الرجل الغائب عن القمة كان هو القمة .. اجتمعت كل هذه الدول وكل هؤلاء القبضايات العرب من أجل رجل واحد .. فليس في قرارات القمة وشكلياتها وبيانها اي فرق منذ 60 عاما الا مايتعلق بهذا الرئيس .. وأتحداكم لو سألتم أي مواطن عربي من المحيط الى الخليج استمع الى البيان الذي قرأه بن حلي ان كان يذكر كلمة واحدة فيه فانه لن يتذكر كلمة واحدة فيه سوى ماذكر عن سورية وهي بشكل مبطن ماقصد به الرئيس الأسد .. وهذا دليل على أن القمة هي قمة الرئيس الأسد وسورية ..
الجمعة، 29 آذار، 2013
أوقات
الشام
نارام سرجون
أعلم أن هناك من صار يخشى غاراتي ومقالاتي ويختبئ كلما دوت صفارات الانذار
في الفضاء الثوري والعربي معلنة عن غارة جديدة تلقي فيها مقالاتي حمولتها من
القنابل الانشطارية التي تشطر عقول الثوار .. والقنابل الفراغية التي تفرغ عقولهم
من كل الحشوات الثورية والأوهام .. ولكن ماذا أفعل لعقول الرمل التي تنهار لدى مرور
رياح الكلمات؟ .. وماذا أصنع بتماثيل الجص الثوري التي تهوي وتتهشم من غارات
الكلام؟؟
وسأعيد كلمات قالها بطل في بنت جبيل يوما سيرددها الزمن بلا انقطاع حتى
تتحقق وهي أن اسرائيل أوهى من خيط العنكبوت .. ولكن ماهو أوهى من بيت العنكبوت هو
ربيع العنكبوت وثورة الأرملة السوداء ..الثورة السورية ..
أنا لاأطيق تكرار الكلام واجترار النصائح .. وأنا مقتنع أنه لايجب الاثقال
في تقريع حكام العرب والعرب وثوارهم .. فالافراط في بذل النصيحة للأوغاد اذلال
للنصيحة والناصح .. وتكرار اللوم والتعنيف وجلد القوّاد لايعيد اليه ضميره ولايغسل
اسمه من الزنخ والزنا .. ولكني سأجرّ الثورجيين من آذانهم وأجر العرب من عقالاتهم
الى حيث يشرفون على الحقيقة وليس لي أمل بأن يروا حتى وان فتحت عيونهم .. فالعيون
مجرد نوافذ .. ولكن مانفع النوافذ المفتوحة اذا كانت الستائر السميكة مسدلة عليها
.. ستائر العقل مسدلة على النوافذ المفتوحة حتى كأنها ستائر الحديد ..
لو سألتم العقل العربي المشلول الذي أغلقت نوافذه بستائر الحديد من المحيط
الى الخليج عما يحدث الآن من تحركات في المنطقة لبدت عليه البلاهة والحيرة .. مثل
هذا العقل تركله الأقدام من عاصمة الى أخرى .. فمرة تركله استانبول ومرة الدوحة
ومرة تمرره لندن الى واشنطن التي تمرره الى اسرائيل فتسدد به ضرباتها وأهدافها ..
عقول العرب محنطة وتركل مثل كرة القدم لأنها عقول صارت محنطة تحنيطا شديدا .. عقل
الثورجيين السوريين يبز رأس رمسيس الثاني المحنط جفافا .. تركله الأقدام منذ سنتين
وتقنعه منذ سنتين أن من يفجر أحياء دمشق وحلب وسورية هي المخابرات السورية .. وأن
من يقتل قادتها وضباطها وعلماءها وشيوخها وأئمتها ويفجر مساجدها هي المخابرات
السورية .. وأرى هذا العقل المحنط في الرسائل الشرسة التي يرسلها لي ثورجيون
يجاهدون في الغرب ومنهم أطباء ومهندسون وكتاب وصحفيون يرفقونها بما يسمونه دلائل
عقلية على براءة الثورة من دماء الأبرياء .. أوعلى قصف النظام للمدن بصواريخ سكود
بسبب حفرة في الأرض حيث لايوجد قطعة واحدة من أثر صاروخ سكود العملاق ومحركاته
وبراغيه وخزاناته واجنحته .. (بل فقط الصاروخ حفر الحفرة بمعوله الضخم ورحل كما لو
كان شيطانا) .. وعقلهم المحنط أوصلهم الى استنتاج أن من قتل الشيخ البوطي مثلا
لايمكن ان يكون الا جهاز الأمن السوري ويستدلون بمفاتيح عقلية سألها الفيلسوف فيصل
القاسم الذي لبس عباءة الفارابي والشيخ الرئيس ابن سينا .. أسئلة ابن سينا القاسم
عن السجادة التي لم تحترق والثريا التي بدت سليمة .. ولكن (ابن سينا) القاسم لمن لا
يعرفه أو لم يجلس معه لايقل انفصاما عن نزلاء مشفى ابن سينا للأمراض العقلية في
دمشق واسمه الذي يليق بحلمه وتوازنه هو (فيصم) ..
عقل العربي الآن الذي يدوره ويكوّره مثقفو الثورات لايشبه الا كرة القدم أو
كرة السلة يتقاذفها اللاعبون بأرجلهم وبأيديهم ليسددوا أهدافا .. والوعي العربي
الذي يقف كحارس المرمى يبدو مترنحا هذه الأيام مثل شخص خرج من سباحة في بحيرة
النبيذ ... وبالطبع حكم المباراة الطاهر الشريف والمخلص النقي والرشيق هو حمد بن
خليفة يساعده على التماس حمد بن جاسم ونبيل العربي .. وفريق اسرائيل والغرب وتركيا
هو الذي يهاجم .. وقد سدد الخصوم خمسة أهداف نظيفة في شباكنا .. هدف واحد فقط من
هجمة مرتدة في (العراق) والبقية من ضربات جزاء قررها الحكام الشرفاء بحجة مخالفة
الحرية والديمقراطية (ليبيا وتونس ومصر واليمن) .. ومايفعله مثقفو العرب في هذه
المباراة غالبا هو رفع سقف المرمى وتوسيع حدوده لكي تسجل الأمم الأخرى الأهداف فيما
حارس المرمى (الوعي) دائخ بالنبيذ الثوري الاسلامي الذي توزعه قطر .. الهدف الثمين
وهدف الفوز هو الهدف السادس السوري الذي يريد اللاعبون تسجيله .. ويقرر الحكم ضربات
الجزاء المتلاحقة ولكن اللاعب السوري وحارس المرمى السوري يرد كل التسديدات ..
احدى
زجاجات النبيذ الثوري التي سكبتها قطر في كؤوس العرب هي زجاجة نبيذ من ماركة (معاذ
الخطيب) الذي لايشبهه الا وليد جنبلاط في تكويعاته وتذبذباته وسكراته وتراجعاته ..
قطفت عناقيد "معاذ" من دوالي الائتلاف المزروعة في تركيا وتم تخميره وخلطه بيانسون
الأتاسي في حفل قمة الجامعة العربية التي بدت مؤتمرا تطبيقيا لجهاد النكاح .. الكل
ينكح في الكل.. ولافرق بين الناكح والمنكوح في الجهاد الثوري..
كما قلت فانني لاأحب اسداء النصائح لمن له عقل ثور .. بل صرت أحب أن أرى
الثيران في مصارعة الثيران تندفع وراء قماش وتثير الغبار .. فلا فائدة من اسداء
النصح لثور أو "ثورة" .. والأفضل ترك العقل الثوري المحنط يندفع بقرونه ليرى أنه
يناطح شجر السنديان الضخم .. فالقرون القوية تكسرها جذوع السنديان .. عقل الثيران
المحنط لم يعرف لماذا صالح أردوغان الأكراد وصالح الاسرائيليين .. والعقل المحنط
رأى في ذلك بداية هجوم نهائي على النظام في سورية وابتهج وابرنشق وهو يرى نجيب
ميقاتي يستقيل ممهدا الطريق الى انهاء الدولة السورية ..وانتشى واهتز وهو يرى
الثورجيين يسيرون على ضفاف الجولان لمحاربة الجيش السوري .. وبدا في حالة عدم تصديق
وهو يرى معاذ الخطيب يسكبه أمير قطر في كؤوس الجامعة العربية ويملأ الأنخاب بأجساد
هيتو والأتاسي .. ويشربهم قطرة قطرة .. بعد أن عصر عنب الائتلاف.
ربما سيصاب الثورجيون بالذهول ويفتحون أفواههم وهم يسمعون مالايحبون أن
يسمعوا .. ولكنني قرأته طازجا من وثائق غربية وتركية قلقة ووضعته للتحقيق أمام
شخصيات في غاية الحصافة وأعرف من تجربتي معها تمام المعرفة أنها قلما تتكلم مالم
يكن الأمر جديا .. وقد طرحت هذه الشخصيات أسئلة مقتضبة فيها قلق كبير وفي سياق
الحوار تدفقت الاجابات .. فالسؤالان الكبيران هما:
لماذا صالح أردوغان الأكراد فجأة??
ولماذا تنازل عن مسرحية المناضل فاتح غزة المناهض للصهيونية فجأة أيضا وصالح
الاسرائيليين؟؟ ..
وماهو السر الغريب في هذا الصمت المريب لمحور المقاومة ازاء كل
هذه الأحداث ؟؟
من ينظر الى المشهد بعين الثور ويحلل بعقل الثورجي يعتقد أن الثورة قاب
قوسين أو أدنى من الوصول الى غايتها وأن أعداء سورية يحاصرونها من كل جانب وسيطبقون
عليها بين عشية وضحاها .. فأردوغان الذكي المغامر البطل مناور سياسي رفيع وهو يهيء
الساحة لمغامراته وفتوحاته بالتخفف من اثقاله الكردية .. لكن الحقيقة هي أن اردوغان
بعروضه السخية على الأكراد انما يقرأ الواقع الحقيقي المفاجئ ولو كانت قراءته
متأخرة .. وهي أن مشروع تحطيم الدولة السورية وتبديل نظامها قد ذهب بلا رجعة
باعتراف أردوغان غير المباشر عبر تحركه السريع نحو الأكراد واسرائيل وتقهقره في
المسألة الكردية .. ويجب عليه منذ الآن اتخاذ الاحتياطات لمرحلة مابعد الثورة
السورية وليس لمرحلة مابعد الأسد - كما يحب الاعلام العربي أن يردد - بل لمرحلة
الشرق الأوسط مع الرئيس بشار الأسد ومحوره .. فالباشا رجب قدم تنازلات لحزب العمال
الكردستاني لم يقدمها رجل في تاريخ تركيا .. والرجل فجأة ودون سابق انذار ارتمى في
حضن الأكراد وبدأ مصالحة معه وشرع يقدم هذه التنازلات للأكراد رغم أنه نادى باعدام
أوجلان قبل سنتين من الآن ورفض الاعتراف بالأكراد عبر عقود وحاربهم عقودا وفجأة
ترنح عناده وهوى .. والرجل ليس مضطرا لكل هذا التقهقر في الملف الكردي لو أنه كان
يجني الانتصارات في الملف السوري الذي يبدو أنه سيغلق دوليا .. المنتصر في سورية
سينتصر في كردستان .. والمتقهقر في سورية سيتقهقر في كردستان ..
وحسب آراء تركية عديدة فان الأتـراك يدركون أن حزب العمال الكردستاني قد
يوقف نزاعه مع تركيا مرحليا ولكنه لن يتورط بجسمه في الصراع السوري لأن مايضمن بقاء
اتفاق أردوغان معه صامدا هو بقاء النظام السوري وليس سقوطه .. كما أن حزب العمال
لايريد توفير دمائه في تركيا ليفقدها في حرب في سورية وهو يدرك ان التورط العسكري
في النزاع السوري قد يضعف الجسم العسكري للحزب ويفتح شهية الأتراك لالتهامه وهو
جريح .. والأكراد يدركون أن تعهد أردوغان وتودده لهم باقيان مابقي نظام الأسد على
بواباته الجنوبية .. وغياب الأسد سيغري أردوغان بالانقلاب على تعهداته الكردية وهو
الشهير بطعناته وغدره لدى الجميع .. والأكراد يعرفون أيضا أن استدراجهم لحكم
ذاتي في الشمال السوري مزحة ثقيلة جدا لأن القوميين الاتراك سيشنقون اردوغان ان حدث
هذا أو سمح به فهذا سيكون أول مرحلة للاجهاز على تركيا نفسها .. ولأن ذلك الحكم
الذاتي ليس على غرار حكم مسعود البرزاني فالأنف الكردي في الشمال السوري سيعطس فورا
في فم تركيا والعدوى ستصل سريعا الى أكراد تركيا خلال خمس سنوات .. ولن يقبل أكراد
تركيا بما هو أقل مما حصل عليه جيرانهم في العراق وسورية .. يعني هذا أن دولة كردية
تدق على باب الباب العالي بقوة وتنظر اليه من نوافذ قصره وتبتسم .. بل وتريح ساقيها
على حافة قبر أتاتورك وتجلس عليه..
والرجل ارتمى في حضن اسرائيل ولم تفعل شيئا من شروطه الا تقديم اعتذار صوتي
مجوف وقدمته بطلب شخصي والحاح من أوباما ليحفظ ماء وجه أردوغان وقد قبضت ثمن
الاعتذار فورا .. وأردوغان بهذا لايتصرف تصرف سياسي منتصر بل تصرف سياسي مهزوز يريد
أن يحتاط من أيام قادمة بالتحالف مع اسرائيل لضمان مساعدة حليف له في المنطقة .. بل
ان حفلة الرقص والطرب العربي التي أقيمت لانجاز أردوغان والتي توّجها المنشد
"اسماعيل هنية" تؤشر على مدى الحاجة للتشويش على صراخ الأسئلة الحقيقية عن سبب هذه
القرابين التي يضحي بها أردوغان ..
ولايغرنكم تغريد المنشد اسماعيل هنية الذي تسرب
من أوساط فلسطينية من داخل حماس أنه تم استدعاؤه وابلاغه بحاجة أردوغان لصوته ..
كما أنه تلقى أمرا مماثلا من الدوحة (مثل أي موظف) لمساعدة أردوغان ليكسب نقاطا ..
ذلك لأن عرض أردوغان على الأكراد لقي نظرات عدم الرضا التي تتردد بين القوميين
والطورانيين الأتراك .. كما أحاطت به نظرات الحرج من عيون الثوار العرب الذين كانوا
يستعملون تمثيليته الشهيرة قبالة غزة لتسويقه وليسقوننا مرق أسطول الحرية كلما
شككنا بأردوغان .. مرق اللحم التركي قبالة غزة صار أشبه بالماء من كثرة اعادة طبخه
وتوزيعه وسكبه يوميا في أطباق الحساء الثوري كل مساء .. ذاب اللحم من كثرة الطبخ
والسكب ولم يبق في قاع وعاء المسرحية سوى العظم المجرد .. ولذلك ظهر هنية للتبرع
بلحم الفلسطينيين في القدر العثماني .. ولايستبعد أن يكشف عن صورة يظهر هنية فيها
وهو يقبل يد أردوغان في اقرار وعرفان بالجميل ليزيد في شعبية الباشا .. فهنية
لايجيد سوى تقبيل الأيدي وهو راكع .. والقائد الذي يقبل الأيدي لايصح منه أن يتحدث
عن اذلال اسرائيل وتركيعها على يد أردوغان .. فالذليل لايحاضر في معنى الانتصاب بل
في معنى الركوع .. ووظيفة اسماعيل هنية وخالد مشعل تحولت من مقاومين الى عاملي
تنظيفات وتشريفات ومراسم الشرق الأوسط .. فهما ينظفان الشوارع السياسية من قاذورات
السياسيين ويعملان في المراسم والتشريفات للسياسيين براتب معلوم .. وبهما تحولت
حماس من علبة رصاص الى علبة ماكياج للمشاريع الفاشلة .. فيها أحمر الشفاه بدل الدم
.. والمساحيق بدل البارود ..وصوت تقبيل الأيدي بدل صوت الصواريخ..
مناورات اسرائيل:
اسرائيل التي تتبجح كل يوم وتسرب أن الجيش السوري قد خرج من المعادلة وتزغرد
معلنة قدوم عهد مابعد الأسد تتصرف بعكس هذا المنطق تماما .. فهي تسور نفسها
بالجهاديين والاسلاميين .. وقد ساعدت في رسم حزام جهادي رفيع بطول 25 كم بين
القنيطرة والجولان آملة أن يمتد الى مسافة 80 كم هي طول الحدود الجولانية .. ثم
عززت ذلك بنصب بطاريات باتريوت .. والسؤال هنا .. هل بطاريات الباتريوت في الجولان
لاسقاط صواريخ جبهة النصرة أم صواريخ الجيش الحر الذي تعهدت قياداته بالتخلص من
المخزون الصاروخي والكيماوي السوري وقصم ظهر عديد الجيش السوري في حال وصولها الى
السلطة !!
لاصواريخ تخيف اسرائيل الا صواريخ الجيش العربي السوري الذي تروّج
اسرائيل أنه قد خرج من المعركة فاذا بها تستعد لملاقاته بالباتريوت !! واذا كانت
اسرائيل تريد الهبوط عن الهضبة نحو دمشق لاسقاطها في عملية منسقة مع تركيا أو
الناتو مستقبلا فلماذا تسور نفسها بالجهاديين ان كانت تخشاهم بدل ترك المنطقة خالية
من كل شاغل لها؟؟ ..هذا الحزام الجهادي هو نسخة طبق الأصل عن نسخة جيش لبنان
الجنوبي الذي شكلته اسرائيل في الماضي لأنها تستعد لمرحلة بقاء الأسد الذي سيستدير
اليها حال انتهائه من المسلحين .. ليجد في وجهه جيش سورية الحر الجنوبي .. وهو
المنطقة العازلة التي تنوي اسرائيل بناءها ..
هذا أيضا دليل قاطع على أن اسرائيل
تهيء نفسها ليس لمرحلة مابعد الأسد بل مابعد انتهاء الثورة .. ثورة الأرملة السوداء
..
ومما يلفت النظر في مشهد اليوم ويجر الأسئلة من أذنيها
الينا هو الصمت المريب الذي يلتزمه محور المقاومة.. تعذر هذا الصمت المريب على
الفهم ولكنه سبب من أسباب القلق العميق في عواصم الشرق والغرب .. وهو أحد أسباب
اطمئنان الكثيرين وأنا منهم .. فحتى هذه اللحظة ورغم كل استفزازات الثورجيين لم
يتحرك حزب الله ولم تتحرك ايران رغم كل ماقيل وماسيق من اتهامات بالانخراط في
الأحداث وقد عجز كل رهط الثورجيين عن الاتيان بدليل قاطع على ذلك مثل تصوير مشاة
ايرانيين يرتدون الزي العسكري ويتحدثون في أحد شوارع مدينة سورية ..
اذا لايزال تحرك محور المقاومة بعيدا عن الانفعال وعن
الانخراط في الحدث رغم أن منطق الأشياء يقول بأن سقوط سورية يعني بالمطلق انهيار
حزب الله وهو الغاية الرئيسية من الربيع السوري .. وسقوط حزب الله وسورية يعني تآكل
ردع ايران وانكفاءها خلف الأسوار لأن الموجة الاسلامية الطائفية ستتوجه لها ..
وانكفاؤها خلف شط العرب يعني الاختناق بانقطاع الاكسجين .. فهي عندها محاصرة من كل
الجهات .. وقصبة الهواء التي كانت تصل بين رئتيها والهواء هي سورية وحزب الله
..
فاذا كان حزب الله وايران يريان أن الوضع العسكري السوري
مقلقل فلن يترددا في دخول المعركة لأنها لحظة حياة او موت لهما .. وقد رأينا جميعا
في حرب لبنان عام 1982 عندما دمرت الدفاعات الجوية السورية في لبنان وسقطت 80 طائرة
سورية واندفع شارون نحو محاور قد يصل منها الى دمشق كيف قبل السوريون بالجنود
الايرانيين والمتطوعين الذين تدفقوا للمشاركة في قتال الجيش الاسرائيلي وايقافه في
لبنان وهو يجتاح الجنوب اللبناني ويتقدم نحو بيروت .. ورأيت قوافل الجنود
الايرانيين وطوابيرهم بنفسي في شوارع دمشق وهم يتوجهون للقتال في لبنان آنذاك ..
ولكن الوضع العسكري السوري الحقيقي الآن في الأحداث السورية لايزال في منتهى البأس
.. والا لوجدنا فرقا عسكرية ايرانية حول دمشق لحمايتها وعلى حدودنا مع تركيا .. ولن
نحاول اخفاء ذلك عندها لأنها قضية حياة او موت وطن .. ومايتسرب هو أن القيادة
العسكرية الايرانية عرضت في غير مرة ارسال فرق كاملة على ضفاف الجولان تحديدا
ولتشكل عامل توازن ورعب لمنع أي مغامرة اسرائيلية لمساندة التمرد عسكريا ولكن
الجواب السوري كان الثقة المطلقة بالامكانات العسكرية السورية في ظل دعم روسي
لايتوقف ..ويحضرني هنا قول عسكري سوري رفيع يقول ان مالدينا يبعث على الاطمئنان
الشديد رغم كل مايقال..
الحليف الروسي الذي لاأحد يعرف كيف يتحرك ينظر الى سوريا
ليس على أنها مجرد قاعدة بحرية في طرطوس لأن الثورجيين ذهبوا الى موسكو وعرضوا
تأجير كل ميناء طرطوس للبحرية الروسية لمدة 99 سنة (وسماها أحد قادة المعارضة
بعبقريته "عرض هونك كونغ" الذي تم احترامه لأنه يشبه عرض تأجير الصين لمستعمرة هونك
كونغ للتاج البريطاني لمدة 99 عاما انتهت منذ عدة سنوات وعادت الى السيادة الصينية)
..
الروس يرون في سورية أكبر حاملة طائرات ثابتة على الأرض وفي ظل أكثر فترات الفتور
بين سورية وروسيا في عهد بوريس يلتسين فان الجنرالات الروس كانوا يحذرون قيادتهم من
خطيئة خسارة الموقع السوري .. علاوة على أن الموجة الاسلامية ان تدفقت الى دمشق
فانها ستتدفق في الفناء الروسي الاسلامي وفي داخل الحديقة الأمنية الروسية ..
والروس
سيمنعون سقوط الدولة السورية بالقوة والحالة الوحيدة التي لايستطيعون مواجهتها هي
سقوط النظام الحالي بالانتخابات..
ولكن لماذا لاتتفجر الحرب بين سورية وحلفائها من جهة
واسرائيل وتركيا وحلفائها من جهة أخرى؟؟ يقال ويتردد كثيرا ان الجواب هو في معادلة
دولية وتفاهم دولي تعهد فيه الروس بعدم دعم مهاجمة اسرائيل (مالم تبادر هي الى
الهجوم المباشر عندها سيوفر الروس مظلة واسعة للرد السوري) وتعهد الأمريكيون بعدم
السماح بتدحرج الناتو وتركيا الى النزاع السوري مباشرة .. ولذلك بقيت اسرائيل في
حالة استرخاء رغم كل نداءات الوطنيين السوريين لشن هجوم على أقوى محركات التمرد
الثوري في تل أبيب وبقي أردوغان يجعجع وهو مطمئن الى أنه محصن من الغضب السوري
ومحوره لأنه لم يدخل مباشرة في النزاع .. وبقيت تلك الاطلالة الجوية الاسرائيلية
الخاطفة ولثوان في غارة جمرايا أقل من مستوى الانخراط المباشر في الحرب حسب توصيفات
(التفاهم) والفهم الروسي وهو الذي لجم الرد السوري حتى الآن كما يقال .. والغريب
الذي يفاجئ كل المطلعين هو أن الحرب حتى هذه اللحظة ان حدثت فستكون كارثة على
اسرائيل .. حالة يتحرق اليها صناع القرار من طهران الى مارون الراس مرورا بدمشق
ويتحرقون لخروج اسرائيل من مظلة التفاهم الدولي التي تحميها حتى هذه اللحظة ..ولكن
اسرائيل لن تخرج من تحت المظلة ..ومن هنا نفهم حالة الصمت المريب لمحور يصمت كثيرا
وعندما يتكلم تسقط الجيوش التي لاتقهر ..انه صمت الأقوياء الذين يعرفون متى يتحركون
.. ويعرفون ماذا لديهم..
لذلك فان التكتيك الثوري الحالي يقوم على خلق حالة من
النقمة الداخلية على الدولة السورية واحراجها عبر المذابح المقصودة وقتل المدنيين
بالسيارات المفخخة وبقنابل الهاون وبعض القذائف الصاروخية وهي اقتراح اسرائيلي
منبثق من العقيدة الاسرائيلية التي تقضي بأن يتم ارهاق المدنيين فيتذمرون ويضغطون
على الحكومات لتلبية مطالب بعينها .. سياسة طبقتها اسرائيل في لبنان ضد حزب الله
والفلسطينيين .. فعند أي هجوم على هدف اسرائيلي كانت اسرائيل تشن غارة انتقامية على
بيروت وتدمر محطات الكهرباء والوقود وتقصف منشآت مدنية .. فيضطر المقاتلون
للاستجابة للضغط الشعبي بالتوقف عن استفزاز اسرائيل حتى نشأ تيار كامل في لبنان من
الطابور الخامس الذي بحجة حرصه على لبنان فانه يريد تجريد المقاومة من سلاحها كيلا
يبقى ذريعة اسرائيلية للهجوم ..يتمنى القتلة أن يصل الشارع السوري الى محاولة خلق
نفور من القيادة الحالية وبروز شخصية سورية تنسب لها البطولة وتلمع .. ويجتهد
الثورجيون كثيرا في صفوف الموالاة ويلبسون لباس الموالاة وينشرون تأففهم وتذمرهم بل
ويعتقدون أن زعزعة الطوائف وشقها قد ينجح عبر دفع شخصيات ومؤتمرات الطوائف لانهاض
دعوات تمرد تتهم الأسد باللين .. لكن كل ذلك فاشل سلفا لأن السوريين لاينظرون الى
القضية الا على أنها قضية كرامة وطنية خالصة .. فمثلا كان من المهين لجميع السوريين
دون استثناء أن يتم تعيين رئيسهم معاذ في قطر ورئيس وزرائهم هيتو في واشنطن ..
بل
وربما سيفاجأ الجميع أن السوريين أحسوا بالاعتزاز بدولتهم ورئيسهم بعد مؤتمر القمة
العربي في الدوحة لأنه ان كان هناك من وصف يستحق أن يطلق على قمة العرب الأخيرة رغم
مافيها من "عقود النكاح الجهادي" فانه بلا شك (قمة الرئيس بشار الأسد) .. طبعا
لاداعي للاشارة الى ان كل الديكورات اللفظية عن القضية الفسطينية والمليارات
والتنديد باسرائيل هي من لزوميات بيانات الجامعة العربية .. وغيابها عن ثرثرات
العرب هو مؤشر على غياب النفاق لدى العرب وهذا محال .. لأن العرب لايتخلون عن
نفاقهم .. وهم لايتخلون عن شراشف فلسطين للتغطية على الغاية النهائية من هذا
المؤتمر .. والغاية هي الرجل الذي ملأ قصور الخليج العربي هما وغما .. ودخل في
كوابيسهم .. وتسبب في تعكر أمزجة السلاطين والدول .. هذا الرجل الذي تقف أنابيب
الغاز العالمي والخرائط الجيوسياسية وسنوات نفوذ القرن الواحد والعشرين لتعرف طريق
رحلتها .. تنتظر اذنه لتعرف طريق سيرها وموانئها.. وبسبب هذا الرجل لايستقر ربيع
العنكبوت..
الرجل الغائب عن القمة كان هو القمة .. اجتمعت كل هذه
الدول وكل هؤلاء القبضايات العرب من أجل رجل واحد .. فليس في قرارات القمة
وشكلياتها وبيانها اي فرق منذ 60 عاما الا مايتعلق بهذا الرئيس .. وأتحداكم لو
سألتم أي مواطن عربي من المحيط الى الخليج استمع الى البيان الذي قرأه بن حلي ان
كان يذكر كلمة واحدة فيه فانه لن يتذكر كلمة واحدة فيه سوى ماذكر عن سورية وهي بشكل
مبطن ماقصد به الرئيس الأسد .. وهذا دليل على أن القمة هي قمة الرئيس الأسد وسورية
..
غياب القادة الكبار عن القمم يجعلها لقاء للسكر والعربدة
والحفلات القاصفة .. وربما كانت هذا الوصف هو قلب الحقيقة وسيصيب البعض بالمرارة
والغضب .. فرغم الحرص الشديد على تغييب اسم الأسد .. فكل هذا المهرجان وكل هؤلاء
القبضايات وبالرغم من كل الاضافات اللفظية والنشاطات الجانبية للعرب فان من السذاجة
انكار أن هذه القمة عقدت من أجل رجل واحد ..هو الرئيس بشار الأسد .. الذي لاشك كان
في مكتبه الرئاسي يشرب قهوته الساخنة في تلك الساعة بالذات التي كان المجتمعون فيها
يثرثرون ويخططون ويطلبون الناتو .. وهو يقلب بين يديه تفاصيل حاسمة عن النقاط
الرئيسية في فض عروض اتفاق الشرق الأوسط الجديد الذي سيخيب أمل الثورجيين وعربان
الخليج كثيرا .. ولو رآها المجتمعون في الدوحة لأقفلوا دوحتهم بالشمع الأحمر وعادوا
..لأن الاتفاق عليها ان تم فعلا سيجعل الأفواه الثورية تتدلى ..كثيرا ..وعيون
العناكب تجحظ ..كثيرا ..
Top of Formتهديدات إسرائيل بالحرب... والخطة الأميركية
ضد سوريا...د.امين حطيط
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment