الطبل في الدوحة .. والعرس في بابا عمرو
أوقات الشام
نادر العلي
تصدر مؤخرا خبر احتلال المعارضة السورية مقعد سورية في جامعة الدول العربية وحضورها قمة الدوحة كـ “ممثلة للشعب السوري” جل اهتمام وسائل الإعلام العربية والدولية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعية على الانترنت. الخبر الذي انتشر كما النار في الهشيم جاء لتسويق “انتصارات” وهمية في الفضاء السياسي من خلال خلق ضجة إعلامية تغطي الإخفاقات المتتالية للمعارضة السياسية والمسلحة على حد سواء، فالصراعات والتناقضات التي تعيشها المعارضة السورية عموما والخارجية منها خصوصا وصلت إلى أوجها في الآونة الأخيرة لم يكن آخرها استقالة زعيم “الائتلاف السوري” معاذ الخطيب، التي لن يتأخر بالعودة عنها حسب رأي بعض المحللين ليس بسبب رفضها من “الائتلاف” بل لكسب ميزات أكبر من الدول الداعمة له، هذا الرأي يؤكده قرار الخطيب بالتوجه إلى الدوحة لـ”تمثيل” سورية في القمة العربية على رأس وفد من ثمانية أشخاص. القرار الذي جاء بعد محاولات دبلوماسية عربية عبر اتصالات خاصة مع الخطيب تعمل على ثنيه عن الاستقالة لإنجاح حضوره شخصيا “ممثلا للشعب السوري” بدلا من الرئيس بشار الأسد في اجتماعات القمة التي يسعى القائمين عليها إلى إخراج القيادة السورية من النظام الرسمي العربي.
جهود مشيخة قطر كانت حثيثة منذ تسلمها رئاسة القمة لإصدار قرار يقضي بالموافقة على تمثيل سورية عبر أقطاب المعارضة، فلا تحفظات العراق والجزائر ولا نأي لبنان عن نفسه كانت لتثني قطر عن هدفها في كسب نقاط هذه الجولة ضد القيادة السورية في دمشق فكان أن أقنعت الخطيب بحضور القمة نزولا عند رغبة بعض الوزراء العرب الذين دفعوا بقوة لتمكين الخطيب تحديدا من وراثة مقعد سورية في مؤسسة القمة وليس غسان هيتو “رئيس وزراء الحكومة المؤقتة”.
شرذمة المعارضة السورية في الخارج الموروثة من شرذمة قوادها لم تكن أفضل حالا من الجماعات المسلحة التي تقاتل في الداخل السوري، فهذه الجماعات تعيش تقهقرا بعد إحكام سيطرة الجيش العربي السوري على عاصمة الأمويين ومداخلها وإفشال هجمات الجماعات المسلحة عليها، إضافة إلى توغل الجيش السوري في بعض المناطق التي كان يسيطر عليها المسلحون وإعادتها إلى سلطة الدولة السورية كان آخرها سيطرته على حي بابا عمرو في حمص، الحي الذي يمثل رمزا للجماعات المسلحة. سقوط بابا عمرو بقبضة الجيش السوري لم تكن الضربة الوحيدة التي تلقتها الجماعات المسلحة فالصراعات المحتدمة بين تلك الجماعات أودت برياض الأسعد زعيم “الجيش الحر” مبتور القدم في أحد المستشفيات التركية.
التقهقر الذي تعيشه الجماعات المسلحة في معظم المناطق السورية والضربات الموجعة التي تتلقاها من الجيش العربي السوري عكسته قذائف الهاون التي تطلقها عشوائيا على المدنيين في معظم المدن السورية ودمشق خاصة، فوتيرة تلك القذائف ارتفعت مؤخرا لتسجيل نقاط ميدانية لاستثمارها في قمة الدوحة سياسيا.
قمة الدوحة التي سيهيمن عليها الملف السوري سجلت (حتى قبل انطلاقها) خطوة خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ العمل العربي المشترك بعد منحها مقعد دولة ذات سيادة لمعارضة لا تحظى بإجماع بين أطيافها المتعددة وتجري داخل صفوفها عملية تصفية حسابات ولا تمتلك قاعدة شعبية في الداخل السوري كما ترفض القوى المقاتلة على الأرض الانصياع لقرارات رئيس حكومتها المنتخب.
أكثر المتفائلين بالجامعة العربية ودورها لا يستطيع نكران أنها أمست هيكلا حافيا أفرغته “الثورات العربية” من دمائه وانتهت حياته “سريرا” منذ أن أبعدت سورية عن عملية إنعاشه. قمة الدوحة ستحظى بصخب إعلامي منقطع النظير وسيحتفل بـ”قامات” المعارضة كالداخلين على روما، لكن العرس يبقى في سورية والهدير دائما للأقدام التي “تدبك” في بابا عمرو..
- مقتل صهر حمد بن جاسم وهو المسؤول عن تجنيد المرتزقة في اليمن للقتال
- وفاة أحد عناصر ميليشيا الحر العميلة في مستشفى نهاريا الاسرائيلي
- حظيرة أصحاب اللحية والعمامة .. وقمة الحضيض والقمامة
- دول "بريكس"في بيانها الختامي : نعارض عسكرة النزاع في سورية
- نشر مجموعات ارهابية للسيطرة على حزام جغرافي على الحدود مع هضبة الجولان
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment