مدنيين أو علماء أو جهلة، فكل من يكون مع هذه السلطة الظالمة الجائرة والمتجبرة في الأرض التي قتلت الناس بغير حق هو ظالم مثلها ويأخذ حكمها، فكل من يقاتل عليـه أن يقاتل هؤلاء. وإذا كان (قتل) مظلوماً بين هؤلاء فسيأخذ الله حقه في الآخرة…"!!.
غير أن القرضاوي بعد اغتيال العلامة البوطي سارعَ إلى الترحّم عليه، وقال في أحد خطبه: "سمعنا نبأ المسجد الذي دُمّرَ في شمال دمشق وقتلَ فيه 42 شخصاً ومن هؤلاء الشيخ البوطي وهو صديقي للأسف، وقد خالفَ علماء سورية عامة ووقف مع النظام ضد شعبه إلى آخر جمعة… وكنت أودّ له أن يهديه الله في آخر المدة كما هدى آخرين ولكن البوطي ظلّ مع هذا النظام إلى آخر لحظة ولا أستطيع إلا أن أدعو له بالمغفرة والرحمة…". غير أن هذا الموقف لا يغير من الحقيقة، وهي أن الفتوى القرضاوية هي التي أعطت ضوءاً أخضر لقتل علامة الشام الشيخ البوطي، الذي قتل بالمسجد أثناء إلقائه درساً، فكان بذلك "شهيد المحراب والوطن".
دحر فتاوى القتل
والإرهاب ..
ففي مقابلة للقرضاوي في قناته الأثيرة أفتى بجواز قتل العقيد القذافي قائلاً: "من استطاع أن يقتل القذافي فليقتله، ومن يتمكن من ضربه بالنار فليفعل ليريح الناس والأمة من شر هذا الرجل المجنون".
ولايزال القرضاوي يطوف بين القصور الأميرية يبحث عن مكان ليقيم مهرجانات الموت والرقص على الجثث ويتقيأ في صباح المجون الثوري فتوى قاتلة تستبيح دم الأبرياء. وهو يزعم صباح مساء أن الحرب "الدينية" التي يشنها بالنيابة عن حكام المشيخة، وبإيعاز من المشروع الصهيوني في المنطقة هي حرب "مقدسة" لن تنتهي إلا بنهاية النظام السوري، بما يعنى أنها لن تنتهي إلا بنهاية كل من هب و دب على الأرض السورية بحيث تصبح سورية دولة بلا مقدرات اقتصادية وعسكرية، لا بل المطلوب صهيونياً أن تصبح خرائب!!.
وذلك بعد أن يكون إرهابيو "الجهاد" المزعوم قد مارسوا شتى صنوف انتهاك الحرمات والمحرمات باسم الدين الذي هو منهم براء، بفتاوٍ سلفية وهابية وقرضاوية. كل مضامينها تحريض وحث أبناء العالمين العربي والإسلامي على التطرف والتكفير والتعصب والطائفية والعنف والإرهاب، والمتجاهلة - في نفس الوقت – قتال ومحاربة الصهاينة أعداء العرب والمسلمين الحقيقيين.
والسؤال الذي يطرح ذاته في هذا السياق، هو أين هي مواقف وفتاوى القرضاوي ومن لف لفه من شيوخ الفتنة والقتل، من جرائم الحرب اللاانسانية والأعمال الإرهابية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أهلنا في فلسطين المحتلة ؟! وهل هذا هو جزاء سورية قيادة وحكومة وشعباً، وهي التي لم تتخل قط عن المقاومة الفلسطينية واللبنانية منذ أكثر من أربعة عقود، والتي بدعمها للمشروع المقاوم ذاق الكيان الصهيوني الويلات، وتحقق النصر تلو النصر منذ حرب العام 2000 وصولاً إلى حرب غزة في تشرين الأول/ نوفمبر الماضي، مروراً بنصر تمّوز/ يوليو 2006، وذلك باعتراف واضح وصريح من قادة العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني واللبناني، وكذلك من قادة العدو الصهيوني وأصحاب القرار في البيت الأبيض.
إن سورية الممانعة والمقاومة، أكدت في كل المناسبات أنها الأجدر بالنصر، وأنها القادرة دوماً بصمودها وبسالة جيشها العربي السوري، على دحر كل المؤامرات ما أعلن منها وما خفيّ، حتى لو كانت هذه المؤامرات مدججة بأعتى فتاوي القتل والإرهاب. والين يعرفون تاريخ سورية جيداً يعلمون أن نهاية الأزمة نصر مبين، وأن جحافل المشيخة القطرية الحمدية القرضاوية إلى جهنم وبئس المصير.
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment